يوم الاحد
عظيم ما فعلت جامعة عدن بإقامتها ندوة علمية للأديب والمفكر الكبير علي أحمد باكثير «السيرة.. الريادة.. الإبداع 1910 - 2010م)، تزامنا مع الذكرى المئوية لمولده في العقد الأول من القرن العشرين.الندوة التي عقدت في سيئون في 22و 23 من ديسمبر 2010، في إطار احتفالات جامعة عدن بالذكرى الأربعين لتأسيسها وبالتزامن مع فعاليات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م، كانت محل إعجاب وتقدير في أن أعلام الأمة ورموزها الثقافية والأدبية يحظون بهذه المكانة.. وعلي أحمد باكثير يمثل أحد أهم الرموز التي يفخر بها اليمنيون في الوقت المعاصر.ولد علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي، في 21 ديسمبر 1910م، في جزيرة سوروبايا بإندونيسيا لأبوين يمنيين من حضرموت، لكنه حين بلغ العاشرة من عمره سافر به أبوه إلى حضرموت, ووصل مدينة سيئون في الـ5 من أبريل 1920م.تلقى باكثير تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ودرس علوم العربية والدين والشريعة. نظم الشعر مبكرا وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة النهضة العلمية وتولى إدارتها وهو دون العشرين من عمره. كما كان قد تزوج مبكراً، إلا أنه فجع بوفاة زوجته، ليغادر حضرموت عام 1931م، تقريبا، متوجها إلى عدن ومنها إلى الصومال والحبشة واستقر زمناً في الحجاز.وحين وصل باكثير إلى مصر سنة 1934م، التحق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) وحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1939م, والتحق بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم عام 1940م وعمل مدرسا للغة الإنجليزية لمدة أربعة عشر عاما، قبل أن يسافر إلى فرنسا عام 1954م في بعثة دراسية حرة.أصبح باكثير ذا صلة وثيقة برجال الفكر والأدب في مصر، ومنهم: العقاد وتوفيق الحكيم والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وصالح جودت وغيرهم، وصنف بأنه ثاني كاتب مسرح عربي بعد توفيق الحكيم.اشتغل باكثير بالتدريس خمسة عشر عاماً منها عشرة أعوام بالمنصورة ثم نقل إلى القاهرة. وفي سنة 1955م انتقل للعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصلحة الفنون وقت إنشائها، ثم انتقل إلى قسم الرقابة على المصنفات الفنية وظل يعمل في وزارة الثقافة حتى وفاته.تزوج باكثير مرة ثانية عام 1943م من سيدة مصرية لها ابنة من زوج سابق، تربت في كنفه حيث لم يرزق بأطفال، وحصل على الجنسية المصرية بموجب مرسوم ملكي في 22 أغسطس 1951م.توفي في مصر في غرة رمضان عام 1389هـ/ 10 نوفمبر 1969م، إثر أزمة قلبية حادة ودفن بمدافن الإمام الشافعي في مقبرة عائلة زوجته المصرية، كان قد زار بلده حضرموت قبل وفاته بعام. عن موسوعة وكيبيديا).إن الأمل يحدونا في أن نرى توصيات الندوة العلمية لمئوية الأديب والمفكر الراحل علي أحمد باكثير، والتي أقامتها جامعة عدن, ديسمبر المنصرم، وقد تم تحقيقها على أرض الواقع في أسرع وقت ممكن.ومن تلك: تدريس أعمال باكثير في مناهج التعليم في مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي واستحداث جائزة وطنية للإبداع الأدبي والفكري باسمه، وإطلاق اسمه على معلم أو ساحة تليق باسمه في مدينة سيئون، إضافة إلى إنشاء مركز للدراسات الأدبية يحمل اسم علي أحمد باكثير ضمن مجموعة المراكز البحثية التابعة لجامعة عدن، وطباعة أعماله وتوزيعها على المراكز والمكتبات العامة في اليمن وكذا طباعة البحوث والدراسات التي تناولت إبداعاته وعلى وجه الخصوص الأعمال العلمية والسيرة والمذكرات التي لم تنشر من قبل وكذا طباعة بحوث الندوة في كتاب يحمل عنوان (في ذكرى باكثير)، والتوصية الأخيرة بالغة الأهمية؛ وذلك لتعريف الأجيال بأحد أهم وأشهر الأدباء اليمنيين الذين تجاوز إبداعهم النطاق الجغرافي المحلي والإقليمي والعربي، وصولاً إلى العالمية.ولنا أمل كبير في أن تسعى جامعة عدن، وغيرها من المؤسسات الأكاديمية, والجهات ذات الاختصاص, إلى الاهتمام برموز الأمة ومفكريها، رجالا ونساءً، ذلك أن الاهتمام بهم يجعل من الجهود التي قدموها خدمة لوطنهم وأمتهم لا تذهب سدى، كما يقود ذلك الاهتمام إلى تعريف الجيل الحالي, والأجيال القادمة بتراثها الفكري العميق الدلالة، وتعريفهم كذلك بتلك الهامات التي لم تكن لتعمل لزمنها ووقتها فحسب، بل كانت تنظر للمستقبل آملة في غد مشرق للأجيال المتلاحقة،جيلا بعد جيل.كما أنه حين تتعرف الأجيال على تاريخ رموزها وأعلامها يتولد لديها الفخر والاعتزاز بذاتها ونفسها، فتسعى جاهدة إلى التأثر الإيجابي بها، وقد تتفوق عليها في كثير من الأحيان، وعلى الأقل لا يتولد لديها الغبن فتشعر بخيبة الأمل من الحياة ومن الإبداع إذا ما أهمل تاريخ أولئك العظماء.ولنا أن ننتظر أن يشمل هذا الاهتمام جميع الرموز والأعلام في مختلف المجالات.