قصة للنقاش.. في الأدب التعليمي والقصصي!!
د/زينب حزاممن خلال دراسة ميدانية قمت بها على عدد من طلاب التعليم الأساسي وطلاب الثانوية العامة في مديرية المعلا دامت إحدى عشرة سنة قمت خلالها بالتعرف على النواحي النفسية والتعليمية والاجتماعية على أربعين طلاب منذ دخولهم السنة الأولى ابتدائي حتى الثاني ثانوي ،وخلال هذه الدراسة توفي طالب وهو في السنة الرابعة ابتدائي نتيجة مرض وقد كان من أوائل الطلاب ،وطالبان فضلا العمل في الأسواق نظرا للظروف الاقتصادية لأسرهم غير القادرة على تحمل أعباء التعليم واحدهما اخذ يدرس بالانتساب بعد انتهائه من التعليم الأساسي.قال لي أحد الطلاب ،وهو في المرحلة الابتدائية ،أنا لا ارغب في الدراسة لان المنهج الدراسي مكثف ،ولا أجد متعة في التعليم ،لذا أفضل القيام بخدمة أسرتي في شراء محتاجا تهم من البقالة ،حيث أطير من الفرح وأنا أقوم بشراء الفواكه والخضروات ،وينتابني إحساس عارم بالفضاء ،وكل الأشياء تبدو لي غير حقيقية في هذه اللحظة التي ينبغي لي أن أكون داخل الصف ،ويهزني إحساس عميق بجمال الوجود.لا ادري لماذا يكره الطلاب في هذه المرحلة الابتدائية ،التعليم إلى هذا الحد ،فالإنسان بين السابعة من عمره حتى الثالثة عشرة من العمر يريد أن يتابع اللعب ،وينخرط في إحدى الفرق لكرة القدم أوكرة السلة أو الكنغ فو والتكواندوا وغيرها من الأعمال ،وخاصة العاب الاتاري «البلاي ستيشن»هذا بشأن الأولاد أم الفتيات في اليمن فيفضلن المكوث ساعات طويلة أم شاشات الفضائيات لمراقبة احدث صيحات الموضة والأزياء وأخبار النجوم وفتيات المرحلة الأولى ابتدائي حتى الرابعة ابتدائي نجد لديهن حماساً شديداً للتعليم والبروز في المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم وغيرها من المواد العلمية ،إضافة إلى مشاهدة برامج الأطفال .إن الطلاب في المرحلة الثانوية العامة أكثر نضجا ومسؤولية ،ففي هذا السن نجد الطالب أكثر شوقا للتعليم والمعرفة فقط تغدو المعرفة المجردة فاكهة طيبة ومرغوبة من قبل الناس من هنا ندعو إلى ضرورة تتبع الأدب الموجه للأطفال الذي ينقل الحياة النظرة الخضراء إلى صحارى المعاهد والمؤسسات التربوية ولعل هذا الأدب ضروري لتلميذ المدرسة الحديثة أكثر مما كان ضروريا لتلميذ المدرسة القديمة ،فأطفال المدرسة القديمة كانوا أكثر تعرضا للحياة والتجربة والمغامرة الفردية من أطفال اليوم ،أن مشهد الولد المشاغب كان مرغبا به في السابق وهو رمز للولد القادر على المغامرة والفوضى هذا الرأي الخاطئ أدى إلى هروب التلاميذ من المدرسة والعمل في الأسواق والمهن البسيطة كميكانيكي سيارات أو باعة متجولين ،والبعض يصبح ضحية الفوضى وينحرف في الأعمال غير الأخلاقية كالسرقة والنصب والاحتيال .[c1]دعوا الأطفال وشأنهم[/c]البعض يرى أن احترام الأب يجب أن يقام على الطاعة العمياء، فالولد يجب أن يطيع والده دون مناقشة الأمر ،وإلا يطرد أولادهم من المنزل حتى يذهب لتوفير لقمة العيش بنفسه ،لذا كان على أدب الأطفال مناقشة هذه القضية لحماية الولد من الشارع والمصائب التي تلحق به ،لان الولد في المجتمع اليمني والعربي يعاني من قسوة المعاملة حيث نجده وهو في سن صغيرة يعاني من الضرب القاسي من الأب والمعلم في المدرسة خاصة مدارس الابتدائية ،حيث يستخدم الأب والمعلم العصي والتركيع والسجن والطرد ومختلف وسائل الترهيب في معاملة الولد ..