إبراهيم العشماوييعتبر البنك الدولي أن الإعلام الاقتصادي الحر يمكن أن يكون وسيلة فعالة لمكافحة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، ويقول الرئيس السابق للبنك جيمس ولفنسون:" علينا لأجل خفض نسبة الفقر تحرير إمكانية الوصول الى المعلومات وتحسين نوعيتها فالناس المزودون بمعلومات أكثر يملكون قدرة انتقاء خيارات أفضل".ولاشك ان الصحافة المهتمة بالشؤون الاقتصادية والتجارية هي مطلب وطني لأي دولة تسعى لأن يطلق عليها دولة مواكبة للمنظومة الاقتصادية العالمية، كما أن دخول الاستثماريات الدولية إلى أي دولة دون وجود صحافة قادرة على التعامل معها وتفعيل نجاحها هو مطلب مجتمعي له آثاره السيئة.يعمل الإعلام الرسمي والحكومي اليمني وفق إستراتيجية يفترض إنها واضحة ومحددة الأهداف والنتائج ومتضمنة البرامج والآليات التنفيذية لتحقيق أغراضها، ومع أن الحكومة أقرت منذ عام 1995 سياسة إعلامية أكدت في بعدها الاقتصادي على التعريف بمقومات البلاد الاقتصادية والإمكانيات الاستثمارية المتاحة وشرح المزايا والضمانات لحرية الاستثمار، وبلورة الفكرة المتصلة بآلية السوق ومزايا الحرية الاقتصادية، فضلاً عن تقديم المعلومات المرتبطة بالانجازات التنموية وكذا أسباب بعض القصور في الجانب التنفيذي، إلا إن التزام كافة الوسائل الإعلامية التي تدخل في نطاق وإشراف الدولة بالتنفيذ الدقيق أمر يحتاج إلى إعادة نظر، كما يحتاج إلى البحوث والدراسات الميدانية، وان كنا نشك في نجاحها لعدة أسباب منها: تواضع البنى الإدارية للصحافة الرسمية وضعف قدراتها التنظيمية، وضعف حضور الصحافة الاقتصادية المتخصصة الكفؤة التي تتعامل مع المعلومة والرقم والبيانات بشكل منافس وعصري.[c1]سلاح الإعلام الاقتصادي[/c]اظهر التعاطي الإعلامي الحزبي مع التطورات الاقتصادية في الآونة الأخيرة استغلال التطورات الاقتصادية سلاحاً في المواجهة مع الحكومة من حيث التركيز على أبعاد معينة تهيج الرأي العام وتزيد سخطه ضد الحكومة وقيادات الدولة، في الوقت الذي كانت منافحة الإعلام الرسمي الحكومي عشوائية تعتمد رد الفعل دون الولوج الى الاعتماد على الأرقام وإبراز الجهود والمنجزات وسرد السياق العالمي للأسعار بشكل مقنع ويمكن رصد بعض الحضور للصحافة الاقتصادية بشكل متفائل ولكن ايضاً بتحفظ، إذ أن اغلب الصحف أسست اقساماً اقتصادية ويصدر بعضها ملاحق أسبوعية وخصصت العديد من الصحف اقتصادية يومية او أسبوعية غير ان الإعلام الاقتصادي الإذاعي والتلفزيوني يعاني واقعاً أصعب، اذ تشير احصات المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون عام 2002 الى ان البرامج الاقتصادية لاتمثل أكثر من 2.6 % من إجمالي البرامج التي تبثها الفضائية اليمنية في مقابل 25.8 % للبرامج التثقيفية والترفيهية والغنائية.[c1]مصاعب في طريق الإعلام الاقتصادي[/c]-1 غياب أو ضعف مصادر المعلومات الاقتصادية الرسمية التي تعين الصحفي في عمله، وإتباع سياسية التعتيم على البيانات والتقارير الحكومية التي سرعان ما تسرب إلى الصحف المعارضة وتحسن استغلالها وتوظيفها سياسيا.2-يعاني اغلب العاملين في الأقسام والصفحات الاقتصادية من ضعف في التأهيل والتدريب وتطوير المهارات سواء في تقنيات العمل أو اللغات وآليات الصحافة المتخصصة.