المناضل أنيس حسن يحيى:
حوار/ عبد الناصر المملوحنشرت الزميلة صحيفـة (الجمهور) حواراً ضافيا مع الاستاذ أنيس حسن يحيى أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني .ونظراً لأهمية هذا الحوار تنشر (14 أكتوبر ) النص الكامل له:يعتبر الأستاذ أنيس حسن يحيى، اليوم أحد آخر المناضلين القدامى الكبار في الحزب الاشتراكي.. لفت الأنظار إليه منتصف الخمسينيات وبصماته واضحة خلال فترة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني. وكان حضوره قويا بعد ذلك داخل دوائر صنع القرار أثناء بناء الدولة في الشطر الجنوبي سابقا.. أسس مع “فتاح”، وعلي باذيب الحزب الاشتراكي اليمني، وظل عضوا في المكتب السياسي الى ما بعد 94م.. يصفه الجميع برجل الحوار الأول داخل الحزب الاشتراكي.. يعيش حالياً في شقة متواضعة بالإيجار جنوب غرب العاصمة.. فيما غالبية زملائه يعيشون في فلل وقصور خارج الوطن وفي الداخل ايضا.. بعد أن استولى البعض على أموال الحزب والبعض الآخر حظى بدعم السلطة.“الجمهور” زارت الأستاذ المناضل أنيس حسن يحيى، وأجرت معه حواراً شفافاً، تناول جملة من القضايا، وتصفّح جملة من الأوراق الجديدة والقديمة.. وألقى الضوء على العديد من الأحداث التي لم تخرج تفاصيلها الى الجمهور من قبل. * يبدو أن أنيس حسن يحيى، اليوم، بعيد عن المشهد السياسي الراهن، وهو القيادي البارز في الحزب الاشتراكي اليمني. لماذا؟ أنا لست بعيدا عن المشهد السياسي الراهن.. ربما بسبب وضعي الصحي لم أعد ناشطا سياسيا يوميا في الحياة السياسية وهذا الأمر لا يزعجني وأنا الآن، في الغالب، منهمك في الشأن الثقافي. *لكن هذا لا يعفيك من حضور المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي، خصوصا وأنت الرجل الحاضر بقوة في المكتب السياسي للحزب منذ تشكيله. انا فعلاً تغيّبت عن كل جلسات المؤتمر العام الخامس للحزب لأنني كنت، “حين انعقاده” شبه مشلول، لكنني كنت واحدا من أبرز المساهمين في التحضير للمؤتمر قبل مرضي - ومع مرضي تعذرتْ علي المشاركة وهذا من سوء حظي.. وبعد إجراء عملية جراحية لي في ألمانيا - صعبة للغاية لكنها تكللت بالنجاح، وأنا اليوم في وضع صحي أفضل، ولكني مازلت أميل إلى عدم تحمل مهام قيادية يومية في الحزب، مراعاة مني لوضعي الصحي. فالتواجد كعضو في المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب، يعني بالضرورة الحضور الفاعل واليومي في الحياة السياسية وهو أمر لا يسمح به وضعي الصحي.[c1]لست ممتعضاً[/c] *يقول البعض أنك ممتعض من عدم وجودك في المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب؟ هذا غير صحيح بالمطلق، ولعل تأثيري اليوم في الحياة السياسية، وانا خارج المكتب السياسي والأمانة العامة، لم يتراجع عما كان عليه في الماضي.القائد السياسي والحزبي في بلد متخلف كاليمن.. يجب، وبالضرورة أن يكون قائداً ميدانيا وبشكل يومي تقريبا ووضعي الصحي لم يعد يسمح لي بذلك.أكثر من قيادي في الحزب اقترح علي أن أمارس مهامي القيادية من داخل بيتي. هذا الوضع لا أقبله لنفسي. وأنا أعرف أن هؤلاء الذين تمنوا علي ذلك إنما كان ذلك بدافع التقدير والاحترام والمحبة لي. ولكني كما قلت القائد السياسي والحزبي هو قائد ميداني، بالضرورة، في ظروف بلد كاليمن. * يقال إنك رشحت الأستاذ يحيى الشامي لشغل منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي، بعد إصرار الدكتور ياسين سعيد نعمان على استقالته ومن هو مرشحك كأمين عام للحزب في المؤتمر السادس عام 2009م؟ ترشيحي للأستاذ يحيى الشامي ليشغل منصب الأمين العام للحزب، كان في إطار التشاور الضيق مع عدد من الأخوة أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية. بمعنى أنني لم أتقدم بهذا المقترح بشكل رسمي داخل الحزب. علما بأن الأستاذ يحيى الشامي هو من خيرة رفاقنا في الحزب، وله قبول واسع في الحزب وفي أوساط الناس..وأنا كنت ومازلت أراهن على الدكتور ياسين سعيد نعمان كأمين عام للحزب. إن في وجوده في هذا الموقع الرفيع في قيادة الحزب، مكسبا كبيرا للحزب وللحركة الوطنية عموما في بلادنا. وإذا كان الأستاذ علي صالح عباد مقبل قد نجح، بعد حرب صيف 1994م، في إبقاء حزبنا واقفا على قدميه، وهو أمر يحسب لمقبل، فإن الدكتور ياسين سعيد نعمان، قد نجح في أن يضفي على الحزب هالة من الاحترام والتقدير الواسعين، في أوساط شعبنا، عموما، وفي أوساط الحركة الوطنية تحديدا. ومن هنا تجدني، وعن قناعة راسخة، أراهن على الدكتور ياسين كأمين عام للحزب، اليوم وغداً، وهو رهان في محله، كما اعتقد عن يقين. *ثمة خلافات وتباينات داخل صفوف الحزب القيادية حول تطبيق قرارات المؤتمر العام الخامس كيف تقرأها؟ انا مع التباينات داخل حزبنا، وداخل أي حزب، وأشجعها والتباينات ظاهرة صحية شريطة أن لا نسمح بإحداث تشققات في الحزب. * منذ عودتك من الخارج وأنت رئيس لجنة للحوار بين الرفاق داخل الحزب. كيف تعاملت مع التباينات داخل الحزب، وماذا أنجزت؟ تعاملت مع التباينات داخل الحزب بوصفها ظاهرة صحية.. مش لازم أبعد عبدالناصر(مثلاً) لأنه يختلف معني في الرأي، وأنا كنت ومازلت ضد إبعاد أي قيادي من الحزب بسبب هذه التباينات التي يمكن حلها داخل بالحوار الديمقراطي الذي وحده يسمح بالتفاعل بين مختلف الآراء داخل الحزب، كما يسمح بتعزيز وحدة وتماسك الحزب.[c1]السقاف وضع نفسه في مأزق[/c] *أين وصلت مع الرفاق داخل الحزب كرئيس لجنة حوار، حيث أنه حدث مؤخرا فصل النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي محمد بلغيث ؟ اعتقد أن الأخ السقاف هو الذي وضع نفسه وكنت أتمنى أن لا يضع نفسه في هذا المأزق، ولكن فصله من الحزب لا يعني قطع العلاقة معه على الصعيد الشخصي. *كيف تنظر إلى ما حصل من حراك في الجنوب، وكيف تتعامل معها؟ كنت أقول منذ عودتي من خارج الوطن، مازلت أقول بأن القضية الجنوبية قضية حقيقية وليست مفتعلة وهي من إفرازات حرب صيف 1994م الظالمة. وأدعو إلى معالجة هذه القضية بدافع الحفاظ على الوحدة اليمنية.طبعاً أن انتقدت في وقت سابق، قيادة الاشتراكي بسبب تأخرها في تبني واحتضان القضية الجنوبية، ولكن حزبنا اليوم قيادة وقاعدة تجاوب معها ويرى ضرورة حلها لحفاظ على الوحدة اليمنية، التي تعرضت صورتها للتشوش بسبب حرب صيف 1994م الظالمة.ويجب أن نتعاطى معها على أساس أنها قضية حقيقية.. صحيح هناك رأي داخل الحزب لم يكن يتجاوب مع هذا التوجه.. وصحيح أيضا أن قيادة الاشتراكي تأخرت في التقاط هذه القضية وتبنيها باعتبارها قضية عادلة، ولكن هذا لم يمنع الكثير من أعضاء الاشتراكي - في القيادة والقاعدة - أن ينخرطوا في هذا الحراك السلمي الجنوبي، وأن يقودوه، ولكن بدون قرار مركزي من الحزب. هذا الخلل في علاقة الحزب مع القضية الجنوبية قد جرى تصويبه الآن، وأصبحت القضية الجنوبية في مركز اهتمامات الحزب، قيادة وقاعدة.[c1]الاشتراكي شاخ[/c] * هذا يؤكد صحة القول بأن الاعتصامات والفعاليات التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية قد أربكت الحزب الاشتراكي فلا هو وضع سقفا لها، ولا هو تبناها، ولا هو اتخذ موقفا حازما تجاهها؟ يمكن القول بأن هذه الاعتصامات والفعاليات ومجمل الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية، قد حفزت قيادة الحزب لكي يقرأ القضية الجنوبية بشكل صحيح.. والآن أجد أن موقف قيادة الاشتراكي من القضية الجنوبية قد جرى تصويبه لصالح القضية الجنوبية، ومن أجل الحفاظ على الوحدة اليمنية وتخليصها من كل ما علق بها من تشوهات. *أنت، أستاذ أنيس، تتحدث عن تباينات داخل الحزب الاشتراكي، فيما المراقبون يرون أن الحزب الاشتراكي، الآن يحتضر، أو أنه - وحسب تعبير لك في إحدى دورات اللجنة المركزية - يشهد أعراض الشيخوخة فما هو تعليقك على ذلك؟ صحيح، أنا قلت في إحدى دورات اللجنة المركزية، ان الحزب الاشتراكي اليمني يشهد حالياً بعض أعراض الشيخوخة، وأنا بينت في قولي هذا في أية مجالات يشهد الاشتراكي أعراض الشيخوخة.. لكن الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية بين بأن الحزب مازال محتفظاً بكامل حيويته. ومع ذلك هناك جوانب بحاجة إلى معالجات جدية وعاجلة، مثلا فأنا ألاحظ أن حضورنا في قطاع الشباب يكاد أن يكون حضورا باهتا وهذا وضع غير طبيعي لاسيما أن الحزب الاشتراكي هو حزب الحداثة في المجتمع، وقطاع الشباب هو القطاع الأكثر استعدادا للانتصار لقضية التحديث في اليمن.كما أن حضور الاشتراكي في قطاع المرأة يتراجع وهو يتعارض كلية مع كونه المناصر الأول لقضايا المرأة وحقها في الحياة - حرة وكريمة.استاذي... -مقاطعاً- دعني أكمل لك العبارة.. يا عبدالناصر انتم الشباب جيل المستقبل وبالضرورة كجيل مستقبل تجدوا انفسكم مع الاشتراكي فيما يطرحه؟ بالنسبة للاشتراكية ليست مطروحة اليوم.. ولكني انا ما زلت اشتراكي باعتبار ان البشرية تقول انها لن تجد مستقبلها الافضل الا في الاشتراكية ولكن مش بالنمط السوفيتي.[c1]لا ديمقراطية في اشتراكية السوفيت[/c]* لماذا لم يعد أنيس حسن يحيى يريد الاشتراكية بالنمط السوفيتي؟ في النمط السوفيتي خنقت الديمقراطية.. فيه كتاب كبار في السوفيت كانوا مقموعين وهم أصحاب رأي وفكر.. كانوا مقموعين داخل الحزب الشيوعي السوفيتي وداخل الحركة الشيوعية العالمية.. الرأي الآخر كان مقموع، والديمقراطية اعتبروها كأنها توجه غربي، الاشتراكية أو المجتمع الاشتراكي يرى أنه ليس بحاجة للتقاليد الديمقراطية.. أنا اشوف عكس ذلك.الأمر الآخر القراءة للتطور الاقتصادي، يمكن عندنا في الجنوب اسوأ، مثلا السوفيت كانوا ينتقدوا التعجل عند الصينيين في بناء الاشتراكية، وفي الواقع هم كانوا محقين في ذلك، لكن هم ايضاً كانوا متعجلين بقياس الزمن.. الحزب الشيوعي الصيني أراد أن يبني ليس الاشتراكية وإنما الشيوعية في عشر سنوات، او أقام تجربة فريدة في العالم قامت في المناخ الزراعي، وهي شكل راقي من الشيوعية في مجتمع فلاحي فقير.