أضواء
انتهى بن لادن كشخص تحصن بالمغارات وحماية دول ومنظمات، باعت من خلاله دول وهيئات، ثم اشترت، وكان كنزاً كشبح يحوم على الدول الكبرى والصغرى، لاحقته الأجهزة السرية من دول متحالفة ضد الإرهاب، وحمته أخرى لاستنزاف دول كبرى، فعقدت الصفقات من خلاله ومن وراء ظهره، واستطاع أن يكون رمزاً بطولياً لمريديه، وسرطاناً لأعدائه..انتهى جسدياً، وبقي كنز المعلومات التي حصلت عليها أمريكا في كشف أسرار هذه المنظمة الإرهابية، التي حاولت الحصول على أسلحة غير تقليدية، وسجل انتشارها العالمي مشكلة لملاحقتها، وقد استفادت من التقنيات المتعددة بالتواصل المباشر والسري باستخدام الثغرات والرسائل الإيحائية، وستكشف طبيعة تركيبته هذه المنظمة وقياداتها وأعضاءها المباشرين، والخلايا النائمة والمستيقظة، ومصادر الدعم المادي والسياسي، بمعنى أشمل أن الثروة الهائلة من المعلومات ستفجر العديد من المفاجآت والملاحقات، ولعل أبرزها التعاون مع إيران الذي أشارت إليه التقارير الأمريكية، ثم إذا كان لباكستان من تواطؤ أدى إلى استنزاف أمريكا مادياً في إطالة عمر الحرب، من خلال المعونات والقروض التي أعطيت لها باسم الحصول على أسامة بن لادن حياً أو ميتاً، فإن فقدانه سيكون خسارة لها.الدولة العظمى بما تملك من قدرات ومراكز تحليل وبحث،سوف تجد في هذه الوثائق ما يغير إستراتيجيتها أمام مكافحة الإرهاب، والذين يقبعون بالسجون العالمية على ذمة التوقيف والتحقيق لمجرد الشبهات، ربما تؤكد هذه الوثائق تورطهم، وبالمقابل فإن التغيير السريع الذي تفرضه الحادثة على تنظيم القاعدة بإعادة النظر في الواقع، والتحرك بتغيير المواقع والأسرار المستخدمة، قد يظل بطيئاً للخوف من مراقبة وسائل الاتصال ومواقع التخفي وتركيبة التنظيم في كل بلد خضع لتعاليم وأوامر قائد التنظيم..المخاوف من انتقام سريع للقاعدة في أماكن عديدة أمر مفترض لأن الخسارة كبيرة، لكن قد تكون التركة ثقيلة على من يعطي التعليمات مع تنفيذها ومدى قبولها عند القيادات المتوسطة والدنيا، بل ربما تحدث انقسامات ومشاجرات وشكوك تطال عناصر بالقاعدة على أنهم عملاء، دلوا الأمريكان على الموقع المحصن لبن لادن، وهي حالة أي تنظيم كبير أضاعته متاهة النزاعات المختبئة والمسكوت عنها، خشية أن تؤثر على سير العمليات، لكن فقدان بن لادن سيشكل القضية المعقدة للتنظيم والمستهدفين فيه..فإذا كان ما وجدته أمريكا في حوزة زعيم القاعدة سيكشف كل الأسرار بحكم مركزية العمل وهيمنة الرئيس، فإن مثل هذا التفكير غبي وساذج، باعتبار أن موقع المعلومات يجب أن يكون بعيداً عن أي شخص معرض للملاحقة والقتل، لكن ما ستكشفه الأيام قد يكون الضربة الأخرى، التي ستعري دولاً وهيئات وأشخاصاً ظلوا على اعتقاد راسخ بأن عداءهم لأمريكا هو الذي وحدهم خلف القاعدة.[c1]*عن صحيفة ( الاتحاد الإماراتية )[/c]