مبادرة الرئيس السياسية تهيئ لأرض خصبة تجذب الاستثمارات وتنهي مشكلات اقتصادية
كتب/ ذويزن مخشف :يعتقد مراقبون وسياسيون ومنهم معارضون أن مبادرة رئيس الجمهورية بشأن استحداث إصلاحات في المنظومة السياسية اليمنية قد لامست واقع المجتمع المدني المتعطش للتحضر والتطوير الديمقراطي وطالبوا بمزيد من التأييد بعدما خذل تجمع لأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) الالتفاف حول مقترحات زعيم البلاد لاسيما في مقترح خفض فترة الرئاسة عامين دعما للديمقراطية الحديثة في البلد الذي يحاول معالجة قضاياه الاقتصادية والسياسية. وقد تضمنت الاقتراحات صياغة عشرة مقترحات تفعل أمر تعديلات دستورية تهدف إلى تطوير النظام السياسي في اليمن عبر خفض فترة الولاية الرئاسية من سبع إلى خمس سنوات وخفض فترة ولاية البرلمان من ست إلى أربع سنوات وتخصيص 15 في المئة من مقاعد البرلمان وعددها حاليا 301 للنساء.فضلا عن تكوين السلطة التشريعية من غرفتين هما مجلس النواب ومجلس الشورى ليجري انتخابهما كل أربع سنوات. بالإضافة إلى أن التعديلات التي يسعى بها الرئيس صالح أيضا تؤدي لإلغاء منصب رئيس الوزراء وتولي إدارة مجلس الوزراء بنفسه.ويرى المراقبون أن المقترحات من شأنها الدفع بمزيد من الديمقراطية من خلال توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار مستفيدة بذلك من التجارب الفعلية التي حصلت في هذا الشأن.ووافقت على الاقتراحات كافة الأحزاب السياسية حتى ذات التوجه المعارض مثل أحزاب مجلس المعارضة اليمنية باستثناء تكتل الأحزاب المنضوية حتى قبة "اللقاء المشترك" المعارض الذي يضم أحزاب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي والاشتراكي والناصري. قال الخبير الاقتصادي سيف العسلي الذي يشغل حاليا رئيس اللجنة الاقتصادية برئاسة الجمهورية ووزير المالية الأسبق أن مجيء المبادرة في وقتها الصحيح لا لأنها ستسحب البساط من تحت الشعارات والادعاءات التي تروج لها أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك بل لأنها تهدف إلى تطوير النظام اليمني.. مستفيدة من التجارب الفعلية التي حصلت في هذا المجال. وأضاف"لا تستطيع أن تخطو خطوات جادة وواسعة في الحكم المحلي في ظل مركزية متسلطة وضعيفة في نفس الوقت كالذي تدعو إليه أحزاب المشترك المعارضة في اليمن، فالنظام البرلماني الذي تدعو إليه هذه الأحزاب واعتبار أسلوب القائمة النسبية في الانتخابات سيترتب عليه عدم إمكانية فوز حزب من الأحزاب بالأغلبية، الأمر الذي سيحتم قيام تحالفات في ظل العقلية التي تحكم أو تسيطر على قيادة اللقاء المشترك..وأن الحكومات الائتلافية ستكون ضعيفة بحيث أن من يمثل هذه الأحزاب في الحكومة سيعمل فقط لخدمة حزبه وليس للوطن مما يجعل الحكومة ضعيفة ومشلولة وبالتالي سيؤدي إلى إضعاف العلاقة بين المركز والأطراف وستكون النتيجة هي الفوضى المدمرة". لكن العسلي قال أن مشروع الرئيس الذي طرح للنقاش على الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية وغيرها يهدف أساسا "إلى إيجاد سلطة محلية قوية وسلطة مركزية أيضا قوية مع تحديد اختصاصات السلطتين، وبالتالي سيعمل على إيجاد حراك سياسي باتجاه تحقيق العديد من الانجازات، وفي إطار انضباط وتوازن بين السلطة المحلية والمركزية بما يمنع من ظهور أي نوع من أنواع الفوضى". ويؤيد كثير من المهتمين والمثقفين والمواطنين العاديين هذا التوجه الذي يريد به الرئيس صالح إرساء مشروع لمنظومة سياسية في البلد لها إستراتيجية مستقبلية. ويتضمن مشروع التعديلات استبدال مسمى السلطة المحلية ويعدل إلى الحكم المحلي إضافة إلى أن يكون رئيس الحكم المحلي منتخباً من قبل هيئة الناخبين وفقاً للقانون ويكون لمجلس الحكم المحلي صلاحيات يحددها القانون ويصدر قرار من رئيس الجمهورية لتسمية رؤسائها المنتخبين وينعكس ذلك الوضع على المديريات ووفقاً لما يحدده القانون.إضافة إلى أن الضرائب والموارد المحلية تكون من اختصاص المجالس المحلية التي تقوم بتخصيصها في تنفيذ المشاريع وتسير الأعمال في الإطار المحلي وفقاً للقانون واتجاهات الخطط العامة ويحدد القانون ما يعد ضرائب سيادية مركزية وكذلك الواردات والثروات النفطية والمعدنية والغازية وغيرها من الثروات.