حدث وحديث
إعداد / د. محمد أحمد الدبعي :بدأ تنفيذ حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال في الفترة من (12 - 17 ديسمبر 2009م)، ولن يكون فيها نزول لفرق التطعيم من منزلٍ إلى منزلٍ وإنما ستتمركز الفرق العاملة فيه في المرافق الصحية والمواقع المختلفة المعلن عنها.ومعرض حديثنا هنا سيتركز على مرض شلل الأطفال.. هذا المرض الذي شُنت للقضاء عليه حملات كثيرة ليس في بلادنا وحدها، بل والكثير من بلدان العالم بهدف استئصاله والقضاء عليه في العالم أجمع . وقد تحقق المأمول بخلو اليمن من مرض شلل الأطفال - بحمد الله- بعدما شنت حملات تحصين متتالية تصدت للفيروس المسبب له، محرزةً هذا الإنجاز العظيم حتى أنه ما عاد يشكل تهديداً لفلذات الأكباد ولن يكون كذلك - بمشيئة الله - طالما والناس حريصون جميعاً على تحصين أبنائهم دون الخامسة من العمر باللقاح المضاد لهذا الفيروس، إلى جانب تحصين من هم دون العام من العمر - تحديداً - بالجرعات الروتينية والتي من بينها جرعات لقاح شلل الأطفال.ونشدد هنا على أهمية تحصين سائر الأطفال المستهدفين بما فيهم المواليد حديثاً وجميع من حصنوا مراراً وتكراراً ضد هذا المرض، ذلك أن خطورة المرض باقية لن تنفك تهدد أطفالنا إذا استمر بعض الآباء والأمهات في حرمان أولادهم وبناتهم الصغار من حقهم في الوقاية بالتحصين ضد شلل الأطفال، لأن هذا من شأنه أن يتيح للفيروس المسبب للمرض إمكانية معاودة تهديده فلذات الأكباد .وإننا نقول: لا انقياد ولا انصياع وراء الإدعاءات المغرضة والشائعات المضللة التي يروجها البعض ضد التحصين، كالزعم بأن لقاحاته تحتوي على مواد كيماوية أو هرمونية لها آثار جانبية سلبية يمكن أن تؤدي إلى العقم أو أنها تحتوي على مواد نجسة ضارة بالبدن، وما إلى ذلك من إدعاءات، وإن هي إلا محض أكاذيب وافتراءات باطلة زائفة، وعلى الآباء والأمهات أن يعوا هذا جيداً والوثوق بأن التحصين السبيل الوحيد لحماية وصون جميع أطفالهم تحت سن الخامسة من ويلات الإصابة بشلل الأطفال، إلى جانب أنه يؤمن - أيضاً- خلال الحملة الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال وقاية إضافية من هذين المرضين، فلا عذر سيُقبل إذا ما فات الأوان ووقع من لم يُحصن أسير الإعاقة أو العجز ؟! ومهما يكن، ليس لنا إغفال ظهور بؤر إصابة جديدة لمرض شلل الأطفال- لا سمح الله- مع أنه- حقيقةً- اختفى من بلادنا. فمنذ ما يربو على ثلاث سنوات متواصلة لم تظهر أي حالة إصابة جديدة به، ونالت اليمن على ذلك إشهاداً عالمياً بخلوها من فيروس الشلل في شهر مايو المنصرم 2009م من قبل منظمة الصحة العالمية، عملاً بتوصيات لجنة الإشهاد التي تحرت هذه المسألة بعدما استوفت اليمن الشروط والمعايير التي وضعتها منظمة الصحة لمنح هذا الإشهاد. غير أن خطر تسلل فيروس شلل الأطفال أمر محتمل، ليس إلى بلادنا وحسب وإنما الاحتمال يسري على بلدان الإقليم برمتها، لانتشار المرض في السودان الشقيق، ما يفرض الحذر من مغبة اجتياح هذا الداء البلاد على غرار ما حصل في عام 2005م عندما وفدت سلالة فيروسية وخيمة إلى اليمن، في الوقت الذي أوشكت فيه آنذاك على نيل إشهاد بخلوها منه..