الأسرة والمدرسة يؤديان الدور الأكبر في ترسيخهما في نفوس الأجيال:
إعداد/محرر الصفحة إن مشروع تنمية الوطنية والمواطنة في نفوس الأطفال وخصوصا في الظروف السياسية الراهنة والصعبة التي تعيشها بلادنا في الوقت الراهن وما يترتب عليه من عواقب وويلات لا يحمد عقباها، يستدعي مشاركة كافة شرائح المجتمع وبالأخص العقلاء والكبار في كافة مؤسسات المجتمع ومنها الاجتماعية والتربوية والإعلامية ، للحديث عن أهمية ترسيخ الوطنية لدى الأطفال عبر الوسائل المختلفة. وتلعب المدرسة دورا كبيرا في تنمية الوطنية والمواطنة في نفوس الأطفال انطلاقا من أن الوطنية والمواطنة بمنزلة الهدف من التربية ككل ، إذ لا معنى أن تعد مهندساً أو معلماً ، أو طبيباً أو محاسبا بتزويده بالعلم فقط ، دون المساهمة في بناء شخصيته كمواطن يقوم بدوره الذي يمتد أبعد من حدود مهنته ، وأحيانا أبعد من حدود دولته .ويمكن أن تحقق المدرسة تربية الأطفال على الوطنية والمواطنة من خلال ما يلي :- [c1]وسائل تعزيز الوطنية والمواطنة في نفوس الأطفال -1 تعريف الأطفال فئتين من السلوك ( الحقوق والواجبات ):-[/c]ويتطلب ذلك تزويد الأطفال بالمهارات اللازمة لفهم الحقوق والواجبات ، والحقوق تشمل كل ما يكفله الوطن لهم من حقوق،و يتم تعريفهم بحقوق غيرهم من فئات المجتمع بدءا من ولاة الأمر والعلماء مرورا بالفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والوافدين ، وغير المسلمين ، وغير ذلك ممن لهم حقوق ينتظرون من الآخرين أداءها ، ويتطلب ذلك تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة لأن يفهموا حقوق الآخرين ، ويؤدوا لكل فئة حقوقها على خير وجه ، وهذا- لا شك - يساعد على إيجاد مجتمع متسامح ومتواد وآمن أما واجبات المواطن التي يجب أن يفهمها كل طالب ويؤديها على وجهها الأفضل فتشمل أمورا منها:- تحمل المسؤولية المشتركة ، بحيث يشعر الطالب بأن تلاحم هذا المجتمع وصلاحه ونموه مسؤولية كل فرد فيه.
- المشاركة في صنع القرار بالطرق المدنية التي تقرها أنظمة الدولة ، ليشعر أن رأيه مسموع ، وأن قدراته مستفاد منها .- المشاركة في إصلاح المجتمع بالطرق التي يقرها أولو الأمر وأصحاب الشورى ، لحفظ المجتمع من الانزلاق في سبل الإصلاح غير المشروعة ، ويلزم هذا تبصيره بطرق الحوار ووسائل إبداء الرأي ، والتأثير في اتخاذ القرارات التي تمس المجتمع ، وتعويده التعامل مع وجهات النظر المخالفة وسبل حل الخلافات في الرأي أو في المصالح .- المشاركة في تطبيق النظام بحيث يرشد الطالب إلى أهمية القيام بسلوك المواطنة ، وأهمية المسؤولية الفردية ، وضرورة أن يبدأ بنفسه قبل الآخرين ، كما يمكن تزويد الطالب بالأساليب التي يمكن أن يتخذها عند رؤية من يخالف النظام ، بحيث يشعر الطالب بأن أي مخالفة للنظام في أي مكان ولو كانت صغيرة هي خروج على الجماعة ولو بشكل يسير ، وأن هذا الخروج قد يهدد النظام على المدى البعيد حال التساهل به . - المشاركة في تقويم من يخرج على النظام ( الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر) بالطرق التي تقرها الدولة ، بحيث يزود الطالب ويدرب على أساليب تناسبه ، وتلائم البيئة المدرسية ، وتساعد على تنفيره من مخالفة سلوك المواطنة ، وبالتأكيد فإن على المدرسة ضرورة تدريب الطلاب عمليا على حفظ النظام داخل الفصول وداخل المدرسة .