الاستقلال ووحدة النضال الوطني :
مع نهاية اربعينات القرن الماضي وتحديداً في 15 مايو 1948م شهدت مدينة عدن اول مظاهرة طلابية كانت في ظاهرها الاحتجاج الشعبي على تسليم بريطانيا فلسطين، للكيان الصهيوني، ولكنها في حقيقة الأمر كانت المؤشرات الاولى لبروز حركة طلابية تطورت مع أوائل ستينيات القرن الماضي لنأخذ بعداً نضالياً سياسياً حقوقياً ومطلبياً لقد كان الخامس عشر من فبراير 1962م يوماً مشهوداً في تاريخ الحركة الطلابية اليمنية في عدن، اذ شكل اضراب الطالبات بثانوية البنات بخور مكسر، الرافض للسياسة التعليمية التي كانت تمارسها السلطات البريطانية في المستعمرة عدن، بداية الانطلاقة لخوض الحركة الطلابية غمار النضال الوطني التحرري الذي بدأت ملامحه تتبلور من خلال المسيرات والمظاهرات العمالية التي كانت تشهدها مدينة عدن المطالبة بالحقوق العمالية، والمساندة للثورة المصرية «ثورة 23 يوليو 1952م» والمؤيدة لحركة تأميم قناة السويس 1956م.[c1]أدوار مشرفة .. ومسؤوليات مبكرة :[/c]تقول رضية احسان الله في كتابها «عدن الخالدة» ميناء عالمي حر، ان «الثورة الطلابية كانت الشرارة الاولى التي اشعلت ثورة 26 سبتمبر، كما عرفنا من سيرة علي عبدالمغني ومن افواه زملائه الضباط الاحرار» ص (172).وقفت الحركة الطلابية في مواجهة الدعوة الى الاتحاد الفيدرالي «وتعدين عدن» وهي المحاولات التي حاول الاستعمار البريطاني فرضها خلال الفترة (1955- 1956م)، فعملت على انشاء النوادي الثقافية، لتنظيم انشطتها وفعالياتها المختلفة ليس في مستعمرة عدن فحسب، بل سعت وفق اهدافها الى ان يشمل هذا النشاط بقية المناطق الجنوبية، فكانت عدن هي مركز الصدارة لنمو وتطور هذه الحركة الطلابية التي تعرضت لمحاولات الاجهاض والقمع من قبل السلطة الاستعمارية.تقدمت صفوف الطلبة مسيرة الزحف الشهيرة الى مقر المجلس التشريعي 1965م وسقط شهداء للحركة ابرزهم هشام زوقري، وتعرض آخرون للاعتقال.. ومنذ ذلك الحين استطاعت الحركة الطلابية ان تتحمل المسؤولية بجدارة لتحريك الشارع والجماهير في كل المناسبات والاحداث الوطنية التي شهدتها عدن وبقية المناطق الجنوبية، كما كانت لها مواقفها المشهودة دعماً لحركة التحرر الوطني العربية.وتعاظم دورها النضالي لمواقفها المشرفة من القضايا النضالية للشعوب العربية التي ترزح تحت نير الاستعمار، فتقدمت الحركة الطلابية المظاهرات في عدن مستنكرة حرب الابادة التي يتعرض لها الشعب الجزائري من قبل الاستعمار الفرنسي، فقامت بجمع التبرعات لصالح الثوار الجزائريين.كما قادت المسيرات والمظاهرات في عدن إثر نكسة حزيران 1967م لتصبح بذلك ركيزة أساسية في مسيرة النضال الوطني، وليصبح لها كيان مستقل استطاعت من خلاله بلورة رؤيتها الفكرية والثقافية والسياسية في مسيرة النضال الوطني وكرافد من روافد الحركة الوطنية اسهم في الحراك المجتمعي والسياسي في عدن المستعمرة وبقية المناطق الجنوبية.[c1]قراءة لبعض منشورات وبيانات الحركة الطلابية إبّان الكفاح المسلح :[/c]مع تشكل الكيانات الطلابية التابعة للجبهة القومية، وجبهة التحرير، تبرز البيانات والمنشورات كمعبر سياسي عن اهداف القضايا التي تبنتهما الحركة الطلابية.فالقيادة المشتركة لمنظمة هشام الطلابية جميع الطلائع الطلابية بجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل تطالب بمطالب يرى اتحاد طلبة الجنوب المحتل انها لا تتلاءم وواقع الاحداث والتطورات الجارية في الساحة النضالية وبشكل خاص المتعلقة بالاضرابات الطلابية.1 - 28/ 4/ 1967م منظمة هشام الطلابية تطالب برفع الاضراب:أ- مدرسة البنات كريتر. ب- مدرسة البادري ج- مدرسة المدراسي.