وأبدى مساعدو زعماء في أحزاب المعارضة وأحزاب اللقاء المشترك ترحيبهم بمبادرة الرئيس قالوا أنها تستلهم فكر الحاجة إلى الإصلاح الحقيقي للنظام السياسي. كما أكدوا أنها تحمل جوانب إيجابية عديدة.وقال الصحفي أبوبكر باذيب رئيس تحرير صحيفة "الثوري" لسان حال الحزب الاشتراكي اليمني في مقاله الافتتاحي أن المبادرة تقر ولأول مرة بأهمية الانتقال إلى حكم محلي بسلطات يحددها القانون وبانتخاب رئيس الحكم المحلي وغير ذلك من الأمور إذ أحسن تطبيقها يمكن أن تؤدي إلى تفكيك البنية المركزية الشديدة التي تحكم قبضتها على المحافظات وتشكل قيدا على حركة تطورها وهو أمر يكاد يتطابق مع النص الوارد في وثيقة "الإصلاح السياسي والوطني" والأمر سيان ينطبق على الفصل الخاص بنظام الغرفتين التشريعيتين الوارد في المبادرة فهو يمكن أن يكون خطوة متقدمة في نظام التشريع وهناك سلبيات ونواقص جدية في المبادرة وتحديدا في جانب تشكيل اللجنة العليا للانتخابات.أما حزب البعث العربي الاشتراكي القومي فقد أعلن استجابته للمبادرة وأعتبرها جديرة بالنقاش والحوار حتى لا تصل إلى مجلس النواب إلا بعد أن يستقر كافة أطراف العمل السياسي على قاعدة الوفاق والاتفاق لأنها متعلقة بنظامنا السياسي الذي نشكل نحن الأحزاب السياسية ركناً من أركانه الأساسية.ويرى محللون يمنيون أن خطوة الرئيس صالح الذي بادر بطرحها بعد عام من إعادة انتخابه بإجماع في 20 سبتمبر العام الماضي بأنها جادة بشأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يتعاون فيها المانحون مثل البنك الدولي.ويتعين أن يوافق البرلمان على مشروع الإصلاحات الدستورية الجديدة لتصبح سارية.وقال الكاتب والصحفي جمال عامر رئيس تحرير أسبوعية "الوسط" المستقلة في افتتاحية صحيفته أن المفترض من الأحزاب السياسية أن تنظر للأهداف وتناقشها وأن لا تتوقف كثيرا عند الوسائل فمسألة تحديد ماهية النظام كان مطلبا للمعارضة ومثله الحكم المحلي واسع الصلاحيات.وأضاف "ما قدمه الرئيس مبادرة وليس قرارا جمهوريا وهو ما يعني أن إمكانية مناقشتها وتعديلها والوصول إلى توافق حولها أمر ممكن إن توفر حوار جاد ومسئول". وقال عامر أن الحاضر لم يعد يحتمل إعادة إنتاج -بما اسماه- الكاتب حوارات لتضييع الوقت- خاصة وأن المبادرة الأخيرة- حسب قوله "تقدم بها رئيس الدولة رئيس الحزب الحاكم وكان على المشترك أن يترك الباب مواربا لا إغلاقه تماما كما حصل".وأكد جمال عامر أن ما طرحه الرئيس في المبادرة يعد تغييرا لشكل النظام السياسي وهو ما لا يجب التعامل معه بخفة كما تم التعامل مع التعديلات الدستورية السابقة إلا أن المرحلة تفرض تقديم تنازلات من جميع الأطراف لصالح استقرار البلد.كما أكد الصحفي والمحلل السياسي محمد الغباري مراسل صحيفة البيان الإماراتية بصنعاء في مقال نشرته أسبوعية "النداء" المستقلة انه "لا ينقص المبادرة التي أطلقها الرئيس علي عبد الله صالح بشأن الحكم المحلي وشكل نظام الحكم إلا الجدية في تحويل ذلك إلى واقع عملي".وتابع أن ما أعلنه الرئيس"يمثل مبادرة من الحكم تقابل ما طرحته المعارضة وإن اتفقت معها في كثير من القضايا وبخاصة ما يتعلق بطبيعة نظام الحكم المحلي".وأشار الغباري إلى أن غياب أحزاب المشترك عن اللقاء الرئاسي الذي خرجت منه تلك المبادرة لا يجب أن يشكل مصدراً للتعامل مع القضية بمنطق المكابرة والعناد، بل إن المسؤولية الوطنية تقتضي من هذه الأحزاب أن تتعامل بإيجابية مع هذا الإعلان، وأن تغوص في تفاصيله وتحاور على آليات تنفيذه وبما يحافظ على جوهره.وقال الغباري"ليس معيباً أن تسجل المعارضة موقفاً مؤيداً لأي خطوة إيجابية من الحكم، ولا ينقص من أدائها، ونضالها أن يأتي جزء من مطالبها عن طريق السلطة، بل إن الخلاف المفترض حول طبيعة نظام الحكم قد يبدو الوحيد الذي يحتاج إلى الحوار. أما بقية القضايا الذي تضمنتها مبادرة الرئيس فهي محط اتفاق بين فرقاء السياسة وحتى الحكم الرئاسي فإنه نموذج معمول به في أكثر من بلد من البلدان الديمقراطية الفيدرالية كالولايات المتحدة وألمانيا.. وما كان مطلوباً من قبل المعارضة هو نظام واضح بمسؤوليات واضحة".مؤكدا بان بإمكان الجميع أن يكونوا شركاء في معالجة المشكلات ، ويمكنهم أيضا أن يساهموا في تعقيدها".