[c1] تعويد الأطفال على التعايش والتعاون مع جيرانهم [/c]ويمكن تحقيق ذلك من خلال ربط الطالب بفكرة أن المجتمعات الإنسانية كلها جاءت من نسل واحد وهو آدم (عليه السلام ) ، وأن الإسلام دعا إلى تكريم الإنسان مهما كان جنسه أو عرقه أو لونه أو دينه وربط الطالب بفكرة أن الكرة الأرضية أرض مشتركة لجميع البشر مهما اختلفت ألوانهم ومعتقداتهم وأديانهم الى جانب تعريف الطالب بأننا نعيش في عالم تحكمه مجموعة من الأهداف والمبادئ الدولية المشتركة وأيضا إلقاء الضوء على بعض النجاح الذي تحقق في مجال التعاون الدولي ( الصحة ، العلوم ، التعليم ، الاقتصاد ).ومن جهة اخرى تتمثل في كيفية إبراز الدور الهائل لوسائل الاتصال والمعاهدات التجارية والتشريعات الاقتصادية في إقامة علاقة قوية بين الدول.[c1]تربية الأطفال على الشورى[/c]وهذه التربية تعمل على تنمية قيم التسامح والحوار وتقبل وجهات نظر الآخرين ، وطاعة قرارات الأغلبية ، وغيرها من القيم والمهارات التي لا بد أن يكتسبها المواطن لكي يستطيع التفاعل مع الآخرين في الأسرة، والمدرسة ،والمجتمع وإلا ستكون التفاعلات مشوبة بكثير من الصراع ، والصراع لا يولد مجتمعاً متماسكاًحيث يمكن للمدرسة استخدام المداخل التالية في تربية الأطفال على الشورى .:- أ- المدخل المجتمعي :- ويعتمد هذا المدخل على إشراك جميع الطلاب والمعلمين ، ويتم ذلك من خلال المشاركة المباشرة ، ويتميز هذا المدخل بأنه يشرك جميع الطلاب في تحمل المسؤولية من خلال تحديد المعايير المشتركة،وإدراك معنى الجماعة ، ويتفهم الطلاب النموذج الشوروي من خلال ثلاث مراحل :- - أن يشعر كل طالب بأنه حر في التعبير عما في ذهنه والدفاع عن مصالحه الخاصة .- أن يعتاد الطلاب على الاستماع للآخرين واحترامهم والاهتمام بما يقولون ، والتفكير في ما هو أصلح للأغلبية .- أن يعتاد الطلاب الحوار المفتوح مع الاهتمام بوجهة نظر الأقلية والجماعة ككل .ب- مدخل مجالس الطلاب :- يقوم هذا المدخل على شورى نيابية تضمن لمجموعة مختارة من الطلاب الدخول في خبرة من الحوار العلني .ج- أنشطة المناهج الإضافية : (وهذه الأنشطة تسمح بالمبادرات الطلابية وتحمل المسؤولية فمثلا الأنشطة الرياضية فرصة للتربية على الشورى من خلال بناء الشخصية ، ولكن الأمر يتوقف على المعلم وتركيزه على تنمية بعض الصفات مثل الأمانة والتعاون ، والتوجيه الذاتي أثناء اللعب ) [c1]تربية الأطفال على السلم والتسامح[/c]وتهدف التربية على السلام بصفة عامة إلى تحسين الفهم والاحترام بين الثقافات المتنوعة ، وتحسين العلاقات بين المجموعات العرقية ، وبين الأمم المختلفة وإزالة كافة أشكال التمييز الثقافي والعرقي والعنصري وتعليم القواعد الضرورية للعلاقة المنسجمة والسليمة بين الأمم والناس ، وتشجيع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحرياته ، واحترام الحق في التطور والتنمية وتشجيعه ، واحترام حرية أي فرد في التعبير ، والحصول على المعلومات والتفاوض من أجل حسم الصراعات ، والتمسك بمبادئ : الحرية والعدالة ، والتسامح ، والتعاون ، والتعدد الثقافي ، والحوار والفهم .