اليمن الموحد
صنعاء / سبأ :مثل استعادة اليمن لوحدته فى العام 1990م أضافة مهمة فى ترسيخ دعائم الامن والاستقرار فى المنطقة والعالم. فمما لاشك فيه أن أغلاق ملف التشطير بكل ما كان يحمله من صراعات واضطرابات قضى على وضع شاذ كان له تأثيراته السيئة ليس فقط على اليمنيين بل على كل شعوب المنطقة . وقد أعطى هذا الاستقرار الداخلى دفعة قوية للسياسة اليمنية الخارجية التيتعاملت مع محيطها الاقليمي ومع دول العالم بمسئولية وبوضوح تام وعلى أساس الاحترام المتبادل فى أطار مبادى العلاقات الدولية والقانون الدولى. واستحوذت قضية امن المنطقة على الاهتمام الاكبر للسياسة الخارجية اليمنية منذ وقت مبكر . ففى العام 1977م تم عقد موتمر لهذه الغاية فى مدينة تعز ضم الى جانب شطرى اليمن الصومال والسودان ..حيث تم الاتفاق على أهمية الحفاظ على أمن البحر الاحمر لما يحقق مصالح الدول المطلة عليه والسعى لانهاء الازمات التى قد تنشأ فى ما بينها . ولم تتغير السياسة الخارجية اليمنية بعد الوحدة تجاه هذه القضية بل ترسخت أكثر فكان دائما هو المحرك لحركتها ولعلاقاتها . ويمكن أن نلحظ ذلك فى عدة مسائل أمكن فيها للسياسة اليمنية اتخاذ مواقف كان لها اثر كبير فى الهدوء النسبى الذى تشهده المنطقة . ومن هذه المسائل مسالة الحدود التى تعاطى معها اليمن بكل مسئولية وبما يخدم الاستقرار فى المنطقة . فلم يلجأ الى وسائل يمكن أن تودى الى خلق فوضى أو حتى الى مواجهات غير مأمونة العواقب . فأغلق فى الاول من أكتوبر 1992م ملف الحدود مع سلطنة عمان بالتوقيع على اتفاقية الحدود الدولية معها . كما أغلق أقدم ملف حدودى بينه وبين المملكة العربية السعوديةفى الثانى عشر من يونيو عام 2000م بالتوقيع على معاهدة الحدود الدولية النهائية للحدود البرية والبحرية . الامر الذى انعكس ايجابيا على امن واستقرارالمنطقة التى عانت من تأزمات هذا الملف لاكثر من ستين عاما . وبنفس هذه الروح تعامل اليمن مع الاحتلال الاريترى لجزيرة حنيش فى 15 / 12 /1995 م فلم ينجر الى مواجهة عسكرية تدخل المنطقة بأكملها فى حرب خاسرة لا تستثن أحدا من نتائجها المدمرة . وفضل اللجوء للقانون وقام بتغليب منطق العقل على منطق القوة أدراكا منه انه من السهولةالبدء بالحرب غير انه من الصعوبة أيقافها . وخاض بذلك معركة دبلوماسية وقانونية عبر القبول بالتحكيم الدولى الذى جاء فى نهايته فى مصلحة اليمن.. حيث صدر حكم المحكمة فى التاسع من شهر أكتوبر العام 1998م وقضى بالاجماع بتأكيد السيادة اليمنية على أرخبيل حنيش وزقروجبل الطير ومجموعة جزر الزبير . و اكسب هذا السلوك اليمن احتراما دوليا . حيث عبر المجتمع الدولى عن تأييده لهذا النهج الذى جنب منطقة البحر الاحمر أجواء التوتر والقلق والحرب التى كانت ستعصف بالملاحة الدولية بل وبأمن دول وشعوب المنطقة. وأولى اليمن اهتماما خاصا بمحيطه الاقليمى الافريقى أو ما يعرف بمنطقة القرن الافريقى.فكان لجهوده الاثر الاكبر فى أنشاء تجمع أقليمى أطلق عليه تجمع صنعاء يضم الى جانبه كل من السودان وأثيوبيا أضافة الى الصومال التى تم قبول عضويتها فى الاجتماع الاخير الذى تم عقده فى مدينة عدن أواخر العام الماضى.ومنذ تأسيسه فى 23 / 10 / 2002 م عقد هذا التجمع أربع دورات على مستوى القمة . استضافت صنعاء الدورة الاولى واستضافت العاصمة الاثيوبية أديس أبابا الدورةالثانية. واستضافت العاصمة السودانية الخرطوم الدورة الثالثة. واستضافت مدينة عدن الدورة الرابعة. ومن خلال قراءة أدبيات وبيانات تجمع صنعاء يمكن القول أن استراتيجيته الاساسية هى تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية والامنية بين دوله التى يجمعها أقليم واحد والى حد كبير تاريخ واحد بما يحفظ مصالح الجميع. وخلال الدورات الاربع السابقة توصلت دول التجمع الى كثير من القرارات الهامة التى تعزز هذا الاتجاه وتصب فى تطوير التعاون الاقتصادى وتسهيل حرية انتقال رووس الاموال فيما بينها. ومكافحة التهريب والارهاب والجريمة المنظمة.