مدارات
ذهب فلاديمير بوتين الى الصين ليبحر معه كل العربة الروسية باتجاه الشرق.ولم يكتف بوتين بهذه الرحلة وحسب بل ربما لا يفكر الاخرون بانها رحلة عابرة.. فقد ثبت خطاه هناك بتوقيع اثقل واكبر ازمة اقتصادية تقوم بها روسيا منذ اتفاقية نقل الغاز الروسي الى اروربا الغربية.. ووقع على اتفاقية اقتصادية ضخمة مع الصين لتزويد الصين بالغاز الروسي على مدى سنوات طويلة وعقد بالمليارات.ان هذه الرحلة لبوتين وهذه الخطوة لروسيا هي امتداد لخطوة جريئة كان قد بدأها الديبلوماسي الروسي المخضرم بريماكوف الذي شغل منصب رئيس الحكومة خلال السنوات الاخيرة لعهد يلتسين وعندما اراد ان يكلل عمله هذا بالتقارب الروسي- الصيني عمد الى التفاوض مع الهند ليشكل ثلاثية قطبية كبرى إزاء السيطرة الامريكية على العالم.وقد اقصي بطرف خفي من قبل يلتسين الذي لم يكتف بهذا الخضوع للارادة الغربية بل انه بالغ في اهانة الرجل حينذاك بما يشبه عقاباً شخصياً قاسياً.واليوم تفتح الملفات مجدداً ويذهب بوتين الى الصين على رأس وفد بالغ في تعداده من كبار الدبلوماسيين وكبار رجال الاعمال الروس وذلك من قبيل لفت الانظار اكثر مما يجب لما يقوم به كانه يوجه رسالة الى الغرب.. بل الى الولايات المتحدة تحدداً.وقد تبدت ابرز الخطوط الروسية- الصينية من خلال العنوان العريض الذي ظهر واضحاً في شراكة طويلة الامد تتعدى التعاون الاقتصادي الى التحدي السياسي الذي يكاد يكون هماً مشتركاً لكلا الدولتين.فروسيا تراهن كثيراً على الصين كونها الشريك والجار الاقرب واللتين تعرضتا لنفس الاخطار ولاتزال تواجهان ذات الاخطار من قبل الغرب والولايات المتحدة.وخيبات الامل التي عانت منها روسيا مؤخراً في علاقاتها مع الغرب جعلتها مياله للاتجاه شرقاً الى حيث توجد المصالح المشتركة ولتقاسم المصالح الاقتصادية ذات النفع المتبادل وعلى المدى الطويل مع ذوي الميول المشتركة.ورهان روسيا هنا والصين معاً واضح في مساع قد قطعت من قبل وتتجدد الان بقوة لانشاء جبهة موحدة في وجه الهيمنة الامريكية ولتشكيل محور ثلاثي سوف تنضم اليه الهند في وقت لاحق.والمتتبع للاحداث يجد ان الفكرة ليست وليده للحظة حيث ان تشكيل منظمة شانغهاي في اسيا الوسطى بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وكانت روسيا والصين عمودها الفقري.وان لم تنهض في حينها لتؤثر في الاحداث الا ان بوتين يجد اليوم ان الحاجة اصبحت اكثر الحاماً وان سياسات الناتو التي تريد فرض الطوق محكماً على روسيا واخرها محاولات التشويش على انتخابات بيلا روسيا وتأييد الإنقلابات او الثورات الملونة التي حدثت في كل من جورجيا واوكرانيا ودعمها بقوة لا كونها ثورات على الفساد بقدر ماهي احكام الحصار على روسيا بسبب حالة العداء التي تحملها عناصر الانظمة الجديدة هناك.وقد مهدت روسيا لخروجها من العزلة بتخفيف حالة التشنج السياسي بين طهران وواشنطن وايفاد مبعوثيها السياسيين الى دمشق وبيروت ثم استقبال وفد زعماء حركة حماس في موسكو.لا لتبعت رسالة وانما لتؤكد للغرب انها دولة يجب ان تحسب لها الحسابات.محمد الامير