قصص من الغموض والخيال 1-2
تأليف/ س. هـ. بورتن ترجمة/ طارق السقافلقد افنيت عمري كله في العمل وعندما بلغت الستين من العمر قررت ان اتقاعد وقمت ببيع منزلي في المدينة واشتريت منزلاً في الريف لقد اردت دائماً العيش في الريف لأنني احب الهدوء خصوصاً بعد عمري الذي افنيته في العمل في المدينة بين الضجيج ولطالما حلمت بشراء حديقة كبيرة ازرع فيها الزهور والخضار . وافقت زوجتي على فكرتي في السكن في الريف لانها اصلاً من مواليد الريف وكانت تحن للعودة للحياة الهادئة ولقد شاركتني في حبي في زراعة الزهور والخضار وفي احد الايام اخبرتها بأنني قد ادخرت مبلغاً كافياً يمكنني ان اتقاعد عن العمل وكانت هي سعيدة بذلك كثيراً وقالت لي " لقد كنت اتطلع كثيراً لهذا اليوم لقد كنا دائماً نتشارك في نفس الميول والرغبات والان لدينا الوقت الكافي للاستمتاع بها " ولهذا بدأنا بالبحث لشراء منزل ريفي ولم يكن من السهولة بمكان ايجاد المنزل بالمواصفات التي طلبناها لم نكن نريد منزلاً كبيراً ولكن حديقة كبيرة كما كنا نريد ان يكون المنزل معرضاً لاشعة الشمس اثناء الشروق في الصباح ولقد قطعنا اميالاً كثيرة اثناء بحثنا عن المنزل المطلوب وكثيراً ما كانت المنازل المعروضة للبيع لا تناسب ذوقنا استغرق البحث عن المنزل شهوراً عديدة وكنا مرهقين من ذلك ولو لم نكن متفقين انا وزوجتي على مواصفات المنزل لكنا قد تشاجرنا حيال هذا ولكننا كنا نعرف ما نريده بالضبط وكنا متأكدين من اننا سنجد المنزل المطلوب . كان يجب علينا الاستمرار في البحث . واخيراً وجدنا المنزل الذي طالما حلمنا به وكان في هامبشاير التي تبعد حوالي خمسين قدماً عن لندن كان المنزل يدعى " سيم ويز " وحجمه يتناسب تماماً مع طلبنا وكان منزلاً مبنياً من الحجارة كما كان دافئاً مشمساً ومريحاً وكان بين مقدمة المنزل وشارع القرية حديقة صغيرة كما كان هناك ممر يؤدي الى درجات الباب الامامي للمنزل وخلف ذلك الممر كانت هناك حديقة كبيرة مليئة بالاشجار المثمرة والورود وكانت الشمس مشرقة والحديقة الخلفية مليئة بالدفء وبضوء الشمس . لم نتجادل على ثمن المنزل فقد بدا رخيصاً لنا وحتى لو كان ثمنه غالياً لكنا قد اشتريناه ايضاً لانه مطابق للاوصاف التي اردناها كما انه انهى رحلة البحث التي استغرقت شهوراً . دفعنا المال واشترينا المنزل الذي طالما حلمنا به . انتقلنا الى سيم ويز للسكن في نهاية الربيع وكان هناك الكثير للقيام به فقد كان المنزل قديماً فاشترينا طاولات وكراسي واسرة كما كان علينا شراء سجادات و ستائر للنوافذ ولقد اعتنينا بكل شيء في المنزل لان هذا سيكون منزلنا لما تبقى لنا من عمر كما اننا عملنا بجد في الحديقة خلال الربيع والصيف من ذلك العام و كان الطقس جافاً ودافئاً لذلك كنا نعمل يومياً خارج المنزل كما كنا غالباً ما نستمر في العمل حتى المساء فقد كان المنزل خالياً لسنين عدة وكانت الحديقة مليئة بالاعشاب الكثيرة والضارة التي يستوجب