هازليت:
إعداد/ داليا عدنان الصادق[c1]"عاش طفولة مرحة سعيدة فلما كبر أصبح نفورا عزوفا غليظ القلب"[/c] قضى وليام هازليت باكورة حياته يدرس الفلسفة والادب والفن والسياسية ولكنه اساسا كان باحثا في شؤون الحرية الانسانية وكانت انسانيته هي التي اكسبت كتاباته مانالت من خلود. ولد وليام هازليت في عهد الثورة وعاش في احضانها لأن آباء القس كان قد ثار على الكنيسة الرسمية وكان قد ساند الثوارفي امريكا واعتنق مبادئ الثورة الفرنسية وبشر بتعاليمها وفي هذا الجو نشأ وليام هازليت وفيه نما وترعرع.قيل ان وليام هازليت الطفل كان مرحا سعيدا ضحوكا ألوفا فلما دهمه البلوغ تغير وتأثر واصبح عزوفا نفورا جافا غليظ الطبع وقال أبوه في ذلك :"مرت على ولدي سحابة حرمته نعمة المدنية الفطرية"والانسان مدني بالطبع كتب هذا المراهق وهو في المدرسة خطابا لأبيه قال فيه : "ماأسعد من يستطيع اذا ادركه الموت ياأبي أن يقول بشئ من الرضا الذي لايحسه لقد نلت من الدنيا غايتي ولم يعد فيها من المباهج مايستهويني وأحمد الرب أني قد هزمت شهواتي بلادموع ولاأسى ولكن سعادة دائمة مقيمة ومااتعس الرجل الذي إذا احس بأجله يدنو أو بنوره يخبو قال ليتني أديت واجبي نحو الخالق ونحو العباد قال هذا وهو يطلب المغفره من ربه.[c1] "لقاؤه مع كولردج"[/c]كان عميد الشعر الانجليزي في القرن التاسع عشر كولردج ووردزوت يناصر ان مبادئ الثورة الفرنسية أول الأمر ويبشر ان بتعاليمهااهتم كولردج بأمر وليام هازليت وبعث معه رسالة فلسفية كان هازليت الصغير يناقشه فيها كما يناقش نده فلما لم يصلا إلى قرار دعا كولردج لاتمام المنافسة في بيته (نيدر ستوري) فأحس الشاب بسعادة وغبطة وقبل الدعوة شاكرا.[c1] "الكتابة بدل الرسم"[/c]كان هازليت قد بلغ السادسة والعشرين من عمره دون ان يكون له مورد رزق ثابت يعتمد عليه بعد أن فشل كفنان فلما اعيته الحيله عاد إلى الكتابة ونشر أول كتبه عام 1805 وهو الكتاب أو الرسالة الفلسفية التي كان قد ناقشها مع كولردج يوم زاره في بيته أول مرة .وبدأت آراء هازليت الفلسفية تتبلور فاستطاع أن يعبر عنها تعبيرا واضحا وتجلت في كتاباته تلك النزعة التحررية فبدا وكأنه يسير في الدرب الذي سارت فيه الثورة الفرنسية واحس انه يعيش في فجر عصر جديد.وتأثر أسلوب هازليت كذلك بحب الطبيعة ذلك الحب الذي غرسة كولردج في قلبه فلما تزوج هازليت من سارة ستودارد ووضعت سارة طفلها الأول الذي لم يعمر طويلا ؛ حزن عليه حزنا بالغا.[c1] "هازليت وكولوردج"[/c]كان هازليت في سن (38) لما سنحت له الفرصة لنقد شعر معلمه وراعيه كولوردج طلب اليه ان يستعرض قصيدتين من قصائد الشاعر الكبيرفتغلب عناده وحقده على حكمه الموضوعي فبهتت في عينيه ألوان عبقرية كولردج لأنه كان قد قرر أن يهبط به إلى مستوى شاعر عادي ووقع كولردج تحت رحمة هازليت فنسى هذا أنه هو الذي علمه معاني الشعر الجديد فكشف للناس عن مواطن الضعف في كولردج وفي شعره وقال:"إن خطيئة كولردج هي أنه لايعمل في الأدب الى قرار أو خاتمة لأنه رجل حباه عبقرية شمولية جبارة تترك عقله معلقا بين الشعر والنثر ؛ تائها بين الحق والباطل ضالا بين اللانهايات وهو سبب هذا الغيض من القدرة.وحاول هازليت ان يكون موضوعيا مااستطاع في نقده كولوردج ووردزورت عن غير قصد ان يصل الى اكبر درجة من الفهم لما كتب الشاعران لأنه استطاع ان ينفذ إلى الصميم ويكشف عما غمص فيما كتباه ونظماه.على ان هازليت لم يكن عنيفاً في نقده لكولردج طول الوقت بل أنه حاول ان يتلمس له الأعداد حين أشار إلى إدمانه (تعاطى) الافيون.وكان فضل هازليت هو انه استطاع ان يحول هذه العموميات إلى معيار يمكن أن يقاس به الشعر[c1] "خاتمة"[/c]اعتلت صحة وليام هازليت وتاثر عمله وقل دخله واثقلت الديون كاهله فدخل السجن لما عجز عن السداد وظل سجينا حتى قيض الله له واحدا من أهل الخير كفله وافرج عنه والح عليه المرض واقعده فمات بسرطان المعدة في بيته بشارع فريت حي سوهو في اليوم الثامن عشر من شهر سبتمبر (ايلول عام 1830م) وهو في الثانيهوالخمسين من عمره وكانت كتاباته الأخيرة لولده «لقد كانت حياتي سعيدة حقاً ولعل اشهر مقالاته كلها مقال له بعنوان "اكيف تعيش لنفسك"