ونادرا مانجد الولد في مجتمعنا اليمني يحظى بعناية الوالدين وزرع المحبة والرحمة والشكر في نفس هذا الإنسان الذي ينتظره المجتمع ،بينما نجد الفتاة اليمنية تعيش منكسرة الجناح في البيت والمدرسة وبعض الأسر تتخلص من الفتاة بتزويجها في سن مبكرة خاصة الأسر التي لاتستطيع توفير مصاريف المعيشة للفتاة ،لذا يتم تزويجها من رجل كبير في السن قادر على تحمل أعباء الأسرة، والبعض يجد أن تعليم الفتاة غير ضروري ويكتفي بتعليمها حتى تنال شهادة التعليم العالي ،لذا نجد الفتاة اليمنية تحتل المكانة الضعيفة في المؤسسات العملية نتيجة التعليم المتدني.لقد كانت حياتنا بالقياس إلى حياة الأولاد اليوم مغامرة متصلة ومغيرة لايجرؤ أشجع كتاب القصة القصيرة أو الرواية على كتابتها، وفي حين أن هذه النصوص الصالحة، التربوية جدا، التي تحفل بها المكتبات المتصلة المتصلة باادب الأطفال اليوم ،لان الولد والفتاة في السابق وحتى هذه المرحلة يعانيان من قسوة الآباء والمعلمين وهما ينقلان لهما قواعد الفضيلة والأخلاق والسلوك ويستعرضان لهما قائمتي الفضيلة والرذيلة دون اخذ رأيهما في تحقيق أحلامهم وأمالهم من صنع الحياة والمستقبل .إننا في الوقت الحاضر ندعو إلى ضرورة تشجيع أبنائنا على أنفسهم مع مراقبة كل تصرفاتهم حتى نساعدهم على تصحيح الأخطاء، وعلى هامش التجربة الشخصية، وهامش الحياة المستقلة للطفل ندعو ضرورة مساعدة الطفل في المدارس الابتدائية إلى الدراسة في الهواء الطلق بعيدا عن أسوار المدرسة وتطبيق المعلومات النظرية في الواقع المعيشي للطفل ،فعندما نعطي درساً في علم النبات يجب اخذ الطلاب في رحلة مدرسية إلى إحدى المزارع أو الحدائق للتعرف على هذه النباتات ،معظم الكتاب والباحثين في شؤون الطفل يدارون أمزجة الأهل والمعلمين لا أمزجة الأطفال، ويفكرون بالمفيد أكثر مما يفكرون بالجميل،أنهم يجدون ذلك أسهل بكثير من الحديث «جمال الزهرة» أو الفراشة أو العصفور ،فالأدب التعليمي يجب أن يبحث في الواقع مع الخيال الذي ينمي الفكر والإبداع للأطفال فعندما ندرس الطفل عن المد والجزر في البحر لايغرس الفهم النظري في ذهن الطالب الصغير إلا إذا اخذ الطالب في رحلة بحرية ليتعرف على المد والجزر في الواقع ،إن الأدب التعليمي الذي يساعد الطفل على توضيح معاني الأفكار والحقائق المعقدة للطفل من خلال نص قصصي أو شعري بسيط وشيق ،ولكن هذا شيء والأدب الحقيقي شيء آخر.والمؤسف إننا أسأنا من البداية فهم الأدب التعليمي مايقارب نصف قرن من الزمن مما أدى إلى تراكم الأخطاء والمشاكل التربوية والأخلاقية ،وفي السنوات الأخيرة من القرن الماضي تطورت حركة أفلام الكرتون التي ساعدت كثيرا في التربية الجمالية للأطفال ،كما تطورت القنوات الفضائية التي ساعدت أيضا على تقديم العديد من البرامج التلفزيونية للطفل وتعريفة على العديد من المواضيع العلمية والأدبية والفكرية والمناهج التعليمية .إن أدب الطفل ينبغي أن يكون وفيا أولا وأخيرا للحياة ،للجمال والحرية ،ومساعدة الطفل للتعرف على واقع الحياة الذي يعيشه ،ومساعدته على الابتكار والتجديد وعدم الاعتماد على الدروس النظرية التي تعطى في كتب المناهج التعليمية ،وبدون التطبيق في الواقع المعيشي وبدون التجارب فهي تتبخر من ذهن الطالب بعد تقديم الامتحانات الفصلية ،لذا علينا أن نحدث ثقوبا واسعة على جدران البيوت والمدارس لكي نكتشف الآفاق التي تبصر الأطفال وتجعلهم يطيرون فرحا.