القاهرة / متابعات : يبدأ كتاب «حكمة الحياة.. مختارات وحكم وتأملات من أعمال نجيب محفوظ» الصادر عن دار الشروق في 152 صفحة تأليف علية سرور بمقدمة لمحفوظ أبدى فيها ترحيبه بجهد «الست علية سرور..» لفكرتها الممتازة لجمع زبدة أفكاري من مجموعة أعمالي.. هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها أي شخص في تحمل القيام بمثل هذا الجمع من كتاباتي. يشكل «الكتاب» ملخصا مثيرا لأفكاري ونظرتي إلى العالم على مدى ستين عاما من الكتابة».ويبرز إيمان محفوظ بقيم عليا أولها الحرية والمساواة فيقول في كتاب «نجيب محفوظ في سيدي جابر» وهو محاورات مع محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر- أن «الأدب الإنساني الراقي يدعو دائما للحرية والمساواة» كما يقول في رواية «ليالي ألف ليلة» أن «الحرية حياة الروح وأن الجنة نفسها لا تغني عن الإنسان شيئا إذا خسر حريته» كما يرى في «أصداء السيرة الذاتية» التي كتبها في التسعينيات أن «أقرب ما يكون الإنسان إلى ربه وهو يمارس حريته بالحق».وتبدو قيمة التسامح في أقوال كثيرة منها «عسى أن يختلف اثنان وكلاهما على حق» كما جاء في رواية «ميرامار».وعن رحلة الحياة يقول في رواية «السكرية» مقارنا بين الشباب والشيخوخة «سوف تدول دول وتنقلب أزمان ولم يزل الدهر يتمخض عن امرأة سارحة ورجل جاد في إثرها. الشباب لعنة والكهولة لعنات فأين راحة القلب أين..»ثم يلخص هذا المعنى بعد عشر سنوات في رواية «ميرامار» قائلا «الشباب يبحث عن المغامرة. الشيخوخة تنشد السلامة» و»ما جدوى الندم بعد الثمانين..» وبعد عشر سنوات يسجل في رواية «الحرافيش» 1977 أن «السعداء حقا من لا يعرفون الشيخوخة».ويرى في روايته الأولى «عبث الأقدار» 1939 التي استوحاها من مصر الفرعونية أن «فضيلة الزواج أنه يخلص من الشهوات ويطهر الجسد» لكنه سيقول لاحقا على لسان أحد الأبطال في «بين القصرين» أن «الزواج أكبر خدعة ، الزوجة تنقلب بعد أشهر شربة زيت خروع» ثم يقر في «السكرية» وهي الجزء الأخير من ثلاثيته الشهيرة بأن «الزواج هو التسليم الأخير في هذه المعركة الفاشلة» وفي الرواية نفسها يقول أيضا «لولا الأطفال ما طاق الحياة الزوجية أحد».وفي «السكرية» يقول «إذا لم يكن للحياة معنى فلم لا نخلق لها معنى.. ربما كان من الخطأ أن نبحث في هذه الدنيا عن معنى بينما أن مهمتنا الأولى أن نخلق هذا المعنى».وفي «الشحاذ» يكتب: «ما أفظع ألا يستمع لغنائك أحد ويموت حبك لسر الوجود ويمسي الوجود بلا سر»، وفي «ثرثرة فوق النيل» يرى أن «إرادة الحياة هي التي تجعلنا نتشبث بالحياة بالفعل ولو انتحرنا بعقولنا» وفي رواية «يوم قتل الزعيم» يقول «الحياة فصول ولكل فصل مذاقه. وطوبى لمن أحب الدنيا بما هي.. دنيا الله».ويطل الموت بإلحاح في أعمال محفوظ ويقول في «زقاق المدق»: «أن الإنسان ليعيش كثيرا في دنياه عاريا أما عتبة القبر فلا يمكن أن يجوزها عاريا مهما كان فقره».يقول في «أولاد حارتنا» على لسان أحد الأبطال «الخوف لا يمنع من الموت ولكنه يمنع من الحياة» وفي موقف آخر يقول « لن تتاح لكم الحياة ما دمتم تخافون الموت» وهذا قريب من قوله «الإيمان أقوى من الموت والموت أشرف من الذل».يقول في رواية «رحلة ابن فطومة»: «لن تخرج المعاني إلا لمن يطرق الباب بصدق»، وفي رواية «السمان والخريف» يقول «الحق أن جميع البشر في حاجة إلى جرعات من التصوف.. وبغير ذلك لا تصفو الحياة» وفي «اللص والكلاب» يرى أن «الدنيا بلا أخلاق ككون بلا جاذبية».ولكن محفوظ رغم كل شيء كان متفائلا اذ يقول في «المرايا» أنه: «مهما يكن من أمر فلا يمكن تجاهل المرحلة التي قطعها الإنسان من الغابة إلى القمر».