أدب المرأة بين سقف الحرية وحدود الإبداع
د. زينب حزام عند الشروع في الكتابة النقدية عن نص أنثوي،تسارع إلى ذهنك تلك الصورة التقليدية عن المرأة في العمل السردي،التي تعاني من القهر والألم عند البوح عن معاناتها الأدبية وحقها في المساواة مع الرجل في العمل والثقافة والعلوم الأخرى.لهذا، نادراً ما تتوقف عند الكتابة عن العمل الأدبي للمرأة،ليطرح السؤال نفسه: أين يمكن أن تتشكل خصوصية الأدب النسائي؟؟تذكر الأديبة هيلين سيسكو أن الكتابة النسائية “تتشكل في الثغرات التي تسلط عليها الأضواء من قبل البنية الذكورية الأبوية”. وهذا يعني تلك المساحات المتوارية خلف ستار الحر ملك، وهذه لا نجدها عند حواس الرجل،خلاف حواس الشبق والغواية،وهي حواس الإدراك المعرفي الواعي بأهمية حضور سرد الآخر مقابل سرد الذات،ولا نستطيع التمييز بين ما هو ذكوري أو أنثوي في صفة الرجل،بينما نجدها تختلف في ضفة المرأة فتصبح الذات أنثوية والآخر ذكورياً. وهذا ما يجعلنا نعيش في هم مستمر لتلك المعاناة الثنائية الصنمية بين الرجل والمرأة؟!. [c1]رفوف من الجهل [/c]ليس في وسعنا أن ندرج ضمن عداد الكتاب كل من نشر هنا أو هناك أو أنتج صفحات طويلة،أو كتب رفوفاً متراصة من الجمل والمفردات أي أن مجرد نشر الكتب أو المقالات لا يكفي للفوز بلقب كاتب بكل معنى الكلمة سواء أكان رجلاً أو امرأة وهناك كتاب عاديون ينتجون كتابات ميدانية وأبحاثاً قيمة،ولكنهم لا يصنفون في مرتبة الكتاب مع العلم أن الكاتب الحقيقي هو الذي يمتلك القدرة على الخلق والإبداع،وعلى الصياغة اللغوية السليمة والمبتكرة. فالكاتب الكبير الذي يمكن أن يترك بصماته على العصر هو الذي يلتزم بالقيم النبيلة والمبادئ السامية،فيجعل كتاباته وسيلة لخدمة أهداف الوطن وإعلاء شأن الأمة،لا أداة للتكسب ونيل المغانم الشخصية. خلاصة القول،إن الكاتب اليمني المعاصر سواء كان رجلاً أو امرأة يتعرض لمشكلات ومصاعب وأحياناً لأخطار تهدد مسيرته الكتابية، وتلقي بظلالها السلبية الكئيبة على إنتاجه وطاقته الإبداعية.وإذا كان هنالك من يتهمون الكتاب بالتقصير في الارتفاع إلى مستوى التحديات القومية والثقافية،وعدم القدرة على مواجهة العولمة،فإننا نعتقد أن هذه التهم تنطوي على الكثير من التجني والتحامل. [c1]القاصة فاطمة رشاد.. وسرد مختلف[/c]القاصة اليمنية فاطمة رشاد،تميزت في عملها الجديد “امرأة تحت المطر” ،ولابد من أن نتوقف قليلاً عن هذا العمل الجيد،الذي يحتوي على ملامح صريحة لأنا الكتابة لديها،مما يجعلنا أمام خيار الحكم الوحيد بأن الكتابة الأنثوية عن الذات هي وقوع في فخ وثيقة السيرة الذاتية!. إن القاصة فاطمة رشاد،استطاعت أن تكون صوتاً متميزاً في الفن القصصي،واستطاعت تصوير معاناتها النفسية الخاصة بمعانٍ إنسانية،رغم الصعوبات والمعاناة في تقديم عملها القصصي الأول،الذي قدمته بقالب شيق تهز به قلوب قارئيها. ولعلي لا احتاج أن أشير إلى أن لها أيضاً أعمالاً (شعرية) تنشرها على الصفحة الثقافية في صحيفة 14 أكتوبر تقدم من خلالها صوراً لمعاناة المرأة من خلال كلمات شعرية تجمع فيها أصالة فاطمة رشاد وإنسانيتها في سلم من المشاعر يمتد من لوعة الحرمان إلى قناعة التصوف. لقد استطاعت «فاطمة رشاد» أن تجعل القارئ يجري وراء تلك الكلمات الشعرية الصادقة متنقلاً في كل الأمكنة الخلاء وتحت الشجر بين عقارب الزمن،بين معاني البكارة والصفاء النابع من صفاء البيئة والمكان كما تقول في « همس حائر»:[c1]أتدركون ما معنى أنأفر من أسمي..أن أفرمن ذات الحروف التي تشكلني في حزنيلا أعرف هل لحروفأسمى فعلها الحزينوإيقاعها المؤلم على اللسان؟؟قلت ذات يوم: إن لا سميإيقاعاً حزيناً.. كلما نطقهأحدهم أدرك أنه لا ينتميلفئة الأسماء السعيدة.[/c][c1]ليس ختاماً..[/c]« امرأة تحت المطر» للقاصة اليمنية فاطمة رشاد ومقاطعها الشعرية «همس حائر» تجربة جادة للتمرد على نمطية السرد الأنثوي وقد تكون ملامسة لجزء من السيرة الأنثوية والذاتية خصوصاً،إلا أنها سيرة نجدها في المجتمع اليمني مجتمع الرجل،والمرأة فيه تابعة والرجل متبوع هو الحق دائماً،والكلمة الأولى والأخيرة وصاحب الحظوة،كما نجد الشاعرة والقاصة اليمنية فاطمة رشاد لم تنس أن توظف لغة شديدة الشاعرية،مما أضفى على «امرأة تحت المطر» الكثير من العبارات الشعرية الغنائية التي تناثرت هنا وهناك فضلاً عن تلك القسمات الخاصة التي رسمت صورة مجسدة للشخصية الاجتماعية في إطار معتقداتها وأخلاقها في البيئة اليمنية المحافظة،وهذه المجموعة القصصة شديدة الجمال تميزت بشكلها الفني الذي اتسع فاحتوى الكثير منه أبعاد شخصيات قصصية من الناحية الاجتماعية والنفسية،وعلاقات تلك الشخصيات بالأمكنة وبالبيئات التي تعيش فيها.