أضواء
ثمة أسئلة جوهرية تدور في أذهان مواطني كثير من البلاد العربية حالياً حول مسألة التغيير والإصلاح، وقد أخذت تطرح نفسها، ومن هذه الأسئلة ما يتعلق بالمنهجية التي تدار وفقاً لها عملية الإصلاح، وما إذا كانت ذات طابع استمراري في عملها، وهل هي متناغمة مع الحالة العامة التي يعيشها المواطن العربي؟ صحيح أن ما حدث من حراك إلى الآن يعد قصيراً في زمنه، سياسياً وشعبياً، وفي مداه الإجرائي أيضاً، لكنه يبدو حافلاً بالرؤى والأحداث والمبادرات والمواقف والقرارات.. التي يرى أصحابها ومحركوها أنها تصب في مصلحة هذه الشعوب المتشوقة إلى التغيير والإصلاح، بل يراهنون على أنها ستبعث للحياة العربية وجهاً جديداً مشرقاً، وأن تغييراً حقيقياً سينبثق عن الحراك الجديد. ويرى نشطاء الإصلاح أن العرب ليسوا أقل شأناً من الأمم والشعوب التي تحررت من السلطوية، وأرست لنفسها ثقافة تنموية مستقلة ومفهوماً راسخاً للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وحققت إنجازات علمية وصناعية وضعتها في مكانة عالية بين أمم العالم. لقد شهدت المراحل السابقة بعض الاجتهادات والمحاولات الإصلاحية، لكنها كانت في مجموعها ومضمونها هامشية لا تلبي مطامح الناس وآمالهم، بل إن غالبيتها كانت تجري في ظل مناخ من الغموض والإحباط. والنخبة العربية اليوم، تتعرض لاختبار أمام العالم، لذلك ربما يتحتم أن يبدأ طريق الإصلاح أولاً من الداخل، وهو أمر يتطلب تغييرات في الفكر الإصلاحي والتنموي على نحو يمكن من تحقيق معادلة النهضة واللحاق بالأمم المتطورة. وأهمية المرحلة الحالية تكمن في الوعي بحاجة العرب إلى اكتساب القدرة على التخلص من الأخطاء والاختلالات التي تسم حياتهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية.. وإعادة رسم خريطة الإصلاح وفق منظور جديد يتم من خلاله إيجاد حلول ومخارج تضمن الوصول إلى تحقيق طموحات الشعوب ومطالبها في القرن الحادي والعشرين. لقد ارتهن العرب طويلاً لحالة من الركود والركون للشعارات والخطب الجوفاء، والمؤتمرات والخطط قليلة الأثر في مشاريع التنمية والإصلاح والنهضة. ويبدو أنهم اليوم بحاجة إلى رؤية جديدة في التعامل مع أسباب التخلف وعوامله، أي الكوابح التي أصابت المفاصل فأبطأت الحركة عن ركب التطور العالمي. كما يتعين على نخبهم تأسيس فكر إصلاحي جديد يراعي الشروط والأوضاع، داخلياً وخارجياً، ويتشوف إلى الخروج من اسر التبعية للآخر، وإلى خلق الذات الوطنية المستقلة، الساعية لوضع بصمتها على تاريخ العالم عبر إنجازات علمية تضاهي ما قدمته وتقدمه الأمم الأخرى. والفكر الإصلاحي الجديد لا ينبغي أن يرتكز على عملية التجميل والترميم والحركة البطيئة، بل ينبغي أن يقبل على خوض معركة الحياة بمهارة فائقة وروح متفائلة وأسلوب مبتكر... فذلك ما يجعل الإصلاح ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة وسنة متجددة من سنن التطور.[c1]* عن/ جريدة ( الاتحاد) الإماراتية [/c]