متى ادركت ان هذه التجربة الصينية قد لا تعمر، عندما زرت الصين على رأس وفد برئاسة سالمين في اغسطس عام 1970م ووجدت ان الصين مجتمع فلاحي فقير وعلى شان يبني الاشتراكية يحتاج له فترة زمنية كبيرة.التجربة السوفيتية هي أكثر تطور من التجربة الصينية، ولكن لا تختلف عنها من حيث الاستعجال نحو بناء الاشتراكية.لينين كان ينظّر لبناء الاشتراكية في روسيا من خلال كتابه، وهو من أهم كتبه «تطور الرأسمالية في روسيا» أيش قصد لينين في هذا الكتاب؟.. أراد أن يرد على تيار واسع في داخل روسيا اسمه التيار الشعبوي، الذين كانوا لا يرون في ان الشروط الموضوعية لبناء الاشتراكية قد توفرت وكانوا ضد الاستعجال في بناء الاشتراكية.لينين من خلال هذا الكتاب أوضح ان الظروف الموضوعية لبناء الاشتراكية ناضجة في روسيا، لأن الرأسمالية تطورت في روسيا، ولأن الرأسمالية تطورت إذاً عندهم «برلوتاريا» قادرة في أنها تبني الاشتراكية وتقود الثورة وهذا كان وهم. * و»لينين» اعترف بذلك؟ «لينين» اعترف بذلك نعم.. من خلال السياسة الاقتصادية الجديدة التي تبناها، ولكن تبناها وهو على فراش المرض ما عاد فيه عنده امكانية ان يقودها بنفسه، فجاء «ستالين» - مع الأسف - امسك بالدولة بقبضة حديدية وأدار ظهره لكل توجيهات «لينين» التي أعطاها في أواخر عمره.. وبالتالي شهدت الاشتراكية بالتدريج مراحل انهيارها من الداخل، بسبب غياب الديمقراطية، اساءة لبعض القرارات المتعسفة للتطور الاقتصادي وبسبب قمع القوميات، أول ما رأت الجمهوريات السوفيتية ان الاتحاد السوفيتي على وشك الانهيار شكلت جمهورياتها المستقلة، تعبيراً عن حقها كقوميات في ان يكون لها دولها المستقلة.[c1]خطأ آخر لـ «لينين»[/c]كما أشير - هنا- إلى خطأ آخر للينين، احنا في اليمن الديمقراطية «سابقاً» أخذنا بهذا التنظير اللينيني، امكانية بناء الرأسمالية بدون المرور بالرأسمالية، وهي قراءة مخالفة للقراءة الكلاسيكية الماركسية.وعلى فكرة منغوليا دفعت الثمن في مايو 76م كنت في زيارة لمنغوليا - حضرت مؤتمر لحزب الشعب الثوري المنغولي - وجدت أنه إذا انا شفت الصين في اغسطس 70م مجتمع فلاحي، فالمجتمع المنغولي - أيضاً - مجتمع فلاحي فقير، وبالتالي هذا التوجه كان معاكس لحركة التاريخ. * وكذلك الاشتراكي في ما كان يعرف بالشطر الجنوبي؟. احنا في الجنوب تأثرنا به.. يعني كان عندنا وهم في أننا ممكن ان نبني الاشتراكية.. ولم تكن نقول بأننا نبني الاشتراكية، وانما كان عندنا أمل في ان نبني الاشتراكية.[c1]تطبيق اشتراكي متعسف[/c] * لكن كنتم تعرفون ان الشروط الموضوعية لبناء الاشتراكية غير متوفرة؟ أنا قلت لك أنه كان عندنا توجه اشتراكي، لم نقل اننا نبني الاشتراكية، لكن في داخلنا، فيه أوساط قيادية معنية بتطبيقها على الأرض، تطبيق اشتراكي وتطبيق اشتراكي متعسف. * مثل ماذا؟ يعني.. مثلا ألغينا دور القطاع الخاص وهذا كان خطأ.. مش خطأ وحسب، هذا خطأ قاتل، نحن في مجتمع بحاجة إلى ان تتوفر فيه كل مقومات التنمية، والقطاع الخاص هو واحد من قطاع التنمية الاساسية، فبسبب القراءة الخاطئة للواقع الاقتصادي والاجتماعي اتخذنا موقفاً خاطئاً من القطاع الخاص.. الآن في اليمن ككل بعد الوحدة، إذا كنا في الجنوب - سابقاً - قد الغينا دور القطاع الخاص، الآن فيه إلغاء للدولة وهذا ايضاً خطأ قاتل.[c1]أخطاء سابقة[/c] * لكن افكارك الآن يا أستاذ أنيس قريبة أو أنها متماهية مع افكار الرئيس الشهيد سالمين التي وقفت ذات يوم ضدها؟. كنا اعترضنا على افكار سالمين.. وسالمين، وهو من خيرة مناضلينا، للأسف قَدّم قراءة خاطئة ومتعسفة للواقع، بس أنا كنت مع الحوار مش مع العنف. انت الآن تريد الاشتراكية ولكن ليس على النمط السوفيتي، فهل تريدها على النمط الصيني؟ لا.. لا.. ما يجري اليوم في الصين انا لا أعتبره تراجع.. بل أعتبره تصحيح لأخطاء سابقة.. لكن.. الصين الآن تأخذ بالانفتاح والسماح بالاستثمارات الأجنبية، والقطاع الخاص الآن كبير في الصين.فعندما اقول نبني الاشتراكية في المستقبل، ليس بعد عشر سنوات ولا عشرين سنة، وإنما في المستقبل وليس على النمط السوفيتي.[c1]التأميم وملف الأراضي[/c] * برأيك ألم يكن قرارا التأميم الذي اتخذتموه خاطئاً؟ ليس كله.. قانون التأميم الذي صدر في 27 نوفمبر عام 69م كان قراراً صائباً، لأنه مَسَّ رأس المال الاجنبي، سمي في ذلك الوقت «بالمرتفعات الاقتصادية» لكن فيما بعد منذ عام 72م تقريبا عندما توجهنا نحو المساس برأس المال الوطني وهو ما زال وليد وناشء ولم يتكون بشكل كامل، هنا الخطأ. وإشكالية الأراضي في المحافظات الجنوبية - التي تثار بين الحين والآخر - هي تعود في جذورها إلى قانون أو لنقل تداعيات قانون التأميم.. فهناك من عادوا بعد الوحدة من المنفى مطالبين بأراضيهم وبيوتهم المنهوبة أو التي أممها الحزب ما رأيك في هذا القول؟ هذا الوطن - يا عبدالناصر - وطن الجميع.. سواء كان مواطن عادي أو كان سلطان سابق.. المهم يعود يعمل في ظل الدستور، وإذا له أملاك صودرت يستعيدها بموجب الدستور والقانون، ليس بموجب التسلط، كما يحصل، بعض أبناء السلاطين في المحافظات الجنوبية استعادوا أراضيهم بالقوة.[c1]يناير أجهض توجهنا[/c] * حينما أقدمتم على الوحدة لماذا لم يعالج الحزب الاشتراكي قضية الاراضي واملاك الناس.. أعني قيادة الاشتراكي كانت تعرف أنها قادمة على نظام رأسمالي ونظام التعددية السياسية؟هذا التوجه كان موجود.. ومع الأسف جاءت أحداث يناير 86م أجهضت هذا التوجه.. تلك الأحداث الدامية أجهضت هذا التوجه نحو مراجعة كثير من الأخطاء.[c1]صناعة القرار الاشتراكي[/c]انتم كقوى سياسية، سواء قبل الحزب الاشتراكي أو في إطاره، تمثلون امتدادا لقوى خارجية معروفة..-مقاطعاً- لا.. لسنا امتدادا لأحد في الخارج. * فكيف تصف علاقتكم بالاشتراكية الروسية؟ لسنا امتداد لقوى في الخارج.. الحزب أخذ بالاشتراكية كتوجه انساني. *مقاطعاً- لكن السفير الروسي كان هو....؟ -مقاطعاً- يا عبدالناصر: أيش قال الرسول صلى الله عليه وسلم «الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» وهذه كلها ترمز إلى الثروات الطبيعية. اسمح لي يا استاذ، دور السفير الروسي كان كما لو انه صانع القرار السياسي والموجه لسياسات الحزب؟ لا.. مش صحيح. * فكيف إذاً كان يصنع القرار السياسي داخل الحزب قبل الوحدة؟ داخل القيادة.. ولكن بعيداً عن لغة الحوار.. الفريق القادر يهيمن وتصبح القرارات معبرة عن توجهه، بعكس توجهات فريق آخر داخل القيادة، وكما قلت لك عندما تغيب الديمقراطية، وعندما يغيب الحوار في المجتمع وداخل الحزب الذي يقود دولة تحصل ما يشبه التآمر أو هو التآمر ذاته.. كل الاحداث التي حصلت في الجنوب هي نتيجة طبيعية لغياب الحوار وبسببه خسرنا خيرة الرفاق. * والحس التآمري؟ وبسبب الحس التآمري طبعاً.. عندما يغيب الحوار «فلان وعلان» بدل ما يكونوا متآلفين يصبحوا متخاصمين، هذه طبيعة البشر. قلت في وقت سابق «خسرنا سالمين بسبب الحس التآمري والآن تدفعونا لمعادات علي ناصر محمد» قلتها أنت لعلي عنتر؟ فقدنا سالمين بسبب غياب الحوار.. الحس التآمري كان فيما بعد. * المهم ماذا تعني بقولك «الآن تدفعونا لمعادات..»؟ شوف أنت بتسجل كلام غلط يا عبدالناصر.. شوف أنا بزعل منك.. بزعل منك.[c1]الاشتراكي والاصطراع[/c] * الصراع الذي كان يتم بين الفصائل في الجنوب (أثناء الكفاح المسلح وحتى 87م) انتقل إلى داخل الحزب الاشتراكي الذي توقع البعض ان يضع حدا لها؟ لم تكن هناك صراعات بالمعنى الذي أنت أشرت إليه.. كان في صراعات داخل التنظيم السياسي «الجبهة القومية» بعد ان استلم هذا التنظيم السلطة في 30 نوفمبر 67م انقسم التنظيم إلى فريقين، هذه الخلافات الدامية داخل التنظيم السياسي «الجبهة القومية» أثرت على بنية التنظيم السياسي، الجبهة القومية، واستمرت بعد قيام الاشتراكي اليمني ولكنها في الأساس كلها في إطار من كانوا في الجبهة القومية.نحن حزب الطليعة الشعبية وحزب اتحاد الشعب الديمقراطي نثمّن عالياً الدور الريادي الذي قامت به الجبهة القومية منذ استلام السلطة، وقبلها في تحرير الجنوب، وفي بناء دولة، ولكن الخلافات داخلها تسببت في كثير أو لنقل أضعفت دور هذا التنظيم في المستقبل.. وحتى عندما قام الحزب الاشتراكي اليمني بقيت بعض الخلافات السابقة مستمرة.[c1]أنيس يرفض منصب رئيس وزراء[/c] * لماذا رفضت منصب رئيس الوزراء عندما أصر علي ناصر محمد أن تكون أنت في هذا المنصب عام 85م؟ أنت من أين جبت هذه المعلومة.. شوف با تخلينا نرتاح لك، عندك معلومات قيمة وحقيقية. * قرأتها في كتب أو في دراسات على ما أظن؟ لكن هذا الكلام لم ينشر. * لكن يدور الحديث حوله.. المهم لماذا رفضت هذا المنصب وما هي القصة؟ شوف في ظل الخلاف داخل الحزب الاشتراكي اليمني، كان علي ناصر محمد هو أمين عام الحزب ورئيس دولة ورئيس مجلس وزراء، انا اقترحت عليه وقلت له: يا أخ علي أنت وجهت جبهة الخصومة.. علي ناصر عنده ايجابيات كثيرة، لكن هذه السياسة تخليك تخسر اقرب الناس اليك، قلت له: يا اخ علي انت وسعت جبهة الخصومة وعلى شان تخفف على نفسك تخل عن رئاسة الحكومة، ونختار رئيس وزراء آخر، قال لي: انا با اتخلى عن رئاسة الحكومة ولكن لك أنت يا أنيس.. قلت له انا ممكن أرشح لك شخص آخر.. انا الذي رشحت حيدر، حيدر كان من القيادات الثانوية مش قائد اساسي، ولكن هو يملك صفات رجل دولة. انت رفضت عرض علي ناصر وكان تبريرك حينها انك محسوب على الطليعة الشعبية، وقد يقول البعض إذا اخطأ أنيس هذا بيصفي حسابات.. ماذا تعني بذلك؟ هذا من ضمن ما قلته.. في واقع متخلف عندما أكون رئيس وزراء واشوف - مثلاً- «المملوح» له ممارسات خاطئة، «والمملوح» من الجبهة القومية سابقا.. الآن ما عاد فيش جبهة قومية الموجود هو الحزب الاشتراكي، لكن الواقع يقول هذا، لما اشوف فيه ممارسات خاطئة للمملوح، ما با يقول انني احاول اصحح الأخطاء، انما با يقول أنيس يتصيد الاخطاء) فقلت لعلي ناصر: خلينا نحاول نحافظ على وحدتنا، قال لي ترشح من؟ قلت له ارشح حيدر ابوبكر العطاس، وهو عنده مقومات رجل دولة من وقت مبكر، صحيح هو كان في القيادة الثانوية لكن كان يملك مقومات رجل دولة.طبعا الأمر هذا لم يمر بسهولة، لآن بعض القادة في الاشتراكي كانوا يعتقدون انهم اكثر تأهيلا، لم يكونوا معترضين على أن أمسك رئاسة الحكومة، وجائز أنها مجاملة لي، لكن كانوا معارضين على حيدر العطاس.. بس انا الآن ضميري مرتاح اني تصرفت بشكل سليم.[c1]راسم سياسات علي ناصر.. وعودة فتاح[/c] * لكن يقال انك كنت راسم السياسات لعلي ناصر محمد في أحايين كثيرة؟. لا.. الحياة متعددة الجوانب، في تخصصات داخل قيادة الحزب، انا ماسك الدائرة الاقتصادية، معنى ذلك اني انا مع الكوادر التي معي، ومع قيادات الدولة نرسم السياسات الاقتصادية، ليس مش بمعزل عن قيادات الدولة، عن الوزراء، وهذا كان فهمي في الدور القيادي للحزب للدولة والمجتمع، مش انك تلغي الآخر أو تنفي الآخر. * نفي الشهيد عبدالفتاح اسماعيل إلى روسيا عام 1980م بضغط من جناح علي عنتر وعاد مطلع العام 85م بطلب من نفس الجناح -علي عنتر- لكن انت من ذهب لاحضاره.. وكان الكل داخل قيادة الحزب يحضّر لحرب؟ يبدو انه جاء متأخراً.. جاء والخلافات قد صعدت إلى القمة.. وانا قلت لعبدالفتاح اسماعيل في موسكو قبل العودة، كنا في غرفة علي باذيب في الفندق -الله يرحمه- وكان موجود عبدالعزيز الدالي، ما زال حيا، قلت له: شوف يا عبدالفتاح الآن فيه توجه انك تعود، وهذا مكسب كبير، لكن لا يكون عندك وهم انك تعود أمين عام، لأن هذا يعني اننا نفتح مشكلة مع علي ناصر، اترك هذه - الأمانة العامة - للمستقبل، ما فيش شيء ثابت، ولا يعني انك تعود عضو عادي في الحزب أنت قائد مؤسس.قال: انا اقبل ان أعود عضو عادي، قلت ما حد يقبل ان تكون عضو عادي.. تاريخك.. حب الناس لك.. احترام الناس لك.. ان تعود إلى موقع قيادي في المكتب السياسي، لكن لا يكون عندك وهم انك تحل محل علي ناصر، لكن في المستقبل ما فيش شيء ثابت، اترك هذه المسألة للمستقبل. المشكلة الطرف الآخر غذّى عنده انه هو أحقّ من علي ناصر في ان يكون أمين عام ورئيس وزراء، من هذا الفريق الآخر الذي وقف في ابريل 1980م ضده، السياسة قلت لك احيانا في الممارسة فيها ابتذال، فيها ابتذال، لذلك انا احمد الله، وانا هنا لا امتدح نفسي يا عبدالناصر، ضليت محصن ضد هذا الابتذال في السياسة منذ مارست نشاطي السياسي.. طبعا انا بدأت أمارس عملي السياسي منذ عام 1955م بل في ذلك العام كنت عنصر فاعل في الحياة السياسية، لكن من وقتها إلى اليوم انا ارفض الابتذال في السياسة، ارفض أي افتعال خصومة مع ايا كان اخلي الخلاف في حدوده المطلوبة.[c1]أخطاء سالمين وانحسار فتاح[/c] * ما الذي أضعف دور عبدالفتاح اسماعيل في سنواته الاخيرة وهو المؤسس للحزب.. هل هو انحسار الدور الروسي باعتبار ان فتاح كان همزة الوصل الفكري والمادي أم ان هناك أسباب أخرى؟. انسى أنت أن السوفيت هم أصحاب القرار، سالمين وهو من خيرة رفاقنا «تأمل في كلامي» كان مستحوذ على حب الشعب وعلى حب اعضاء الحزب - التنظيم السياسي الجبهة القومية- بشكل عام ولكن بسبب أخطاء سالمين في وقت من الاوقات ابتداء من سبتمبر 77م بدأ سالمين يفقد هذا البريق داخل الحزب، داخل الحزب مش داخل اوساط الشعب بدأ يفقد هذا البريق وبدأت الغالبية تتجه باتجاه معارض لسالمين على شان كذا سالمين خسر.. فالمسألة ما في شيء ثابت. * يعني فتاح كان يحظى بجماهيرية واسعة وبعد ذلك ولسبب اخطاء ارتكبها فقد بريقه وضعف دوره؟ عبدالفتاح موضوعه يختلف.. عبدالفتاح له ايجابياته في انه هو الذي نظر للتوجه اليساري داخل الجبهة القومية وفي الحزب الاشتراكي، بعد ذلك طبعا فيه آخرين يملكون ثقافة عالمية جدا، يمكن عبدالفتاح بالمقارنة اليهم ثقافته متواضعة، لكن من وقت مبكر وهو يلعب هذا الدور المتقدم داخل التنظيم السياسي الجبهة القومية، وفي الحزب الاشتراكي للانتصار للفكر الاشتراكي العلمي.. ثم من وقت مبكر وهو مع التحالفات الوطنية الديمقراطية وهذه كلها تحسب من ايجابيات عبدالفتاح اسماعيل.في ظل الصراع السياسي - مع الأسف - من كان مع عبدالفتاح، في وقت من الاوقات اصبح مش مع عبدالفتاح في وقت آخر، وهذه من النقاط التي افضل ان اتحدث عنها في وقت آخر يعني في الوقت المناسب. * اسمح لي عشية احداث يناير 86م طلب منك علي ناصر محمد ان تلحق به فورا إلى أبين، وبالفعل اتجهت إلى هناك وهذا الموقف فتح باب التأويلات والتغييرات ان هناك امور..؟ لا.. انا رحت لحالي انا وعلي باذيب -الله يرحمه- وعبدالله بكير بسيارتي إلى ابين بطلب من علي ناصر، مش باتصال مباشر لي، وإنما بلّغ علي باذيب انه لازم نتوجه إلى ابين لأن فيه تحرك لاعتقالنا جميعا، اعتقال الفريق الذي كان محسوب على علي ناصر محمد وهذا يحتاج إلى وقت آخر. وأثناء الأحداث اتجهت مع علي ناصر إلى شمال الوطن سابقاً. خرجنا إلى الشمال ثم إلى اديس ابابا، ثم تلقيت دعوة من الحزب الشيوعي البلغاري لأكون ضيفا على بلغاريا.. وفعلا اتجهت إلى هناك في 27 ابريل 86م. * في تلك الفترة كان علي ناصر محمد منهمك في اتصالات بعد السوفيت بشان الاحداث في عدن، إلا انهم كما يقال اقنعوا الطرفين علي سالم وعلي ناصر بان الاتحاد السوفيتي قد قرر قطع الدعم على الأنظمة الاشتراكية خارج الاتحاد السوفيتي؟. هذه يا عبدالناصر معلومة بحاجة إلى تصويب أكثر.. نتركها للمستقبل، المهم انا اشتيك تنسى السوفيت، السوفيت كدولة كانت حليف قوي لليمن الديمقراطي، لأن مصلحتها ان يكون لها حليف في هذه المنطقة الاستراتيجية، لكن مسألة انهم كانوا صناع القرار كانوا يدعموا هذا الفريق معنويا أو يختلفوا مع الفريق الآخر بسبب بعض السياسات لكن القرار صناعة يمنية. * بعد الوحدة كان أنيس حسن يحيى، ضمن سبعة أشخاص قياديين عادوا إلى عضوية المكتب السياسي للحزب الاشتراكي؟. عدنا إلى عضوية المكتب السياسي في 1990م. * قادة الحزب اشترطوا على القيادة في الشمال خروج علي ناصر محمد من صنعاء، فيما انتم السبعة عدتم إلى عضوية المكتب السياسي.. كيف تفسر ذلك؟ عودتنا كانت بقناعة شخصية.. احنا كنا اعضاء مكتب سياسي وكثير من رفاقنا بعد الوحدة وبعد انهيار الشيوعية دخلوا المؤتمر الشعبي العام، احنا شفنا مكاننا الطبيعي في الاشتراكي. * اسمح لي يا أستاذ.. البعض من المراقبين ومن داخل الحزب الاشتراكي يرون ان عودتكم - انصار علي ناصر- كانت ضمن مخطط يقوده علي ناصر نفسه لضرب الحزب من الداخل أو العودة إلى قيادته أو من هذا القبيل؟ قراءة غير صحيحة.. اولا نحن لم نكن في يوم من الايام في جيب واحد، احنا مناضلين يا عبدالناصر.. انا احترم علي ناصر لكني احترم نفسي أيضا، ولي تاريخي الذي اعتز به، وكل من عاد إلى المكتب السياسي ربطتهم علاقة معينة بعلي ناصر، لكن هم تربطهم علاقة أقوى بالحزب الاشتراكي.[c1]قرار الانفصال[/c] * الأستاذ أنيس هل لك أن تزيل الغموض الذي مازال يكتنف قرار الانفصال؟ يعود الغموض في الأساس إلى أن البعض مازال يتعامل مع هذا القرار وكأنه هو الجريمة وليس قرار الحرب.. إلا أن هذا لا يعني أنني أبرر الانفصال مطلقا.والكل يعرف أن قرار الانفصال الذي جاء بعد ثلاثة أسابيع من إعلان الحرب، أي حرب صيف 1994م جاء كرد فعل طبيعي لهذه الحرب الظالمة، وهو من تداعياته.. ولولا تلك الحرب لما كانت ثمة حاجة لإعلان الانفصال، لاسيما أن الذين أعلنوه كانوا طرفا أساسيا في صنع وحدة 22 مايو 1990م، وكانوا في مقدمة من ناضل من أجلها منذ مطلع الستينات من القرن الماضي. * فما رأيك إذاً في ما قاله الأستاذ عبدالرحمن الجفري في صدد ما دار من حديث في جناحه في فندق عدن، مساء 15 مايو 1994م؟ رواية الأستاذ عبدالرحمن الجفري للعديد من الوقائع التي سبقت قرار الانفصال، وتبعته، في الغالب صحيحة.ولو لم يكن هناك تباين في المواقف في هذا اللقاء، لما كانت هناك حاجة إلى استشارة الأخوة الحقوقيين الذين كانوا متواجدين في غرفة الاستقبال في جناحه ذلك المساء من مايو 15 مايو 1994مولا أحب أن أقول المزيد، أو الخوض في التفاصيل الآن، في هذا الصدد. * أنت من كتب قرار الانفصال بقلمك؟ لا.. لا.. هذه أنا أشتيك تقرأها بشكل صحيح.. كنا في اجتماع لقيادة الاشتراكي في عدن، أعضاء المكتب السياسي الموجودين في عدن “فيه أعضاء من المكتب السياسي كانوا خارج البلاد” وكان موجود في الاجتماع أعضاء لجنة مركزية أساسيين، اعضاء مجلس نواب، قيادات عسكرية وفي هذا الاجتماع طلب مني، بدون ان أخوض معك في التفاصيل، أن أوجه رسالة للأخ البيض أبلغه بأننا نفوضه بإعلان دولة.. الرسالة موقع عليها المكتب السياسي كهيئة. يعني لو أن المملوح هو الذي صاغ الرسالة ما كانش با يكتب عليها المملوح وإنما با يكتب عليها المكتب السياسي.لأنه لا يحق لأي واحد مهما كانت مكانته داخل الحزب أن يتكلم باسم المكتب السياسي. الرسالة بخطي، وكويس أنها بخطي لأني تمسكت بالوحدة اليمنية في رسالتي. إنه هذا إذا كنا نفوضك بإعلان الدولة، طبعا الرسالة قد قُرِئت على أعضاء المكتب السياسي، فهذا إجراء مؤقت لبدء حوار جديد من أجل استعادة الوحدة باسمها الصحيح.