استئصالها كما قمنا بغرس الورود وزراعة الخضار وفي نهاية اغسطس اصبحت حديقتنا تضاهي جمال منزلنا . وفي احد الايام وخصوصاً اثناء موعد شرب الشاي وبينما كنت منهمكاً في العمل لوحدي في الحديقة سمعت زوجتي تناديني من نافذة المنزل المطلة على الحديقة قائلة : هنري ان الشاي جاهز ولدينا اليوم ضيفاً هو السيد بارنس اتى لزيارتنا وسنشرب الشاي معاً . كان السيد بارنس كاهن القرية وكنا نراه عندما نذهب للكنيسة فقلت له مرحباً أنني وزوجتي جوان سعداء بقدومك لزيارتنا فأجاب الكاهن بود انه منزل جميل بالرغم من انه قديم وكل اناس القرية سعداء بقدومكم للعيش هنا لقد قمت بتغيير كبير وجميل في المنزل والحديقة فأجبته شكراً لك بعد ان ننتهي من الشاي يجب ان اريك الحديقة الكبيرة فأنت لم تر سوى الجانب الامامي فقط من الحديقة " فردبسرور قائلاً " يسرني ذلك فأنا مولع كثيراً بالحدائق ولكني لا اجد الوقت الكافي للعمل في حديقتي . فردت زوجتي جوان قائلة له " لا بد انك مشغول هل تزور معظم اهالي القرية ؟ فرد عليها السيد بارنس قائلاً " انى احاول ان ازورهم جميعاً اعتقد ان على الكاهن ان يعرف كل شخص يعيش في القرية انه جزء من عمله ولم آت لزيارتكم من قبل لاني كنت اعلم مدى انشغالكم ببيتكم الجديد ولقد شاهدت كلاكما في الكنيسة . بينما كنا نحتسي الشاي انتقل الحوار الى القرية وتاريخها وكان السيد بارنس يعرف الكثير عن تاريخ القرية وعائلاتها القدامى واخبرنا بعض القصص الممتعة عن ماضي القرية كما كان على دراية بتاريخ الكنيسة ومزارع القرويين. كان السيد بارنس ودوداً وقد احببته انا وزوجتي فقد كان طيباً وكاهناً ممتازاً بعد ان انهينا تناول الشاي انتقلنا الى الحديقة ونظر الى جمالها خصوصاً بعد التغييرات التي اجريناها عليها فأعجب بها كثيراً جداً بعدها سألني قائلاً هل تعلم كيف تمت تسمية بيتك بتلك التسمية الغريبة فأجابته زوجتي لا لا نعرف ونحن نتساءل ان كنت عرف الاجابة فأجاب السيد بارنس قائلاً " بناه شخص يدعى سيم ويز ففي الريف عادة ما يسمى المنزل باسم بانيه فمنزلك بناه شخص يدعى الجا سيم ويز قبل حوالي ثلاثمائة سنة مضت وقد بناه لنفسه وكان غنياً كما كان اول شخص يعيش هنا فسألته مستفسراً " هل كانت لديه عائلة ؟ فأجاب السيد بارنس لا لقد عاش وحيداً بلا زوجة او اولاد كان عنده فقط خادم واحد يعتني بشؤونه عندها سالت زوجتي السيد بارنس وماذا حدث بعد ان مات السيد الجا سيم ويز ؟ اجاب لقد تم بيع المنزل ولم يعش احد من اسرته في هذا المنزل منذ مماته واليوم انتم اشتريتم المنزل ولا زال اسمه سيم ويز اعتقد ان هذا افضل اليس كذلك ؟ بعدها سألت السيد بارنس قائلاً لا يزال هناك عمل شاق يجب القيام به في الحديقة انظر الى هذه الشجرة واشرت الى شجرة الدردار الكبيرة التي كانت بالقرب من نافذة المنزل كانت بارتفاع المنزل ذاته وكانت فروعها تلامس نافذة الغرفة مما يسبب صوتاً مزعجاً خصوصاً في الليل قلت للسيد بارنس يجب قطع هذه الشجرة انها بالقرب من نافذة غرفة نومنا ستكون مزعجة جداً لنا خصوصاً عندما تهب الرياح العاتية في فصل الشتاء وقبل ان يجيب السيد بارنس تكلمت زوجتي على الفور قائلة لي اوه لا يا هنري لقد تحدثنا عن هذا الامر مسبقاً وبعدها التفتت الى السيد بارنس قائلة لي اوه لا ياهنري لقد تحدثنا عن هذا الامر مسشبقاً وبعدها التفتت الى السيد بارنس قائلة " اخبره يا سيد بارنس بأنه مخطئ انها شجرة جميلة انها قوية وصحية سيكون من الخزي علينا ان نقوم بقطعها نظر الكاهن الى الشجرة لبرهة من الوقت وبدا بأنه محتار لما سيقوله واخيراً نظر الى وقال بهدوء انني اضم صوتي لرأي السيدة بارنس انها شجرة جميلة فعلاً ولا اظن بأنها خطرة تستطيع قطع الاطراف الطويلة من الشجرة ان كنت تظن بأنها طويلة ومزعجة ولكن ان اردت نصيحتي فلا تقطع الشجرة فقد كانت تنمو هنا قبل ان يبني السيد الجا سيم ويز منزله هذا فقلت حسناً حسناً لن اقوم بأي شيء حيال هذا الامر حالياً سننتظر حتى يحل الشتاء قبل ان نقرر . اتى فصل الشتاء متأخراً تلك السنة وتلاه فصل صيف طويل واتى بعده خريف دافئ جاف فكان عملنا في الحديقة مصدر سعادة لنا جميعاً ولم افكر بقطع الشجرة طالما كان الفصل جميلاً وبدون رياح عاتيه بعدها وفي بدايات شهر نوفمبر بدأت الرياح العاتية بالهبوب مصحوبة بالامطار وكنا نجلس في غرفتنا نرقب الرياح وهطول الامطار في النهار وكنا نقرأ الكتب ونستمع الى شيء من الموسيقى وفي الليل كنا نتناول عشاءنا ونذهب للنوم مباشرة وفي بعض الاحيان كنت ارتدي معطفي واذهب الى الحديقة ولم استطع القيام بأي عمل هناك ولكنني كنت اراقب شجرة الدردار التي كانت فروعها تصعد وتنزل بفعل الرياح العاتية وكانت فروعها تبدو وكأنتها اذرع تتحرك وكانت تبدو وكأنها ترسل لي رسالة لم استطع ان افهم مضمونها وكنت كثيراً ما اقف وانظر بتمعن الى هذه الشجرة الغريبة محاولاً حل غموضها ففي احد الايام وبينما كنت واقفاً انظر للشجرة نادتني زوجتي من المنزل قائله هنري ماذا تعمل هنا في هذا الجو الممطر سوف تصاب بالبرد ان لم تدخل فأجبتها انا قادم يا عزيزتي ولكن قبل ان استدير اليها كنت قد احضرت منشاراً كبيراً وتسلقت الشجرة وقطعت الفروع التي كانت قريبة من نافذة غرفتنا قلت لنفسي لقد كان السيد بارنس محقاً لقد كانت الشجرة قوية ولم يكن هناك داع لقطعها كلها فشعرت بالراحة عندما قطعت افرعها الزائدة اخبرت جوان بما فعلته فابتسمت وقالت انا سعيدة بأنك قد اقتنعت بان الشجرة ليست خطيرة والان اخلع معطفك المبلل وتناول كوباً من القهوة الدافئة وهذا الضبط ما قمت به جلست وزوجتي بالقرب من المدفأة وكنا سعداء لان مشكلة الشجرة قد تم حلها . وفي نهاية نوفمبر بدأت العواصف العاتية بالازدياد وكل يوم كانت الرياح اشد قوة وعندما توقفت الرياح هطل المطر بغزارة وبعدها بدأت الرياح بالهبوب مرة ثانية فاستلقينا على السرير وبدأنا بسماع صوت هبوب الرياح بعدها نمنا مباشرة . يتبع (2-2(