وللمنهج التربوي مسؤوليات عدة يجب أن يقوم بها في مجال تربية السلام أهمها :-- أن يؤكد عدم وجود تعارض بين الوطنية والإنسانية ، فيكتسب الطلاب مقومات الانتماء للوطن ، متمثلا في الولاء للأسرة والمجتمع المحلي بمصالحه ومؤسساته والمجتمع الوطني بمنظماته وهيئاته ، ويكمل ذلك بالانتماء العالمي ، وتنمية مسؤولية الأطفال وتربيتهم بما يحقق البعد الإنساني الذي يقوم عليه المجتمع الدولي.ولذلك ينبغي أن يتضمن المنهج التربوي عدداً من الموضوعات التي عن طريقها يمكن تحقيق أهداف تربية السلام وصنع الإنسان الدولي على أن يتم تنفيذها عن طريق التدريب والممارسة في مواقف إجرائية حياتية تتم داخل المدرسة وخارجها ، ومن أبرز الجوانب التي يجب أن يتضمنها المنهج :- - المعرفة : حقوق الإنسان، والبيئة ، ونبذ العنف ، والعدالة ، والحرية ، والمشاركة ، ورفاهية الإنسانية . - الاتجاهات :- التسامح ، واحترام النفس ، واحترام البيئة ، والوقاية والإدراك . - المهارات :- القدرة على التفاوض ، والقدرة على الضغط ، وتقييم المشاعر الشخصية ، وتقييم مشاعر الآخرين ، وحل الصراعات ، والاستماع ، والإنصات - الخبرات الإنسانية بمعناها الواسع ، مع مراعاة أن تبدأ دراستها مبكرا في رياض الأطفال والسنوات الأولى للمرحلة الابتدائية ، وتمتد للمرحلة الثانوية. - بعض المشكلات الدولية وأسبابها ، التطرق الى المجتمعات والحضارات والأنشطة الإنسانية للأخذ بيد الطفل نحو عالم اليوم والمستقبل . - خصائص الناس من حيث تشابههم واختلافهم ، واهتمامهم بالآخرين ، ليتعلم التلميذ أهمية احترام الناس مهما كانت تبايناتهم المعيشية والاقتصادية ومهما كانت الفروق الفكرية والأيديولوجية بينهم . - تطوير فلسفة عالمية تؤكد القيم الإنسانية الدولية .- تربية المتعلم على الحياة في مجتمع يقوم على التسامح والقيم السامية ، ويرفض التعصب العرقي والديني والعقائدي . - إكساب المتعلم مقومات التنشئة التي تسهم في جعله يؤمن بوطنه القومي ، وبوطنه العالمي الإنساني ، ما يحقق في المتعلم سلوكا فعالا ومتغيراً إزاء المشكلات ، واهتماماً بالمشاعر والحقائق على قدم المساواة .
وإذا كانت المدرسة عاملاً مهما في القضاء على التناقض القيمي . والصراع الثقافي بين أفراد الأمة الواحدة ، فإنها يمكن أن تؤدي هذا الدور على المستوى العالمي ، لتسهم في التعاون والسلام العالمي ، وإذا كانت المدرسة ذات أهمية في أداء هذا الدور في الظروف العادية فإن دورها يزداد أهمية خلال فترات التحول الاجتماعية والتغير الثقافي ، حيث تنتقل المجتمعات من أوضاع اجتماعية مرتبطة بفكر وقيم وعوامل ضبط معينة وعوامل ضبط جديدة تحتاج إلى الفرز للانتقاء والاختيار من خلال الممارسة ، والتربية المدرسية هي وسيلة ذلك كله. [c1]ثانيا:- تحسين تعلم الوطنية والمواطنة :-[/c]إن المدرسة - كمؤسسة مجتمعية تربوية - تستطيع بكل متغيراتها أن تسهم بفاعلية في تحقيق الوطنية والمواطنة لدى الأطفال من خلال المناخ المدرسي والمقررات الدراسية ، وأسلوب وأداء المعلم ، وطرائق التدريس والأنشطة المدرسية .