في الذكرى الـ 39 لنكسة حزيران.. القنصل المصري العام بالإنابة في عدن :
[c1]* الخامس من حزيران كان نصراً تكتيكياً للعدو فحولناه إلى نصر لنا في حرب أكتوبر[/c]أجرى اللقاء/ عبداللّه الضراسيبمناسبة حلول الذكرى الـ 39 لنكسة الخامس من حزيران 1967م وهي ذكرى واقعة قيام النكسة لحرب غير متكاملة ومفاجئة مع مصر عكست نفسها في شكل معالم الحرب المباغتة بالاضافة الى اشكالية ماكان يسود الجبهة الداخلية على ضوء تحرك مراكز القوى في داخل الجيش عكس عدم توافر مقومات المجابهة مع إسرائيل.. وسعادة القنصل المصري العام بالإنابة في عدن الأخ خالد أحمد حشمت قد خص صحيفة "14 أكتوبر" بهذه المادة الإعلامية تقديراً خاصاً كما صرح بذلك لما شهدته وتشهده الصحيفة من تطور وتحديث جادين.. وهي الانطباعات التي تولدت لديه عقب زيارته للصحيفة مؤخراً وحديثه مع الأستاذ/ أحمد محمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة بالمؤسسة رئيس التحرير.[c1]* تذكر ماحدث[/c]لايمكن لنا كآمة عربية وكشعب مصري أن يمر علينا يوم 5 يونيو من كل عام دون أن نتذكر ماحدث في هذا اليوم المشئوم من عام 1967م ونتأمل ما انطوى على هذا الحدث التاريخي من أثار سياسية واقتصادية واجتماعية بل ونفسية ليس فقط على الشعب المصري والسوري والفلسطيني فحسب بل على سائر الشعوب العربية وعلى العالم النامي بأكمله الذي تحرر معظم دولة من براثن الاستعمار بسبب تضافر جهود الدول النامية الكبرى وعلى رأسها مصر من أجل تحرير الشعوب المحتلة ومساعدتها في تقرير مصيرها.بعد سلسلة من الاستفزازات الإسرائيلية، والتي مازالت تمارسها حتى الآن، استطاعت بجيشها المدعوم بلا حدود من الولايات المتحدة، أن تحتل أجزاء من الأراضي العربية شملت سيناء في مصر وهضبة الجولان السورية والضفة الغربية لنهر الأردن بالاضافة الى قطاع غزة لتضمها الى تلك الأراضي التي كانت قد استولت عليها في 1947و1948م الأمر الذي خلف بالاضافة الى الخسائر المادية والبشرية ا لتي وقعت في صفوف الجيوش العربية شعوراً بالنكسة لدى الشعوب العربية التي مالبثت أن تفرح وتفرح وتفخر باستقلالها عن قوى الاستعمار والاستيطان وبدأت تخطو أولى خطواتها لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تتماشى مع مصالحها القومية والقطرية لامع مصالح ومطامع قوى الاستعمار وأعوانه.[c1]* تداعيات النكسة[/c]لقد كان لنكسة 1967م وما استتبعها من أحداث سواء على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي أو على المسارالوحدودي للعالم العربي آثار عديدة منها السلبية ومنها الإيجابية ونستطيع بشيء من التأمل بين أحداث الماضي ومجريات الحاضر، أن نجملها في مايلي:لاشك أن نكسة 1967م تركت أثراً نفسياً كبيراً لدى الشعوب العربية سواء على مستوى النخبة السياسية "الثورية" أو النخبة المثقفة أو القطاعات العريضة من الشعوب العربية. وقد بدأت تظهر مظاهر التشكك في قدرة الدول العربية والجيوش العربية على مواجهة _" العدو الإسرائيلي" الذي وصف نفسه بأنه أسطورة وجيش لايقهر وأخذ يشن حملة دعائية استهدفت تخويف العرب من قوته التي لاقبل لأحد بها.. وبالتالي