فكان ما كان وبسرعة قياسية اجتاح المرض البلاد وقتها وأفضى إلى إصابة العشرات، بل والمئات من الأطفال المحرومين من التحصين بالمقام الأول وبالمقام الثاني من تنقصهم المناعة الكافية من هذا الداء.وليس لأحد الحق في منع فلذات الأكباد المستهدفين من التطعيم بحجة حصولهم على الكثير من جرعات اللقاح مسبقاً أو لكونهم حديثي الولادة أو بسبب الانقياد وراء الشائعات المغرضة، ولاحق لهم في حرمان أطفالهم دون العام، وكذا من بلغ من العمر عاماً ونصف من التحصين بكامل جرعات التطعيم الروتيني الذي يُشرع البدء بإعطاء جرعاته - أساساً- في وقتٍ مبكر بعد الولادة، مع تأكيدنا على ضرورة الالتزام بمواعيد كل زيارة من زيارات التطعيم الروتيني المدونة في الكرت الخاص بالجرعات، فهي لصالح فلذات الأكباد وتؤمن لهم الوقاية والسلامة.ومن المؤكد أن الإصابة بفيروس شلل الأطفال لم يعد لها ظهور في البلاد، وإلا لما أعلنت اليمن خالية من هذا المرض، ولكن إذا ساءت الأحوال وظهر المرض مجدداً - لا قدر الله- فإن الإصابة ستحل على المحرومين نهائياً من التطعيم، يليهم الذين أُهمل تحصينهم ولم يحصلوا على جرعات عديدة كافية لتأمين وقايتهم تماماً من الإصابة وبما يهيئ ويُتيح لفيروسات المرض منفذاً للمرض لمعاودة تهديد فلذات الأكباد بشكلٍ لا نأمن معه على الأطفال ضعيفي المناعة من تلقي العدوى.ولست مبالغاً في وصف وقع إصابة أي طفل بشلل الأطفال على أبيه وأمه بالمصيبة أو الكارثة.وعلى الوالدين أن يعيا ويدركا هذا جيداً ويترجماه في واقعهم عبر الاستمرار في تطعيم فلذات الأكباد المستهدفين عند كل نداء للتحصين، لا الاكتفاء بالقليل من الجرعات .فالتحصين ضد شلل الأطفال مهما تكررت وتعددت جرعاته له أثره الطيب في دعم وتعزيز مناعة الجسم أكثر وأكثر، وبالقليل من الجرعات - كما أسلفنا- لا تكتمل المناعة من هذا الداء مطلقاً..للحد من عدوان فيروس بري شرس، شديد البأس مَرَدَ على التربص بالأطفال الصغار للنيل من عافيتهم حاضراً ومستقبلاً، وما عسى الجرعات القليلة من لقاح شلل الأطفال أن تجدي لإيقاف المرض وصده ودحره عن الأجساد الغضة الصغيرة ؟!إذن الأصل والأساس في تأمين مناعة كافية ودائمة ضد فيروس الشلل والقضاء المبرم على هذا الداء الوخيم تكمن في إعطاء جميع المستهدفين( أي من لم يتجاوزوا الخامسة من العمر) المزيد والمزيد من جرعات اللقاح الفموي عند كل حملة تحصين ضد شلل الأطفال بلا استثناء دون استبعاد أحد منهم، حتى المرضى ضمن الفئة المستهدفة الذين يعانون أعراضاً شائعة، كالحمى العادية والرشح والزكام والإسهال الطفيف..لا يستبعدون ولابد من تحصينهم جميعاً مادامت أعمارهم لم تتجاوز الخامسة بعد .