نحتفل كل عام بيوم المدينة ولكن دون تقدم حقيقي في أوضاع مدننا نكون راضين عنه ، فقد نلمس مباني إسمنتية ضخمة تقام هنا وهناك ولكن محرومة من بعض الخدمات من ماء وكهرباء وطرقات ومواصلات عامة واتصالات وبالتحديد أكثر انعدام شبكات المجاري الجديدة الضرورية لحياة هادئة وآمنة للمقيمين فيها ، ناهيك عن عدم تطبيق قانون العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، التي مازالت تخضع للمزاج الخاص ، ما أبقى كثيراً من المباني بالمحلات الواقعة تحتها مغلقة . الشيء المشهود الآن هو استمرار النظافة في شوارع المدن الرئيسية فقط من دون أن تشمل هذه الحملات التنظيفية بقية أجزاء المدينة وشوارعها الخلفية وأحياءها الشعبية ، ومازالت مدننا تعج بـ ( الصندقات ) أو ماكنا نطلق عليها بمدن الصفيح أو الهنجرات ، أي أن التخطيط الحضري لم يأخذ مداه المعقول والمقبول حتى الآن ، هذا إلى جانب عشوائية الأسواق وفي ممارسة البيع والشراء عموماً ، وفي الوقت ذاته محدودية التشجير الذي ينبغي أن يتخلل الشوارع والمرافق العامة ومحدودية الحدائق والمتنزهات العامة . لاننكر أن اليمن شهدت خلال العقدين الماضيين بعضاً من ملامح المدنية والحداثة وانتشار المباني الحديثة والجميلة وكادت هذه العملية تلغي الفوارق بين الريف والمدينة إلى حد ما ، لكن لم يرافق هذا تنمية السلوك الحضاري عند بعض المواطنين وفي تعاملهم مع النظافة وحماية الأشجار والزهور ، وفي التعامل مع المراحيض العامة بصورة لائقة ، وكذا في خدش بعض المعالم الجمالية هنا أو هناك ، فالمدينة والحداثة والمعاصرة هي في الأول ثقافة وحضارة عن الإنسان والمواطن. أملنا كبير في أن تتكامل مهمات الأسرة والمدرسة ومرافق العمل والمجتمع بوجه عام يستعد إلى جانب وسائل الإعلام والصحافة في تنمية الحس الجمالي والسلوك الحضاري لدى كل مواطن ، واستمرار التربية وإعادة التربية للجميع بمتطلبات الحياة المعاصرة ، وفي تقديم أنفسنا كمدنيين ومتحررين من الجلافة والهمجية والاستهتار بجماليات مدننا وقرانا على حد سواء ، وأن نتصرف بمسؤولية تجاه كل ما يخص بيئتنا ومجتمعنا .
أخبار متعلقة