الإعلام الرسمي استغل هذه الرسالة التي هي بخطي، لكن المحكمة لم تتخذ منها حجة ضدي.. ليش؟.. لأنها راحت باسم المكتب السياسي للحزب ولا أستطيع أنا أن أصيغها باسم أنيس حسن يحيى، كل القيادات موجودة، المفروض أرسلها باسم المكتب السياسي وهذا موضوع طويل يا مملوح. قرار الانفصال كان قرارا غير موفق.. وهذا كلام الأستاذ سالم صالح محمد عضو مجلس الرئاسة حينها وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في تلك الفترة، * ما يعني أن هناك أعضاء في المكتب السياسي لم يكونوا متحمسين لقرار الانفصال؟. سالم صالح محمد كان أبرز المؤيدين لهذا التوجه، إعلان الانفصال. * لكن قرأت له في مجلة الوسط اللندنية؟ -مقاطعاً- ما قرأته لسالم صالح هو فيما بعد.. يا مملوح سالم صالح كان عضو مجلس رئاسة، وتحرك في جولة عربية ودولية كعضو مجلس رئاسة لصالح الانتصار لقرار الانفصال “احنا ما نريد ندخل في التفاصيل” * أنيس حسن يحيى كان خارج الوطن يوم 7 يوليو 94م.. لماذا؟. أنا خرجت من عدن أثناء الحرب على رأس وفد برلماني من الجمعية الوطنية التي تشكلت في عدن لزيارة عدد من البلدان العربية والأوروبية وعدد من بلدان العالم، وأعلن عن دخول القوات عدن في 7 يوليو 94م وأنا في أمريكا.. * تأخرتم يعني؟ الظروف “وهذا يظل موضوع آخر”[c1]الرئيس لم يمارس انتقامات[/c] جولتكم تلك كانت للانتصار لقرار الانفصال قرار الانفصال.. أضحك عليك وأضحك على فلان وأضحك على نفسي، إذا قلت لك أنا ما باركت قرار الانفصال، لكن أنا في الحوارات أثناء الحرب كنت مع خيار إعلان حكومة إنقاذ وطني حسب اتفاق لجنة الحوار التي كانت موجودة في عدن.. وليس دفاعا عن موقفي.. أنا كنت أتمنى أن نعلن حكومة إنقاذ وطني لليمن ككل، وفيه آراء أخرى داخل هذه اللجنة وأخيراً انتصر أصحاب رأي الانفصال وأنا باركت رأيهم، لأن قرار الانفصال جاء بعد ثلاثة أسابيع من الحرب فالحرب هي قادت إلى الانفصال. * كنت من ضمن الفارين خارج الوطن.. لماذا فضلت العودة؟ هذا وطني.. أنا موجود في الخارج لأني كنت ضمن قائمة الـ16 ولولا أني كنت ضمن الـ16 لما خرجت من اليمن. والمحاكمة كلها محاكمة عبثية المنتصر يحاكم المنهزم. * المنتصر في الحرب لم يمارس الانتقامات ضد الطرف الآخر، والدليل أنك حين قررت العودة عدت بشكل طبيعي ولم يستهدفك أحد؟ الحمد لله.. والحقيقة هذا شيء يحسب للأخ الرئيس ما في شك في ذلك، لكن السياسات التي مارستها السلطة بعد ذلك كانت في بعضها تعسفية.[c1]إعدام سالمين[/c] * اسمح لي يا أستاذ، كثير من المراقبين قالوا لو أنكم من انتصر في 94م لكانت الانتقامات والتصفيات مستمرة إلى يومنا هذا، بدليل ما كان يحدث في الجنوب قبل الوحدة، عقب كل خلاف بين تيارين. إذا تريد أن تأخذ رأيي، أنا كنت ضد إعدام «سالمين» وكنت أفضل حل الخلاف مع سالمين عبر الحوار، وبالتالي أنا باكون ضد أي تصفيات دموية لو انتصر الاشتراكي. * لكن ماذا عن قيادة الحزب الاشتراكي بشكل عام؟ أنا أقول أن الحزب الاشتراكي اليمني نضج بما فيه الكفاية بحيث أنه لا يرتكب حماقات!. لكن يا أستاذ مشكلة الحزب الاشتراكي اليمني أنه لم يكن في يوم من الأيام اشتراكي.. هذا ما يراه باحثون في العلوم السياسية. كيف تقل لي أنه لم يكن اشتراكي.. هذا مش صحيح. المؤسسون أسموه الحزب الاشتراكي، ووضعوا من أهدافه بناء الاشتراكية العلمية إلا أنه في الواقع تجاوز الواقع. تجاوز الواقع.. في هذا أنا معك، لكن أن يقال أنه لم يكن اشتراكي هذا غير صحيح. * الحزب أخطأ في قراءته للواقع هذا ما أقصده؟ هذا ما أشرت إليه.. «القراءة المتعسفة للواقع» وأشرت إلى سالمين وهو من خيرة رفاقنا، لكن إذا باختلف معه، باختلف معه بسبب قراءته المتعسفة للواقع.[c1]عودة علي ناصر والبيض[/c] * ثمة مواقف وتحركات تنبئ عن رغبة علي ناصر محمد في العودة إلى قيادة الحزب الاشتراكي اليمني.. أو أن هذا ما يخطط له علي ناصر؟. ما أدري.. وهذا شيء يخصه وأنا شخصيا أرحب به لو فكر يعود. * علي سالم البيض هو الآخر لا يزال يرى في نفسه الأمين العام الشرعي للحزب.. بدليل أنه في عام 97م اتصل به القيادي الاشتراكي البارز شعفل عمر من القاهرة، وطلب منه أن يدعم أمين عام الحزب الدكتور ياسين ماليا ليقاطع الاشتراكي انتخابات 97م المقاطعة الإيجابية.. يعني أن لا يشارك في الانتخابات ولكن ينزل في نفس يوم الاقتراع للاعتصام في الشارع، إلا أن علي سالم قال له أنا الأمين العام للحزب؟. اسمح لي أوضح لك مسألة المقاطعة (اما الأمر الآخر لا أدري) عام 97م كان الاتجاه الواسع في داخلنا مع المقاطعة وأنا كنت مع خيار المقاطعة، لكني حاليا مع المشاركة؟الآن فيه اتجاه داخل المشترك نحو المقاطعة لأنهم ما وصلوش إلى اتفاق مع الحزب الحاكم.. أنا أقول لهم الذي يقرر خوض الانتخابات مش أننا نتفق مع الحزب الحاكم أو لا نتفق، وإنما الذي يقرر خوض الانتخابات هي مسئوليتنا في أننا ننتصر لتقاليد الديمقراطية أو للمناخ الديمقراطي في اليمن، وخوضنا للانتخابات يكرس العمل والتقاليد الديمقراطية بصرف النظر عن المقاعد التي بانحصل عليها في مجلس النواب.. لهذا أنا مع خوض الانتخابات.