أضواء
الملك عبدالله بن عبدالعزيز له رؤية في القيادة لم تعد تخفى على أحد، وهي رؤية إنسانية ومستقبلية وشجاعة في الوقت نفسه. فالإصلاحات التي أعلنت أول من أمس في القطاعات التشريعية والتعليمية والاقتصادية والصحية، لرفد عمل الدولة في المملكة العربية السعودية، استقبلت استقبالاً إيجابياً على الصعيدين السعودي والخليجي.أول امرأة تصل إلى مكان متقدّم في الإدارة السعودية وفي قطاع التعليم الحيوي، ومجموعة من الشباب المؤهّل يتسلّم العمل الإداري الأعلى، وعدد من المتخصصين في مجالات شتى يرفدون سلّم القيادة في القطاعات المختلفة التشريعية والتنفيذية. ليست هذه كل إنجازات الملك، إنما بعضها. العاهل السعودي وقف قبل أسابيع في الكويت، وألقى خطابا اتّسم بالشجاعة وقوة الإرادة والوضوح معاً، قال في القمة الاقتصادية وأمام العالم: «خلافاتنا السياسية أدت إلى فرقتنا وشتات أمرنا.. إننا -قادة الأمة العربية- مسؤولون جميعاً عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا، وعن الضعف الذي هدّد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحداً منا... أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا، وأن نسمو على خلافاتنا، وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا، ونقف موقفاً مشرّفاً يذكرنا به التاريخ وتفخر به أمتنا». صدى هذا الخطاب لايزال في أذني، وقد شهدته، لقد كانت كلمات صادقة من قائد شجاع، قلبه العربي على أمته. بمثل هذا الموقف كان هناك أيضا موقف على الصعيد العالمي عندما دعا الملك عبدالله إلى حوار بين الأديان في نيويورك، وحضره سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، مع عدد من قادة العرب والمسلمين. وقتها تقدّم الملك بهذه الدعوة، واثقاً من أن الدعوة بالحسنى هي المدخل الحقيقي لتقارب القلوب ونبذ الشرور بين بشر فرّق بينهم الاجتهاد، وقرّبت بينهم اللحمة الإنسانية. هذان الموقفان تجلّيا أمس في الإصلاحات التي تمّت في الداخل. لأول مرة يشهد النسيج الاجتماعي السعودي اعترافاً إيجابياً بالتنوّع الخلّاق، بعد أن شهدت الساحة حواراً حضارياً امتدّ لسنوات بين كل فئات الشعب السعودي، بحثاً عن توافق وطني يأخذ المملكة العربية السعودية إلى المستقبل في طريق آمن. لقد خلّف التعليم المستمر، في نصف القرن الماضي في المملكة، فئة اجتماعية متنورة ووطنية بتمكينها من العمل والإدارة في القطاعات المختلفة، هذه الفئة تستطيع أن تقدّم لوطنها الكثير من العمل المثمر، وتستجيب بشكل حديث لمطالب الأجيال القادمة، حيث تصحبها إلى مرافئ السلام والطمأنينة. الخطوة السعودية جاءت في ظروف استثنائية يمرّ فيها العالم، سياسياً واقتصادياً، وهي محاولة للمضيّ في القرن الحادي والعشرين بعقلية منفتحة على الآخر، ورؤية تسعى إلى تكريس الدور السعودي إقليمياً وعالمياً، بما له من ثقل اقتصادي وديني. فالمملكة تعيش في محيط إقليمي يفرض عليها الكثير من التحدّيات في مواجهة قوى إقليمية تسعى إلى الهيمنة، وعالم تتسارع الخطى فيه نحو تكريس المصالح الوطنية برؤية عصرية. [c1]*عن /صحيفة (أوان) الكويتية [/c]