القاهرة/ 14أكتوبر / مشيرة عكاشة :أكد الكاتب إبراهيم فتحي أن الرواية العالمية ليست هي التي تأخذ الجوائز والشهادات التقديرية علي مستوي العالم ، بل هي الرواية التي تعبر عن القراء واتجاهاتهم بشكل أدبي شامل ، لا ينقص شيئا.وقال أن العالمية ليست قائمة تستكمل من الأدباء أصحاب الجوائز العالمية وإنما هي إسهامات قومية متعددة يساهم فيها الكاتب من خلال التعبير عن هموم قومه وشعبه وأمته ويقوم من خلال ذلك بتقديم نماذج روائية متطورة وجديدة علي المستوي النفسي والأسلوبي.جاء ذلك في ندوة “الرواية ومدي وصولها إلي العالمية” التي أقيمت في إطار ندوات ملتقي الرواية العربية الرابع الذي نظمه المجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة مؤخراً.بدأ فتحي بالحديث عن الرواية المصرية فقال الرواية المصرية منذ بدايتها ، رواية ناضجة لم تضع سوراً فاصلاً بين المصير الاجتماعي والسيكولوجيا الفردية ، ويظهر هذا النضج في أعمال محمود تيمور وإبراهيم المازني ، فأعمالهم اتسمت بالشمول ، وتلك الصفة تعطي الأدب دلالة ليست مقصورة علي مكان معين أو زمان محدد ، فهي روايات عالمية وخاصة روايات المازني فهي تكشف قدرة تسجيلية السرد ، ولا تقف عند اللغة العربية أو الأدب المصري ، وتضيف إلي فاعلية الأدوات الروائية.وأضاف فتحي : العالمية ليست قائمة تم استكمالها من أصحاب الجوائز العالمية أو أصحاب اللغط الإعلامي فلا وجود لأدب عالمي خارج الإسهامات القومية المتعددة ، أنه المشترك العام بدرجات تكثيفه المتنوعة بين الخصوصيات القومية في الإنتاج الروائي ، سواء كان ذلك المشترك ناجماً عن تأثير وتفاعل بين الآداب القومية المتنوعة مثل رواية ( رامه والتنين ) لإدوار الخراط ، أم كان ثمرة لنمو تلقائي وتوازن مستقل في التيمات والمعالجات كرواية (السائرون نياماً) لسعيد مكاوي.وعن نجيب محفوظ في بلاد اليونان قالت الكاتبة بيرساكوموتسي : اليونانيون الذين يطالعون روايات محفوظ ، ويفضلوه علي سواه من الأدباء ، بغض النظر عن كونهم مجرد قراء عاديين بسطاء أو شعراء أو كتاب روايات ، أو حتي نقاد ومفكرين يستخدمون معايير جمالية صارمة في نقدهم ، وفي تصوري أن هذا التوافق يرجع إلي أن محفوظ كاتب لا يفقد أصالته ، فعالمه اليومي هو مدينة القاهرة وعالم الطبقات البسيطة ، التي تتطلع إلي الصعود ما فوقها ، وعلي الرغم من ذلك هو الكاتب الذي استطاع تغيير لون الطابع المحلي ، وتحويله إلي ظروف حياة ذات شكل خاص.واضافت كوموتسي : مصر بالنسبة للقارئ اليوناني معروفة وغير معروفة ، معروفة لأن اكبر عدد من اليونانين استقر بها ، منذ العقود الأولي للقرن التاسع عشر ، وهناك فرق مسرحية عديدة جاءت من اليونان لعرض أعمالها في مصر.وشددت كوموتسي على أن هناك تشابكا بين ماهوشرقي وغربي ، لذلك نجح محفوظ برواياته وأصبح محبوباً بين اليونانين نتيجة لقدرته القصصية الخيالية ، فكل رواية من رواياته تعد بمثابة طريق يمضي بنا صعوداً نحو حقائق الحياة البشرية الأكثر عمقاً ، فضلاً عن العناصر الأخري المصاحبة لها سياسة كانت أو دينية.[c1]المتاجرة بالعواطف[/c]واتخذ الكاتب عبد الستار ناصر الروائي جورج أورول خير مثال علي التمييز والعالمية فقال : لم يرغب جورج أورول في كتابة سيرته الذاتية ، إلا ان >برنارد كريك< أستاذ السياسة في كلية الدراسات الجزئيه بجامعة لندن رأي في حياة جورج ما يدعو للكتابة عن هذا الرجل الذي اختلف آراء النقاد والقراء بشأنه طوال حياته وبعدها ، وحاول كريك في كتابه >جورج أورول سيرة حياة< أن يبتعد عن الخصوصيات الجارحة والخفايا التي لا علاقه لها بأعمال الكاتب.وأضاف ناصر : بالرغم من حصول (جورج آرول) علي جائزة نوبل ، إلا انه رفض المتاجرة بالعواطف عن طريق كتابة المذكرات علي أنها الشهيق الأخير في جسد المبدع ، ومنذ أول مقالة كتبها (أورول ) عن حياة الفقر في باريس ولندن ، اختفى اسم المنقوش في جنسية أحواله المدنية ، وقد مات عام 1950 بعد إصابته بمرض السل ، ولم يكمل الخمسين من العمر ، ولم يعلم بما فعلته كتاباته الروائية من انقلابات في بريطانيا وفي أوربا بشكل عام.وقال ناصر : جورج في أعماله كلها متشائمة ، ينصر الشر علي الخير في نهاية المطاف ، وفي روايته (الأحياء والأموات) التي نشرت عام 1984 وتغير عنوانها ليكون (الرجل الأخير في أوروبا) يقوم الممثل الشهير (ريتشارد بيرتون) بدور نائب الأخ الأكبر في عمليات غسل الدماغ وتعذيب المخالفين لشروط الحياة التي يقررها الحاكم المستبد والتي جاء أول بنودها “ ممنوع الحب بين الجنسين إلا بموافقة الحزب “ ،فكل شيء في رواياته مزحوم بالسواد والغبار والحرارة في عز الشتاء.