قصة قصيرة
من بداية شارع الذهب وهو يترقب تلك الحسناء الفاتنة وهي تشق طريقها في الزحمة وتنتقل من بائع مفرش إلى آخر.. وعيناه جهاز رادار على تحركاتها، وأكثر من ذلك على ما يحويه جسمها الرشيق من مفاتن قاتلة للصبر. ولكنه لا يقترب منها كثيراً اتقاءً لأشياء كثيرة منها خوف على الكشف منها شخصياً، وثانياً تجنباً لمراقبة الناس له، وخاصة المعارف وبالتالي هبوط سمعته عندهم. أخذ يتنقل بنظراته في محاسنها النادرة وهي تنتقل من هنا إلى هناك. لا يمكن أن تكون عدنية. قال لنفسه ذلك.. يا لذلك الشعر اللامع المسترسل كالحرير فوق الأكتاف!! يا لتلك اليدين الشمعيتين الظاهرتين من أعلى الكتف إلى الكفين الناصعين كالجبن الأبيض!! يا لجسمها المتناسق جداً جداً جداً!! ويا لمشيها المغري لكل اشتهاءات النفس. حتى الوجه عندما رماه من بعيد بنظرة سريعة سرعة التفاتة الفتاة ثواني الخلف لإلقاء نظرة سريعة على محتويات أحد الباعة. فقط من خلال هذه اللفتة السريعة للفتاة مرر لاقطته السريعة على الوجه، وعلى الصدر واكتشف أن الوجه جذاب للغاية رغم أن نظرته كانت سريعة ومن مسافة بعيدة نسبياً. أما الصدر ربما يكون غير بارز بعض الشيء، وهو يموت في الصدر البارز، إلا أنه عزا ذلك إلى صغر سن الفتاة. وكل هذا دار في رأسه وهو يتتبع تلك الكتلة من المفاتن، وتلك الأنوثة التي ربما تسلخ الرجل الصالح عن صلاحه. وانتظر.. وصبر.. وتحمل كل مشاق ومتعب الحر اللاسع في تلك الساعة، وتحمل بكل تفانٍ مضايقات الزحمة الخانقة. وذاب شحمه، ولحمه، وربما نقص من وزنه الكثير وهو ينتظر انتهاء نزهة الفتاة.وأخيراً وبعد ساعة زمن وصل غزاله إلى آخر الشارع، حاملاً معه عدة أكياس دعائية لماعة تحمل محتويات مختلفة.. هي ثمرة ساعة تجوله في الشارع، وأخيراً وصل إلى فرزة الهاشمي. متلفتاً يسأل هنا وهناك ربما عن أي الحافلات تذهب إلى الوجهة التي يطلبها. قال في نفسه : لا أدري ما أفعل، ولا أدري إلى أين يذهب غزالي. ولكني لن أتركه.. وراءه يعني وراءه. بعد هنيهة تسلقت الفتاة حافلة البريقة : نعم بريقي إذاً.. حتى ولو للمريخ سأتبعها. تمتم بذلك الكلام ولحق بعدها صاعداً باص البريقة. وحاول أن يجلس خلفها تماماً. حتى يستمتع عن كثب بكل محتويات الجسم الحريري اللامع.ولم تمر ثوانٍ إلا والتفتت الحسناء إلى الخارج من نافذة الحافلة لتنظر ما يدور في الخارج من مشادات كلامية بين بعض سائقي الباصات وما هي إلا ثانية أو أقل حتى التقطت عيناه آثار الشعر المحلوق في الشارب واللحية على وجه الـ....أحس وكأن الدنيا تدور به دوراناً سريعاً شق رأسه نصفين.. لم يعد يرى بعينيه إلا طريق النزول من باب الحافلة في تخبط واضح. و ( الكراني ) الصغير ينادي عليه : مالك.. مالك يا أستاذ.. إحنا رياحين الآن. أطلع هيه!!ولم يعر ( الكراني ) أي انتباه، وراح يخط طريق العودة إلى الشارع وهو يعيد شريط متابعة الفتاة أو ما ظنه.. فتاة. وأعصابه تكاد ( تتقارح ) غيظاً وندماً على وقت ضاع، وجهد أهدر، وأعصاب تلفت.