وفي ما يلي رؤية مقترحة يمكن للمدرسة من خلالها تحسين تعلم الوطنية والمواطنة :- [c1]تهيئة المناخ المدرسي للطلاب[/c]ينبغي تهيئة المناخ المدرسي المناسب الذي يسمح بتعلم وتدريس المفاهيم الموجهة للتربية الوطنية ، ويتيح المجال لمشاركة الطلاب والمعلمين في الأنشطة المختلفة ، فالعمل الجماعي والتعاون بين المعلمين والإداريين يسهل العملية التعليمية التي يقوم بها المعلمون ، وتزداد فاعليتهم وأداؤهم عندما تتوفر مختلف لوازم التعليم ، وتقدم الإمكانات المختلفة ، وتنفتح المدرسة على الخارج ، ولقد وجد أن المدرسة التي تسود فيها مبادئ الشورى والاحترام المتبادل للآراء والذات الفردية ، وترسيخ العلاقات الإنسانية الإيجابية وغيرها تؤدي إلى ترسيخ قيم التماسك الاجتماعي وانتماء وولاء الفرد لوطنه .وكذا يسعى المناخ المدرسي لتنمية مفهوم الوطنية والمواطنة وحب الوطن والولاء له من خلال الممارسات التربوية بالمدرسة وأن تكون سلوكيات المعلمين والمسؤولين بالمدرسة على درجة عالية من الأداء والكفاءة العلمية والتربوية ، حيث يتوقف عليها مدى اكتساب الطلاب لمشاعر الوطنية ، فكلما كانت الأساليب المتبعة في المدرسة يسودها الحب ، ومشاعر التعاطف الوجداني والتعاون ، والإحساس بالمسؤولية تجاه الطلاب ، كانت تتسم بالمسؤولية والجدية ، وساعد ذلك على نمو الذات وتحقيقها ، وكان الكبار محل احترام الصغار ويمثلون لهم القدوة ، وخاصة في التزامهم باللوائح والمعايير المجتمعية ، والتي من خلالها تدرك الحقوق والواجبات ، وتحدد معنى الحرية ، ويستطيع الطلاب اكتساب العديد من القيم والمفاهيم ، ويشعرون بفخر الانتساب والانتماء للوطن ما يوقظ فيهم مشاعر الوطنية والاستعداد للتضحية من أجل حماية الوطن. وأن يعكس المناخ المدرسي - من خلال أدوار ومسؤولية جيل الكبار بالمدرسة - مشكلات المجتمع وقضاياه محليا وعالميا ، وأن يسمح من خلال الحوار أن يناقش المعلمون مع طلابهم هذه المشكلات ، وتلك القضايا في جو يسوده التفاهم ، وحرية إبداء الرأي ، وحرية النقد الإيجابي ، ليصبح الطلاب على وعي بقضايا وطنهم ، ويتعاطفوا معه ، ويشاركوه مواقفه المختلفة ويساندوه في كل موقع . وأن يسعى المناخ المدرسي لإكساب الطلاب قيم ومفاهيم الشورى والعدالة من خلال الحوار ، والمناقشة ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، والنقد الإيجابي ، وحق التصويت وحق الانتخاب والترشح ، وكذلك اعتبار الذات ، كما يكسبهم قيم الجماعية ، التواد ، الالتزام حيث إدراك الحقوق والواجبات ، والالتزام بالقيم والمعايير الاجتماعية ، وإن كان للمقرر الدراسي دور في تدعيم هذه القيم والمفاهيم ، إلا أن على المناخ الدراسي مسؤولية بلورتها وترجمتها إلى سلوك فعلي يكون فيه الكبار حاملين لهذه القيم ومنفذين لها ، ويقتدي بهم التلاميذ ، ويساهم المعلمون أيضا في حسن إدراكها واستيعابها للاقتناع والتمسك بها والدفاع عنها ، وبذلك يمكن أن يحقق المناخ المدرسي فرصا إيجابية لعملية التنشئة السياسية ويسهم كذلك في إكساب الطلاب قيم الوطنية ويؤكدها لديهم .[c1]المقررات الدراسية[/c]وفي الأخير لم تعد الوطنية والمواطنة مسؤولية مادة الدراسات الاجتماعية فقط ، كما كان سائدا بل هي مسؤولية جميع المواد الدراسية وإن اختلفت درجة تحمل تلك المسؤولية ، وغرس قيم الوطنية والمواطنة أيضا لم يعد مسؤولية مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية وحدها كما هو سائد لدى البعض ، بل هي مسؤولية عامة تشترك فيها كل مناهج الدراسة من لغة عربية وتربية إسلامية وعلوم ورياضيات ولغة إنجليزية .11