قبل أيام وبطريقة الصدفة وما أحلاها صدفة، خاصة وأننا (المحبوسين) في روح صاحبة الجلالة (الصحافة)، تكون حياتنا مع الآخرين صدفة، اللقاء بالأصدقاء يتم بالصدفة دون ميعاد.. وحتى مع الأهل فالحال هو هو.. والسبب أن العمل في بلاط صاحبة الجلالة لا مواعيد زمنية فيه يمكنك من خلاله أي التوقيت الزمني، تحديد برنامجك اليومي أو الأسبوعي وحتى الشهري مع الآخرين بصورة منتظمة.. لذلك تجد أي زميل يعمل في (الصحافة) إذا وعدك بلقاء صداقة في ساعة معينة ويوم معين فإن وعده هذا كثيراً ما يتبدد لارتباط الزميل بموعد مفاجئ مع الحروف والأحداث والكلمة والكمبيوتر الذي صار لغة التخاطب مع الحرف والكلمة التي يشاهدها القارئ صباح كل يوم على ورق الصحيفة..من ذلك كانت الصدفة هي التي جمعتني قبل أيام بمجموعة من (الشباب) لا يتجاوز سن أكبرهم خمسة وعشرين عاماً.. كما عرفت منهم ذلك، البعض منا يطلق على مثل هؤلاء الشباب بـ(المراهقين) وآخرون ومن ضيق تصرفات الشباب في الحياة العامة يقولون أنهم (صبية طائشين).. ولكني وبعد ساعة من الجلوس بينهم والاستماع إلى ما يقولونه عن التعليم، الغلاء، فرص العمل بعد التخرج، الأحداث السياسية والاقتصادية الجارية في البلد ونظرتهم إلى انعكاس هذه الأحداث سلباً وإيجاباً على حياتهم الخاصة والعامة وأشياء أخرى كثيرة سمعتها منهم، أقول أنه بعد كل هذه الساعة فإن هؤلاء الشباب ليسوا مراهقين ولا صبية طائشين ولا هم خارج ما يدور حولهم من أحداث.. بل هم (قنابل موقوتة) نعم أقول ذلك بصدق ومن عدة زوايا تؤكد ما أقول، لا أقول حقائق بل زوايا.. فاليمن ومنذ إعادة تحقيق وحدة أرضه المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م ورغم الصعوبات والتحديات السياسية والاقتصادية والتراكم الاجتماعي المتخلف في بعض جوانبه، فإنه يحاول بكل الإمكانيات المتاحة ووفق إستراتيجية وإن اختلف حولها الكثيرون، توفير المناخ المناسب للشباب، خاصة في الجوانب التعليمية والمهنية المتنوعة ذات الارتباط بالتنمية وعملية البناء والدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره..أقول أنه رغم هذا الجهد الحكومي في الاهتمام بالشباب إلا أنه جوانب القصور الكثيرة والكبيرة جعلت الكثير من الشباب خاصة ذات الفئات العمرية المتوسطة يتحولون إلى ما يشبه (القنابل الموقوتة) ليس ضد النظام السياسي، بل ضد المجتمع برمته، خاصة إذا أدركنا حقيقة أن هؤلاء الشباب هم ركيزة المجتمع وعلى مدى سنوات قادمة..وحتى لا نتوه في الحديث دون الوصول إلى المقصد من قولي بأنهم (قنابل موقوتة) فإنني وجدت مجموعة من الشباب الذين جمعتني بهم الصدفة خلال الأيام الماضية، يحملون ثقافة ( الواوا أح).. ومصدر ثقافتهم هذه نحن جميعاً، سلطة، إعلام، الجهاز الثقافي، الأسرة، المدرسة، المناهج الدراسية، كلها.. كلنا عملنا ونعمل دون أن نقرأ المستقبل بشكل علمي صحيح.. مكايداتنا السياسية التي نفتعلها لنقول للعالم بأننا نمارس الديمقراطية.. إغلاق آذاننا لسماع صوت الحقيقة الذي يرن كل صباح ومساء في مسامعنا بأن علينا مراجعة الإستراتيجية الخاصة بالشباب.. إستراتيجية ضعفت وصارت عديمة الفائدة أمام قوة المتغير الذي تهب رياحه علينا مع كل دقيقة من العالم المحيط بنا.. فالسماء مفتوحة تنقل ثقافات العالم بلمح البصر.. الكثير من هذه الثقافات تملك قوة وجاذبية شديدة لا يمكن مقاومتها بالسهولة أو كما هو حالنا.. وأقصد حال واقعنا التعليمي والثقافي والإعلامي والغياب الكامل للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والجمعيات المنتشرة بالمئات في اليمن، غياب في معالجة الواقع التعليمي والثقافي والإعلامي الذي ينهل شبابنا منه يومياً زادهم في الحياة..والحال فإن الكثير من الشباب الذين جلست بينهم واستمعت إلى أحاديثهم كان (الوشم الشيطاني) هو المسيطر في رؤيتهم للحياة التي يتطلعون إليها.. يعرفون عن (هيفاء) و ( نانسي) و (شاكيرا) تحركاتهم وحياتهم الخاصة منذ زعيقهم (أغانيهم) الجديدة.. يعرفون بل يؤكدون أن (الزواج العرفي) هو الحل لمشاكلهم مع المهور المرتفعة.. والفوارق الاجتماعية بين أسرهم وأسر من يحبون الارتباط ببناتها.. وعند سؤالك لهم عن ما يدور في الوطن والثقافة الوطنية للبلد، فإنهم ويقسمون عن ذلك لم يشاهدوا غير الفضائيات التي لا تحمل إلا أن تجعلهم (قنابل موقوتة) في حاضنة الوطن تهدد المجتمع كله بكارثة قادمة إذا لم نسارع في التصدي لها، خاصة مع تزايد موجة التطرف التي يتغذى بعض الشباب منها عبر الفضائيات وما يفوح منها من روائح الطائفية ومحاولات تضليل الشباب عن القيم والمبادئ السامية والسمحاء للدين الإسلامي الحنيف.الحديث طويل ومتشعب ولكنني فقط اكتفي بما قلت.. محذراً من ثقافة (الواوا أح).والله من وراء القصد..
|
ثقافة
ثقافة «الواوا وأح »
أخبار متعلقة