وليكن معلوماً لدى الجميع إن الطفل الذي يعاني من الإسهال تعاد له الجرعة في وقت لاحق عقب توقف الإسهال لضمان حصوله على الفائدة المرجوة . من ناحية أخرى الكل معني بالتبليغ الفوري في حال الاشتباه بإصابة حديثة لدى طفل أو مجموعة أطفال بشلل الأطفال أو الحصبة وذلك في أقرب مرفق صحي أو وحدة أو مركز صحي أو مستشفى عام أو حتى مكتب للشؤون الصحية، ولا يقتصر الاشتباه على الأطفال دون الخمسة أعوام، وإنما يشمل كل المعرضين للإصابة الذين تقل أعمارهم عن خمسة عشر عاماً.ومن شأن الإبلاغ المبكر عن الحالة أو الحالات المشتبهة أو المحتملة التي تحمل أعراضاً مرضية واضحة أو حتى من مجرد ملاحظة طفل أو أطفال يشكون من ارتخاء عضلي(هطل) أو ضعف في الأطراف العلوية أو السفلية أو كليهما..من شأنه أن يساعد على التشخيص المبكر واحتواء المرض قبل انتشاره واستفحال أمره، وينم عن حب الخير وتمثل روح المسؤولية في الحفاظ على صحة أطفالنا من تهديدات فيروس الشلل .وبهذا يؤدي المواطن ما عليه من دور ومسؤولية في هذا الجانب تجاه الطفولة وواجب صونها حيال ما يهددها، ليأتي بعد ذلك دور الجهات المختصة التي تتولى فحص عينات براز حالات الاشتباه بشلل الأطفال المبلغ عنها، ومن ثم تأكد أو نفي الإصابة في الخارج لدى المختبرات المرجعية لمنظمة الصحة العالمية من خلال فحص عينات من تلك الحالات المشتبهة وتحديد نوع الفيروس المسبب للإصابة وسلالته إذا ثبتت الإصابة،لا سمح الله. إن تقرير الطبيب بمعزلٍ عن الفحص الطبي لعينة الحالة المشتبه ينطوي تحت قائمة الاشتباه. كذلك عند حدوث شلل رخوٍ غير متصلب ويكون حاداً، أي يحدث فجأة يتطور بسرعة خلال فترة تتراوح ما بين(1 - 4أيام)، ويلزم- كذلك- على من يلاحظ أيا ٍمن هذه العوارض التبليغ الفوري عن الحالة أو الحالات المشتبه فيها دون تردد.أما احتمال الإصابة فيتحقق بوجود أعراض وعلامات المرض بالفحص السريري من قبل اختصاصي الأطفال، من مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم، شلل رخو حاد مع عدم فقد الإحساس بالأجزاء المصابة، آلام عضلية ، ثم بعد ذلك نحول في العضلات .وقبل أن أختم.. أعود لأذكر بأن الأصل والأساس في تأمين مناعة كافية ودائمة ضد فيروسات الشلل والحصبة- بما أننا نشهد حملة تستهدف تحصين الطفولة ضد المرضين معاً والقضاء المبرم عليهما- يفرض عدم الإخلال بواجب تطعيم جميع المستهدفين(أي من لم يتجاوزوا الخامسة من العمر)بلقاح شلل الأطفال في هذه الحملة، إلى جانب تحصين من تتراوح أعمارهم بين (9أشهر- 5أعوام )باللقاح المضاد لمرض الحصبة، ومعه أيضاً جرعةً من فيتامين (أ) ضمن هذه الفئة العمرية، ولا استبعاد لأي طفل.. أياً كان وإن كان يعاني من مرضٍ طفيف أو أي ٍمن الأعراض الشائعة، كالحمى العادية والرشح والزكام والإسهال الطفيف.والموعد مع هذا التحصين وهذه الحملة الوطنية في الفترة من (12 - 17دسيمبر2009م)، وعلى الجميع التوجه بفلذات أكابدهم المستهدفين لتطعيمهم في المرافق الصحية والمواقع المختلفة المعلن عنها خلال الحملة في سائر مديريات ومناطق وعزل ومدن الجمهورية .المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحةالعامة والسكان