زاد العبء على صانع القرار إذ وجد نفسه أمام عدو خارجي متربص له ناحية وأعداء الداخل من ناحية أخرى وهم عبارة عن القوى الرجعية التي بدأت أصواتها تعلو من جديد حيث باتت تراهن على فشل الثورات العربية في تحقيق أي نتائج ذات قيمة. إلى أن جاءت حرب أكتوبر المجيدة في عام 1973م التي أثبت فيها الجيش المصري والسوري- أن العرب ما زالوا أمة واحدة وأن إسرائيل دولة عادية ذات جيش عادي إذا ما رأى خصماً قوياً وعنيداً مسلحاً بسلاح الإيمان والتصميم على النصر سيفر هارباً من ساحة المعركة. لقد كان لقرار الرئيس الراحل "أنور السادات" بعبورة قناة السويس "وما سبقه من تخطيط وخذاع استراتيجي أذهل وأربك العدو الإسرائيلي" أكبر الأثر لدى الشعب المصري والعربي في استعادة كرامته وثقته بنفسه وبقيادته وجيشه بل وبالثورة العربية بأكملها. كما أن قرار الرئيس السادات نفسه باستمرار وتطوير الهجوم شرق القناة لتخيف الضغط على الجيش السوري أثبت لإسرائيل نفسها وللقوى الداعمة لها، أن العرب وحدة واحدة وأنهم مستعدون لتبادل الأدوار والتضحية من أجل الآخر.. وبالتالي فمهما قد يبدو من خلافات بين الدول العربية، فإن لن يمنع العرب من التحرك كوحدة واحدة خاصة في الشدائد.[c1]* محطة تاريخية صعبة[/c]مامن شك أن نكسة 1967م كانت محطة تاريخية وصعبة في مسار الحركة الوطنية والتقدمية العربية إذ كشفت عن فجوات عديدة بين الأهداف والإمكانيات.. فلا يمكن إنكار مدى ما ساهمت به ثورة 23 يوليو المجيدة وما أعقبها من ثورات أخرى في العالم العربي في تثبيت أهداف الآمة والتفافها حولها. وقد كان للرئيس الراحل جمال عبدالناصر لما له من سمات كاريزميه تعكس وطنية وشعور قومي أصيل دور فعال في توصيل صوت الثورة لكل منزل ولكل أسرة عربية. إلا أن نكسة 1967م كشفت الستار عن أوجه القصور المادي وربما الحضاري التي تعكس في مجملها آثار احتلال واستبداد عانت منه الشعوب العربية على مدار مئات السنين . ولكن رب ضرة نافعة، فهذه النكسة أعادت ا لتماسك في الجسد العربي وزال حاجز ا لخوف الذي كان يعتري بعض الدول العربية من بعضها البعض حيث تبين للجميع ان هناك عدواً واحداً لهذه الأمة وأننا مهما اختلفنا في الأسلوب فلا يمكن أن نختلف عن الهدف المشترك.. ومن هنا جاءت روح التضامن بين الدول العربية مجتمعة في حرب أكتوبر المجيدة.. بيد أن العرب عادوا ليختلفوا مرة أخرى عندما قررت مصر تغيير أسلوب النضال من المسار العسكري إلى المسار السياسي وقامت بتوقيع معاهدة السلام التاريخي مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة في منتجع كامب ديفيد عام 1979/م ولكن مسار الأحداث والانتكاسات التي شهدتها المقاومة الفلسطينية في لبنان في عام 1982م مروراً بغزو العراق للكويت في عام 1990م أعاد توحيد صفوف العرب مرة أخرى حيث اتفقوا جميعاً أنه لكي يكون هناك سلاماً دائماً "وشاملاً" مع اسرائيل فلابد أ يكون هذا السلام عادلاً أي يتأسس على استعادة الحقوق العربية المغتصبة في زمن الحروب.