القاهرة/متابعات: صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة النسخة العربية من كتاب (ملاحظات حول تعريف الثقافة)، من تأليف (ت إس إليوت)، وترجمة شكري عياد.في البداية يطرح (ت إس إليوت) تساؤلاً مبدئياً :(هل هناك شروط ثابتة، إذا تخلفت فليس لنا أن نتوقع قيام ثقافة راقية؟)، ويجيب، إجابة طويلة، هي كتاب (ملاحظات نحو تعريف الثقافة) وهو بذلك، حسب المترجم شكري عياد، يقدم نظرية، إن لم تكشف لنا عن عوامل نمو الثقافة فهي تكشف، على الأقل، بعض أسباب تدهورها.حاول المؤلف أن يفرق بين الاستعمالات الثلاثة الرئيسة لكلمة ثقافة، ويخلص إليوت إلى نتيجة مفادها أنه (لم تظهر ثقافة ولا نمت إلا بجانب دين) ومن هنا تبدو الثقافة نتيجة من نتائج الدين أو الدين نتيجة من نتائج الثقافة، طبقًا لوجهة نظر الناظر. وهو الأمر الذي يعلق عليه شكري عياد في مقدمته للكتاب، فهو لا يختلف على فكرة الارتباط بين الثقافة والدين، ويرى أن لا أحد من الباحثين ينكرها، إلا أنه يأخذ على إليوت تأكيده هذا الارتباط تأكيداً يمحو الفرق بين الثقافة والدين، أو يجعلهما مترادفين في كثير من الأحيان.يرى إليوت أن الأنماط الثقافية تجمعها وحدة واحدة، فهناك ثقافة إنسانية تنظم البشر جميعاً، وهناك ثقافة محلية تميز أهل قرية عن أهل القرية المجاورة لهم، وبين تلك النوعية الصغيرة وتلك الوحدات الشاملة هناك درجات متفاوتة من الوحدة، منها ما يجمع الإقليم والقطر، ومنها ما يجمع الفئات المتماثلة في الأقطار المختلفة، ووجود الأنماط العامة وازدهارها ضرورة لوجود الأنماط النوعية وازدهارها،كما أن العكس صحيح، في حين أن التراث الثقافي يزداد غنى بمساهمة الأنماط المتنوعة فيه، حيث يرى أن الوحدة الثقافية يجب أن تكون وحدة عضوية، لا مجرد حاصل جمع الثقافات النوعية الداخلة في تكوينها.إن الوحدة التي تعنيه هنا، ينبغي أن تكون وحدة لا شعورية إلى حد كبير، ومن ثم فخير طريقة لتناولها هي النظر في دورب تنوعها النافعة.كما أن الثقافة المشتركة لا تظهر ظهوراً فعلياً إلا في صور محلية شتى، مع التأكيد على الطموح إلى ثقافة عالمية مشتركة، لا تقلل من خصوصية الأجزاء المكونة لها. وهو ما قد يواجه بمشكلة الدين؛ فالأديان المتعارضة تعني، آخر الأمر، ثقافات متعارضة، والأديان لا يمكن، بحال، التوفيق بينها؛ لذا فواجب علينا أن نبقى مخلصين للمثل الأعلى للثقافة العالمية، خصوصاً إذا واجهتنا حقيقة الصعوبات التي تجعل تحقيقها مستحيلاً من الناحية العملية.
أخبار متعلقة