[c1]مقترحات لتطوير الإعلام الاقتصادي[/c]-1 ضرورة الاهتمام بتأهيل الكادر الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية من خلال تكثيف عقد الورش والندوات المحلية والخارجية بهدف إثراء معارفهم ومهاراتهم الفنية والمعلوماتية حول القضايا الاقتصادية والإجراءات الحكومية وحتى يكون تفسيرها لها مناسباً ودقيقا.-2 تفعيل قنوات توصيل المعلومات الرسمية من الجهات العليا المعنية بالقرارات الاقتصادية مثل مجلس الوزراء وذلك عن طريق تفعيل دور الإدارة الإعلامية فيه ومنحها صلاحية نشر البيانات الرسمية أو إعداد آلية أخرى مناسبة للتواصل اليومي مع الصحفيين. ربما تكون قضية إحياء مشروع الناطق الرسمي للحكومة واحدة منها.-3 تحديث موقع الحكومة الالكتروني على شبكة الانترنت والذي يعاني الجمود منذ أطلاقة قبل سنوات ولا تتوافر فيه أية بيانات جديدة.-4 تبني الحكومة عبر وزارة الإعلام ومؤسساتها خطوات لدعم إنشاء مطبوعات اقتصادية حكومية متخصصة تساهم في تعزيز رسالة التنوير بالقضايا الاقتصادية ودعم وتفعيل الأقسام الصحفية داخل المؤسسات الصحفية.-5 إحياء فكرة رابطة الإعلاميين الاقتصاديين وتوسيع نطاق عضويتها لكل المؤسسات الصحفية وحتى الحزبية والأهلية كإطار مهني متخصص يسعى إلى تنمية المهارات الصحفية، وإشراك نقابة الصحفيين ومنظمات رجال الأعمال في تبني برنامج شامل لتدريب الصحفيين الاقتصاديين في الداخل والخارج.-6 تشجيع الأبحاث العلمية المتعلقة بقضايا الاقتصاد والتنمية وقياس اتجاهات الرأي العام والأحزاب والنقابات تجاه الإصلاحات الاقتصادية وبما يسهم في تكوين صورة واضحة عن تأثر المتلقي بالرسالة الصحفية الاقتصادية، وتفعيل التعاون بين كلية الإعلام وأقسام الصحافة بالجامعات وبين المؤسسات الصحفية واتحاد الغرف التجارية.-7 تبني إنشاء جهاز وآلية انذار مبكر بشان القضايا المتصلة بالاقتصاد والتنمية ويقوم بمبادرات ايجابية لرصد توجهات المعارضة والرأي العام ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية تجاه الإجراءات الحكومية وبحيث تعمل على تزويد مستهلك المعلومات ببيانات تفصيلية سريعة ومقنعة ساهم في إزالة أي لبس محتمل تقدم التفسير المنطقي والسليم للقرارات الحكومية. ويمكن ان تكون الآلية على غرار مكتب الاتصال والإعلام السكاني" أي مكتب الاتصال والتنسيق والإعلام الاقتصادي ويضم خبراء في الاقتصاد وأكاديميين وصحفيين اقتصاديين وتكون مهمتة الرئيسية وضع وتنفيذ إستراتيجية إعلامية وطنية اقتصادية ويمكن التخاطب مع مؤسسات التمويل الدولية لدعم الفكرة.-8 تنظيم ورشة عمل تحت عنوان( الإعلام الاقتصادي اليمني.. الواقع والآفاق) بمشاركة أكاديميين وخبراء ورؤساء تحرير الصحف ورؤساء الأقسام الاقتصادية في الصحف وتقدم إليها أوراق عمل ضمن محاور محددة تستهدف في النهاية صياغة إستراتيجية للإعلام الاقتصادي تكون ملزمة لكل الأطراف. -9 يلعب انفتاح الوزراء على وسائل الإعلام دوراً مهماً لتكريس الشفافية في التعاطي مع المعلومات، ومن هنا فان تسهيل التواصل واللقاءات الدورية كأن تكون شهرياً مثلاً يمكن أن يساهم في خلق علاقات وطيدة مع أجهزة الإعلام ويضع الصحفيين في صورة مستجدات الوضع الاقتصادي.
الإعلام الاقتصادي اليمني في مواجهة التحديات
أخبار متعلقة