نبض القلم
يقول الحسن البصري : “ يا ابن آدم إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك” بما يعني أن الإنسان ليس جسداً ولا مالاً ، وإنما هو وقت وزمن قصير يقاس بالأيام لا بالسنوات . فالإنسان العاقل ليس لديه وقت يضيعه لأن اللحظة التي تمر عليه لا تعود ابداً .قال النبي صلى الله عليه وسلم إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً من أمر الدنيا أو الآخرة إلا أعطاها الله إياها) بما يعني أن للوقت قيمة ، حيث أن هناك ساعة مهمة للقيام بعمل ما لو فاتت لن تعوض .أي أن الوقت أعظم نعمة أنعمها الله على الإنسان فهو عند العقلاء الفطناء أعظم شيء في الوجود ، وهو عند الأغبياء الجهلاء ارخص ما يكون.ولأهمية الوقت والمنفعة العظيمة أقسم الله سبحانه وتعالى بأزمان وأوقات معينة ، قال تعالى : “ والضحى والليل إذا سجى” وقال تعالى ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) وقال تعالى( والفجر وليال عشر) وهكذا بقية الآيات التي تؤكد على أهمية الزمن وقيمة الوقت.وفي الحديث الشريف عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا فعل به .وقال صلى الله عليه وسلم اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك) وهو ما يؤكد أن الوقت يمر بسرعة ولا يمكن خزنه أو استبقاؤه ومن هنا فإن فاعلية أي إنسان تعتمد على مدى قدرته في تحليل وقته ومعرفة أين وكيف يقضيه؟ ومع من؟ وفي أي موضوع؟ وفي ذلك قال الشاعر دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني وهو ما يستوجب أن يحدد المرء الموضوعات المهمة التي لها أولوية في التضحية بالوقت من أجلها، أو يحدد الأشخاص الذين يمكن أن يعطيهم من وقته أكثر من غيرهم ولذا عليه تنظيم وقته بحيث يتجنب كل ما من شأنه تضييع وقته كالتسويف ، أي التأجيل فلكل وقت وظيفة ، فاليوم له وظيفة تختلف عن وظيفة الغد فإذا كان الإنسان لا يستطيع اليوم القيام بما يجب عليه القيام به فكيف سيستطيع غداً القيام بعمل اليومين . وهو ما يستوجب ‘إدارة الوقت بصورة صحيحة تطبيقاً لشعار .( لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد )فالإنسان الذي لا يستطيع إدارة وقته لا يستطيع إدارة أي شيء آخر ، فإدارة الوقت تعني الاستغلال الأمثل للوقت من حيث برمجته ، وتنظيم الأعمال وإنجازها في مواعيدها المقررة وفق الخطط المرسومة ، وهو ما يستوجب تجنب مسببات ضياع الوقت من جهة ومن جهة أخرى يتطلب حسن توزيع الواجبات اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية ، وتحديد الأولوية بين المهام والمتطلبات التي يواجهها الإنسان يومياً .ومن أهم مسببات ضياع الوقت سوء توزيع الوقت، وعدم وضوح الأهداف التي يود الشخص تحقيقها، وكذا القيام بأعمال روتينية أو ممارسة الهوايات على حساب الواجبات ما يؤدي إلى تكاثر الأعمال المدرجة في برنامج اليوم الواحد ، وتراكم الأمور المعلقة غير المبتوت بشأنها لعدم إنجازها في مواعيدها.[c1]* خطيب جامع الهاشمي (الشيخ عثمان)[/c]