قصه قصيرة
محسن العنجري:استفاق خائفاً،متأكداًمن وجوده بين أحضان لحد مظلم .. مجبراً على استنشاق فوح العطور المركزة التي أخذت تفوح من بين خيوط كفنه الأبيض الناعم ..كل شيء من حوله يؤكد بأنه قد دفن في قبره ومشرف على بلوغ مصير أخر .وعلى الرغم من ذلك فقد تخطى خوفه واخذ يبحث عن من سيساعده في الخروج سبيل الدنيا مرة أخرى.لعل ...وعسى الأقدار تفعل ماتشاء.نعملقد تذكر..بأنه ذات حين أوصى زوجته المطيعة التي دائماً ما تحرص على تنفيذ اومراه ومطالبه من دون ملل.. لقد أوصى بأن ترفق الجوال بين طيات كفنه إذا داهمه القدر وسبقها في الممات .تذكر ذلك ..فانبلجت مسرته وسعد حينما لامست أنامله طرف الجوال الموثوق بقدمه ..تحسسه بمشاعر فرحة وموقنة بالنجاة ..أخذه إليه وقربه من عينه التي لاترى سوى ظلام لحد..ليتنفس صعداء مهلهلاً ..مكبراً وحامداً وشاكراً الله على سبيل النجاة - قرر أن يبلغ عبر الهاتف خبر بقائه على قيد الحياة- وقرر أن يبعث برسالة عبر الهاتف المنقذ!ولكن تردد.. مرجئاً ذلك إلى وقت لاحق.قال..في خلده..سأجرب النوم بين أحضان قبري وأحاول أن أتعايش مع أجواء الموت .. أريد أن أجرب مرحلة القبر .. ولو ليلة واحدة وغداً سأتصل فيأتون لإخراجي وإنقاذي .نام مجرباً النوم تحت الأرض ملء قبر ملتحد جثمانه الحي.لتمر الساعات تلو الساعات..بعدها استيقظ ..ومرة أخرى يتحسس المحمول ويأخذه إليه.ويضغط..ويضغط مفاتيح محموله ثم يضغط فتضيء شاشة الجوال ويصدر رنة معهودة ..لينطفئ..لينطفئ فجأة..فجأة..لقد استنفدت البطارية .بل استنفد صاحبنا آخر أيامه بين أحضان لحده.