[c1]المشترك في نظر أنيس[/c] * برأيك ما الذي يحد من فاعلية المشترك الذي يضم في صفوفه خليط غير متجانس من الأحزاب والتنظيمات السياسية؟ المشترك يمتلك حيوية غير عادية مقارنة مع وضع سابق.. لكن الوضع صعب؟أنا اشتيك تعود إلى مقالتي التي هي بعنوان «القبيلة في اليمن ومشروع بناء دولة عصرية» أنا قلت بأننا نخوض معركة ضد التخلف وهذه معركة تتطلب فترة زمنية طويلة، انا معركتي مش مع «س» و «ع» في هذا النظام.. صحيح هما يدعموها قوى محافظة «س» و «ع» لكن أنا معركتي مع التخلف، وكنت أشرت إلى تحشيد القبيلة لمواجهة الحوثيين.. هذا سلاح ذو حدين أولا: يبين أن الدولة فشلت في مواجهة الحوثيين وإلا فليس هناك حاجة لتحشيد القبيلة.. ثانيا: القبيلة لها حساباتها ولها طموحاتها وبالتالي ستفرض غدا شروطها فيما لو انتصرت على الحوثيين وهذا الأمر مشكوك فيه لأن الجمهوريين الذي كانوا جمهوريين في النهار كانوا ملكيين في الليل.[c1]الإصلاح والقبيلة[/c] * حزب الإصلاح الذي يقود أحزاب المشترك باعتباره أكبرها وأكثرها ثقلاً.. هذا الحزب تقوده القبيلة إلى جانب جناح الأخوان.. وهذا يعني أن القبيلة هي من تحكم أحزاب المشترك بما فيها الاشتراكي؟ الإصلاح مثلما كنا نحن في الاشتراكي، فيه مراكز قوى لكن فيه جيل جديد في الإصلاح، وهذا الجيل هو الذي نراهن نحن عليه، يقترب من الرؤية المدنية في بناء الدولة.أنا الاشتراكي قد تستغرب أنني من أكثر الناس تحمسا لهذا اللقاء بين الاشتراكي والإصلاح.. أنا لا أنظر للإصلاح من خلال الزنداني.-مقاطعاً- لكن الزنداني والجناح القبلي هما الإصلاح.. هما التنظيم. «مقاطعا» أنا لا أنظر للإصلاح من خلال الزنداني وفي الوقت نفسه ما أقدرش أتجاهل موقع الزنداني وغيره، شوف.. الآن المشترك يهاجم هيئة الفضيلة، من على رأس هيئة الفضيلة الزنداني والذارحي، والذارحي رد عليهم على المشترك، يعني فيه حراك سياسي، فيه جيل جديد داخل الإصلاح أشوف أنا أنه في رؤيته قريب مني في بناء الدولة، ليش إذاً أظل أنا متمترس مثلما ما كنت في الماضي رجعيين ومحافظين.. لا.كفرونا إحنا يا عبدالناصر.. أنا في تاريخ 8/7/92م جرت محاولة اغتيالي من قبل بعض الجهاديين بدعم من هؤلاء أمام بيتي في المنصورة، 70 رصاصة أطلقت عليَّ والحمد لله نجوت بإعجوبة، لأن الذين حاولوا قتلي «أحدهم له موقع اليوم» أطلقوا رصاصاتهم وفروا على الفور.. أعني لم يلحقوني ليتأكدوا أنهم نجحوا في عمليتهم. * استهدفوك حينها على أساس أنك ماركسي شيوعي؟ هم قالوا هكذا أنني ماركسي وعلشان كذا يستحق القتل.. وقالوا أنه ملحد.. أنا يا ولدي مافيش في يوم من الأيام كنت مقتنع بالإلحاد.. الإلحاد موقف عبثي.. أن أكون أفكر تفكيراً اشتراكياً علمياً هذا يعني أنني أحاول أن أفهم التطور الذي يجري في الحياة وفي المجتمع بشكل علمي، لكن هذا لا يعني أن لي موقف ضد الدين أو أنني ملحد. * هناك من يرى أن هؤلاء لا يزالون بتفكيرهم السابق.. كيف ترى أنت؟ ليس كلهم.. بدليل أن في هذا التكتل «المشترك» الزنداني نعم.. آخرين نعم، ما فيش شك في ذلك.. والجيل الجديد في الإصلاح يعاني من الزنداني.. الزنداني لم يتغير منذ أن عرفته في منتصف 59م في القاهرة.. كنا طلاب.. خلاص يا مملوح كملنا.[c1]ثقافة صراعية[/c] * اسمح لي أرجوك.. من مكونات الثقافة السياسية لأحزابكم «المشترك» هي ذات طبيعة صراعية بينها البين كلها دون استثناء.. وهذا رأي الدارسون.. ما رأيك هل هذا يعوق تقدمهم؟ المنطق أيش يقول نبحث عما يجمعهم، صح أم مش صح، ونترك أي مسائل سياسية للزمن، أعطيك مثال واحد.. أنا لمَّا أنزل عدن أشعر بقهر أكثر من 90% من النساء منقبات.. النقاب مالوش علاقة بالإسلام والحجاب من منظور ديني ما يعنيش العباية.90 % من النساء في عدن منقبات، ولما نقول لهم ليش.. يقولوا فيه ناس في الشارع يأذوننا.. هذا الموقف المتخاذل للمرأة ما كانش مألوف. * لكن الحاصل الآن أن موقف الحزب الاشتراكي من المرأة أكثر تخاذلاً.. في داخل تكويناته حتى أن اجتماعات ومؤتمرات صحفية داخل مقر اللجنة المركزية تتم دون حضور أي امرأة ولهذا دلالات؟ هذا الذي أنا أعيبه على الاشتراكي.. أن هناك ظمور في نشاطنا أوساط النساء، وفيه ظمور أيضا في نشاطنا وسط الطلاب، وفيه ظمور في نشاطنا وسط العمال.. وهؤلاء هم قوى الحداثة داخل المجتمع. * وهناك تراجع من قبل الحزب عن الاشتراكية العلمية ؟ لا.. لا.. ما فيش تراجع عنها. * فكيف تفسر إذا قول قادة حزب الإصلاح وهم يبررون تحالفهم مع الاشتراكي بان هذا الأخير لم يعد يعمل بالاشتراكية العلمية الذي لا يقبلون التحالف معها؟ لا ما فيش تراجع. * لكن هناك من برّر سبب تحالفه معكم بقوله: أن الاشتراكي قد أسلم.. فهل ترى أنت أن الحزب الاشتراكي قد أسلم؟ إحنا يا عبدالناصر مسلمين في الأساس.. الفكر الاشتراكي العلمي لا يشترط أن يكون الشخص مسلم أو غير مسلم.