د- المعهد العلمي. ه- مدرسة المرسابة.2 - 30/ 4/ 1967م يصدر اتحاد طلبة الجنوب المحتل بياناً حول الازمة الطلابية يوضح فيه نتائج التفاوض مع الجهات المسؤولة في وزارة المعارف جاء فيه: رضوخ السلطات المسؤولة في المعارف والتزامها التزاما كاملاً بتحقيق المطالب الطلابية الاساسية منها والفرعية وهي:- اعادة فتح جميع المدارس في عدن والولايات.- رفع قرار التوقيف بحق الطالبات الخمس من كلية البنات.- عدم تعرض طالبات المدارس للتفتيش من قبل جنود الاحتلال.- الافراج عن جميع الطلبة المعتقلين في عدن والولايات.- الاعتراف الكامل من جديد باتحاد طلبة الجنوب المحتل كممثل لجماهير الطلبة في الجنوب.- الغاء القرار الخاص بتسريح المدرسات والمدرسين المؤقتين.- الزام السلطات المسؤولة في المعارف إعادة الاستاذين علي جعفر محمد ناصر وعبدالله علي القرشي الى منصبيهما.3 - 12/ مايو 1967م اصدرت منظمة هشام الطلابية بياناً هام بعنوان «مأزق خطير» وحددت هذا المأزق بوجود تفرقة في صفوف الطلبة والطالبات مطالبة ازاء هذه الظروف المتوترة من:- تكاتف الجهود لبناء صرح وحدة طلابية متينة أساسها المصلحة الطلابية.- المطالبة بقيام منظمة طلابية خالية من جميع الحزبيين، وان يكون هذا التنظيم تحت مسمّى التنظيم الطلابي لطلائع الجنوب اليمني المحتل.. على ان تتحدد مطالب هذا التنظيم في :1 - ان تكون مصالح القطاع الطلابي هي الغاية المنشودة.2 - ليس شرطاً اعتراف وزارة المعارف الاتحادية بهذا التنظيم والاكتفاء باعتراف الجماهير الطلابية كممثل شرعي ووحيد له..4 - 24/ مايو 1967م اصدر اتحاد طلبة الجنوب المحتل بياناً عبر في مقدمته على ان الظروف التي يمر بها شعبنا ونضاله المرير ضد الوجود البريطاني وممارساته البربرية اللا اخلاقية حيث تعرضت قوات الاحتلال البريطاني لطالبات المدرسة المتوسطة للبنات في المعلا من تفتيش واعتداء على شرفهن وكرامتهن اساليب لا تتماشى مع تقاليدنا الاسلامية والعربية دفع الطالبات التوقف عن الدراسة ولهذا يطالب:- عدم انتهاك حرمة المدارس ومنع دخول القوات البريطانية اليها.- عدم التعرض لتفتيش الطالبات من قبل الاحتلال واذا لزم الامر فيجب ان تفتش من قبل نساء مجندات.- وقف الاعمال الاجرامية تجاه طلبة الولايات والنظر الى مطالبهم بجدية كاملة.[c1]الخاتمة :[/c]ان الهدف من اجراء المقارنة لمنشورات وبيانات الحركة الطلابية إبّان الكفاح المسلح وخاصة في الفترة التي سبقت خروج الاستعمار البريطاني بأشهر، يؤكد على القضايا الخلافية والمتفق بشأنها، تصاعدت احداثها وتدل على:1 - نضوج مبكر للمواقف والاهداف السياسية التي اتخذت من قبل الحركة الطلابية وخاصة فيما يتعلق بالقضايا التضامنية مع نضالات القوى الثورية في الوطن العربي بشكل عام والوقوف الى جانب نضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة بشكل خاص.2 - تمتع الحركة الطلابية بروح عالية من المسؤولية واستعدادها الدائم لتلبية النداء لمتقضيات وطنية وقومية.3 - دخول الحركة الطلابية معترك الصراع الدائر بين الجبهة القومية وجبهة التحرير كطرف رئيسي.4 - وضوح المطالبات الحقوقية والنقابية وتحديداً في مجال التفاوض مع وزارة المعارف الاتحادية.5 - ضرورة توحيد الحركة الطلابية والعمل في اطار موحد يخدم مصلحة القضية الطلابية دون تسييسها.[c1]المصادر :[/c]1 - منشورات الحركة الطلابية.2 - عدن الخالدة «ميناء عالمي حر» رضية احسان الله الطبعة الاولى 1995م دار النشر مؤسسة دار الهلال القاهرة.3 - وثائق يمنية الجنوب اليمني - عبدالله بن احمد الثور- الطبعة الاولى 1986م مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر. 4 - الحركات الاجتماعية والسياسية في اليمن 1918م - 1967م د. صادق عبده علي - طبع بمطابع دار الهمداني للطباعة والنشر - عدن[c1]* ورقة مقدمة إلى الجزء الخامس من ندوة «توثيق تاريخ الثورة اليمنية » عدن ، ديسمبر2007 [/c]