أضواء
تعودنا أن نطلق وصف «إسلامية» على بعض الدوائر الحكومية، مثل: المحاكم، هيئة الأمر بالمعروف، وبعض الجامعات ذات التخصص الشرعي، وهذا الوصف ــ كما أعتقد ــ يجب أ لا ينحصر في هذه الدوائر، بل إن كل وزارة في بلادنا وكل جامعة وكل دائرة حكومية أو أهلية هي إسلامية، وينبغي أن تكون كذلك بغض النظر عن اسمها، لأننا ــ وبكل بساطة ــ في دولة إسلامية، ومؤسساتها؛ تبعا لذلك، تنطلق من ذات الهدف الذي قامت عليه الدولة.لكنني في هذا المقال سأسير على النهج المتعارف عليه عند عامة الناس في فهمهم للدوائر الإسلامية في بلادنا.تتحدث الصحف هذه الأيام عن خطب الجمعة، وعن الجهود التي تبذلها وزارة الشؤون الإسلامية في متابعتها ومتابعة الخطباء ومراقبة الخطب التي تقال في المساجد.وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد لشؤون المساجد يقول: إن وزارته ترصد خطب الجمعة، وأنها تحاسب المخطئين!!الحديث عن خطب الجمعة ليس جديدا، والحديث عن محاسبة المخطئين ليس وليد الساعة، لكن المشكلة أن هذه المحاسبة، وأن نوعية الأخطاء لا يعرفها أحد حتى الخطباء أنفسهم، والوزارة لم تحدد لهم خطوطا حمراء ولا صفراء حتى يعرفوا متى يتحدثون ومتى يصمتون وإنما تركت الأمر لاجتهاداتهم، وما دام الأمر هكذا فكيف ستكون المحاسبة؟!من الخطباء قضاة وعلماء وأساتذة جامعات، فمن سيحاسب هؤلاء ــ على فرض أنهم أخطؤوا ــ وكيف؟!أنا لست ضد المحاسبة ولكني أدرك صعوبتها، ومن هنا فإني أرى أن الاجتماعات المنظمة مع الخطباء والنقاش المستمر حول طبيعة دور الخطيب في المجتمع أمر في غاية الأهمية، وهو الذي يحقق الهدف غالبا.معالي الوزير فعل هذا وفي أكثر من منطقة، والهدف أن لا تتوقف هذه اللقاءات، وهناك وسائل متعددة يمكن عملها لتحسين أداء الخطباء، وإن تم ذلك فإن المحاسبة سيتلاشى دورها.حسنا فعلت الوزارة عندما قالت: إن توحيد خطب الجمعة أمر مستبعد، ولعل التجربة الفاشلة في بعض الدول العربية تعطي الدليل القوي على فشل توحيد الخطب.هيئة نجران اعتذرت عن أخطاء موظفيها، بل وحاسبت المخطئين كلا بحسب خطئه.. هذه بادرة جيدة؟.. آمل أن لا تتوقف وفي كل المناطق، والقاعدة أن المحسن يكافأ والمخطئ يعاقب مهما كان وفي أي جهة كان.الهيئات واجهت حملات ظالمة، ولعل بعضها كان سببه أنها كانت تعتمد أسلوب تبرير الأخطاء التي يصعب تبريرها. فرجال الهيئة، ورجال القضاء بشر مثل غيرهم فإذا ما عوملوا على هذا الأساس قلت الانتقادات أو توقفت..جميل ما عملته هيئة نجران، وجميل أن نرى العدالة في كل مكان، والأجمل أن نكون جميعا عادلين ومنصفين عندما نتحدث عن أخطاء الآخرين..والجمعيات الخيرية هي الأخرى بدأت تأخذ نصيبها من النقد وأحيانا التجريح الظالم!! اختلاسات في هذه الجمعية أو تلك!! أناس يبحثون عن الوجاهة في هذه الجمعيات!! أي أنهم لا يعملون لوجه الله.. وهكذا نجد أن الاتهامات بدأت تأخذ حيزا كبيرا تجاه بعض الجمعيات. مرة أخرى.. الأخطاء قد تحصل من كل أحد، عملا أو جهلا، والحديث عنها مقبول بكل المقاييس، لكن تضخيم الحدث والإساءة لسمعة من يعمل الخير أمر مرفوض، بل هو عمل دنيء!!.الذي أعرفه أن العاملين في الجمعيات الخيرية متطوعون، وأعرف أن الكثيرين منهم يبذلون معظم أوقاتهم في سبيل الله ومن أجل المحتاجين، فهل نكافئهم بالإساءة إليهم؟!.الخطأ يتم الحديث عنه بقدره ولا شيء آخر، وهذا هو العدل الذي أحسب أنه الحق كله.الغرفة التجارية في الأحساء استضافت قبل أيام فضيلة الشيخ سامي الحادي رئيس المحاكمة الكبرى في الأحساء ليتحدث عن طبيعة العلاقة بين رجال الأعمال والقضاة، وكذلك عن طريقة أداء القضاة في أعمالهم.حديث الشيخ كان جيدا، وبشر الحاضرين بتطورات نوعية في إدارة المحاكم، وتحدث عن طبيعة العلاقة بين القضاة والمحامين، وذكر أن هناك تنظيما قد يصدر قريبا يحدد بدقة نوعية العلاقة، ومواصفات المحامين وطريقة التعامل معهم، كما تحدث عن قضايا أخرى لها علاقة بالقضاء.شخصيا، استفدت مما سمعته، لكني أتطلع دائما إلى رؤية الأفعال لا الأقوال؟ أتطلع إلى إنهاء إجراءات المواطنين بصورة جيدة، وأتطلع إلى أن تكون مباني المحاكم لائقة بها، تصلح للرجال وللنساء على حد سواء، أتطلع إلى وجود قضاة متخصصين سواء في القضايا الجنائية أو المالية أو سواها ليسهلوا للناس قضاءهم.. معالي الوزير حريص على تطوير المحاكم ــ هكذا أعرفه ــ ولكن المواطن يريد عملا سريعا يريحه من العناء الذي يلاقيه.جميع الهيئات الإسلامية آخذة في التطور السريع، والأمل أن نقف معهم لأننا نحن المستفيدون في نهاية المطاف.[c1]عن صحيفة (عكاظ )السعودية