وفى أطار اهتمام القيادة السياسية اليمنية بالوضع العام فى منطقة البحر الاحمر والقرن الافريقى تقدم فخامة الرئيس على عبدالله صالح فى دورة الخرطوم التى عقدت فى ديسمبر 2004م بمبادرة للسلام والتعاون والاستقرار والتنمية عبرت عن روية يمنية شاملة تجاه هذه المنطقة الحيوية من العالم تقوم على أساس أن امن واستقرار المنطقة لا يمكن تحقيقها ألا بشراكة اقتصادية حقيقية وبشراكة سياسية أيضا تمنع الوقوع فى صدامات عبثية ستكون الشعوب هى الخاسر الاكبر فيها . ومن هذا المنطلق احتلت مسالة الصومال مساحة كبيرة فى أجندة السياسة الخارجية اليمنية باعتبار أن امن واستقرار هذا البلد يوثر على امن واستقرارجميع دول المنطقة.. فأطلقت اليمن مبادرات عديدة تجاه هذا البلد الذى مزقته الحروب من اجل التوصل الى أنهاء حالة الفوضى والحرب وأقامة دولة مركزية قوية قادرة على حفظ امن وحياة الشعب الصومالى . وفى هذا الجانب يواصل الرئيس على عبدالله صالح استقبال الاطراف والشخصيات السياسية الصومالية بغرض تقريب وجهات النظر والتوصل الى روى مشتركة تصب فى تحقيق الوفاق الوطنى المنشود لكافة الفصائل الصومالية بمايمكنها من توحيد جهودها وطاقاتها لاحلال الامن والسلام فى هذا البلد وأعادة بناء موسساته وصون وحدة أراضيه والحد من ألاثار السلبية لتردى الاوضاع فى هذا البلد على دول المنطقة فضلا عن التهديدات التى يمثلها استمرار ذلك الوضع على ما هو عليه على الامن والاستقرار فى منطقة القرن الافريقى وجنوب البحرى الاحمر بشكل عام . وهذا ماأدركه قادة تجمع صنعاء وكان السبب الحقيقى وراء قبول عضوية الصومال فى التجمع نهاية العام الماضى فى اجتماع قمة عدن بمايمكن دول التجمع من ان تساهم بفاعلية فى دعم ومساندة الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة بمايودى فى النهاية الى أعادة الاستقرار وأحلال الامن فى الصومال . وهنا ينبغى الاشارة فى ذات الموضوع الى تعامل الحكومة اليمنية الانسانيمع قضية اللاجئين الصوماليين حيث تحملت فى سبيل استقبالهم أعباء اقتصادية كبيرة لم توافق دول غنية على تحملها. ومن المسائل الهامة التى تصدى لها اليمن والتى توثر سلبا على الاستقرار سواء على الصعيد المحلى أو على الصعيد الاقليمى أو على الصعيد الدولى مسالة الارهاب. وفى هذا الاتجاه اتخذت الحكومة اليمنية مجموعة من الخطوات المختلفة المحاصرة الارهاب و الارهابيين الذين يسعون الى ضرب مصالح الوطن وأحداث فوضى شاملة يستطيعون من خلالها تحقيق أهدافهم الاجرامية . فتعاملت مع تلك العناصربخيارينالاولى تركز على التعامل الامنى بكل قوة وحزم. الثانى أنتهاج طريقه جديدةتتفرد بها اليمن تمثل بحوارالعلماء الافاضل مع المغرر بهم من تلك العناصر لتصحيح الافكار المغلوطة التى غرست فى عقولهم بالحجة والبينة من كتاب الله وسنة رسوله الكريم علية الصلاة والسلام وهو ماكلل بعودة الكثير من تلك العناصر الى جادة الصواب وأعلنوا توبتهم الى الله تعالى وعوتهم مواطنيينصالحين لتنال هذه التجربة بتقدير عربى ودولى وأصبحت محل دراسة من قبل عدد من الدول فى الشرق والغرب بغية الاستفادة منها . وما يزال اليمن فى الوقت الراهن يتحرك وفق أستراتيجية مركزية وثابتة تهدف الى تحقيق الامن والاستقرار فى منطقة الخليج ومنطقة القرن الافريقى تصب فى خدمة الامن والسلام العالميين.