[c1]* الدعم الغربي لإسرائيل[/c]لقد كشفت حرب 1967م للعالم بأكمله، وبصفة خاصة العالم الغربي المساندة لإسرائيل، أن الهولوكوست "وهي أكثر القضايا تأثيراً في وجدان الرأي العام الغربي" ودولة اسرائيل القائمة على مبادئ الصهيونية العالمية قضيتان منفصلتان، إذ أنه لايمكن تبرير تصرفات اسرائيل الاستعمارية والاستيطانية على أنها نابعة من أجل الدفاع عن حقها في الوجود وتعويض مآسي اليهود في املحرقة النازية.. ومن هنا بدأت العديد من دول العالم الغربي وخاصة الدول المشكلة للنواة الأولى للاتحاد الأوروبي تتعاطف مع القضية الفلسطينية وأصبحت تطالب إسرائيل - حتى وإن كان على استحياء وبأسلوب الترغيب لا الترهيب - بإعادة الحقوق المشروعة للشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني الذي مازال يناضل من أجل إقامة وطنه المستقل.. وحتى الولايات المتحدة نفسها، وصلت علاقاتها مع إسرائيل في بعض الفترات الى مراحل متوثرة بسبب رفض الأخيرة إعادة الحقوق العربية المشروعة وعلى الأقل اصبحت واشنطن مقتنعة أكثر من أي وقت مضى أن مستقبل إسرائيل "حليفتها الاستراتيجية" متوقف على تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، إلا أن مسار الأحداث هو الذي يحدد في كل مرة مقدار ثمن السلام الذي يجب أن يسدده كل طرف من أطراف الصراع.[c1]* من النكسة إلى النصر [/c]إن الدماء العربية التي سألت على أرض سيناء وسائر الأراضي العربية في 5 يونيو 1967م لم تذهب سُدى، إنما هي ضريبة ندفعها من أجل حربنا الطويلة مع الاستعمار وأعوانه ووكلائه. وأن 5 يونيو 1967م كانت مجرد موقعة حربية حقق العدو الإسرائيلي خلالها نصراً تكتيكياً ولكن هذا لم يمنع العرب من تحويل هذه النكسة الى نصر في عام 1973م كما أنه لاينبغي أن يحول هذا وذاك من تغيير مسار النضال إن تطلب الأمر والانتقال إلى مسار آخر بحيث يتحول الصراع والصدام العسكري إلى تنافس حضاري دون أن نتنازل عن أي من حقوقنا المشروعة.أن مد أيدينا بالسلام مع أعدائنا - في مرحلة زمنية ما - لاينتقص من قيمة التضحيات الجسيمة التي بذلتها الجيوش العربية في حرب 1967و1973م ومن هنا جاءت مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2003م لتثبت لإسرائيل وللعالم أن العرب لايريدون سوى حقوقهم المشروعة التي أقرتها المواثيق الدولية وأننا لانقبل أن تطبق الشرعية الدولية بمكيالين ولذلك فإن التمسك بالسلام والحقوق المشروعة معاً هو الطريق الصعب الذي ينبغي علينا أن نسلكه لأنه سيؤكد للعالم "وحتى لأنفسنا" أن الحروب التي خضناها والضحايا الذين سقطوا لم تكن نزهة أو استهتار من قبل القيادات العربية بحياة شعوبها وإنما كانت من أجل الدفاع عن حقوق ثابتة وفي الوقت نفسه فإن التمسك بالسلام سيؤكد للعالم أيضاً "ولأنفسنا في المقام الأول" أننا لسنا دعاة حرب وخراب "وإرهاب كما يحلو للبعض أن يصفنا" وإنما دعاة سلام وأن القيادات العربية تعي أن شعوبها من حقها أن تعيش في سلام وأن تنهض بنفسها وتدخل حلبة المنافسة الاقتصادية والحضارية مع سائر الشعوب الأخرى في زمن اقتربت فيه المسافات إلى درجة غير مسبوقة.فتحية إلى كل الشهداء الأبرار، فذكراكم خالدة في نفوسنا، ودمائكم الغالية ستكون دوماً وقوداً لوطنيتنا وتمسكنا بحقوقنا المشروعة.