ليتوانيا
هي أكبر دولة من دول البلطيق الثلاث وإحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق إلا إنها ليست من دول شرقي أوروبا فلتوانيا ولاتفيا وإستونيا هي من دول أوروبا الشمالية ولذلك شعوب دول البلطيق مختلفين ثقافياً ولغوياً وجغرافيا عن الشعوب في أوروبا الشرقية.فقد امتدت دوقية ليتوانيا من بداية القرون الوسطى وحتى عام 1815 حين أنهاها جيش القيصر الروسي.و في عام 1918 أعلنت ليتوانيا استقلالها رسمياً وبقيت على هذه الحال، حتى انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وتغير النظام العالمي في ذلك الوقت، فتم ضمها مجدداً إلى المنظومة السوفياتية التي كانت تسيطر على عدة دول، مما بات يعرف منذ ذلك الحين بأوروبا الشرقية. لكنها، كما غيرها من بلدان تلك الحقبة عرفت الاستقلال للمرة الثانية في عام 1991 وعانت من صعوبات جمة، مثل غيرها من الدول المستقلة، خاصة في المجالات الاقتصادية وإعادة بناء النظام السياسي والاجتماعي. ورغم تخلصها من الكثير من المشاكل، فإنها لغاية اليوم تعاني من بعضها، مما يسبب حالة من انعدام التوازن بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي التي دخلت في منطقة العملة الموحدة.فليتوانيا لغاية اليوم رغم دخولها إلى الاتحاد عام 2004 ومنطقة الشنغن عام 2007، فإنها ما زالت تحتفظ باستقلالية عملتها (ليتا Litas). التي مجرد مقارنتها بالعملة الأوروبية الموحدة، تبين أن البلد ما يزال فقيراً، وأنه يسير على الطريق نحو الاندماج الكامل بأوروبا ولكن ببطء شديد مقارنة بغيره. وكغيره من بلدان أوروبا الشرقية، يعاني البلد من هجرة كثيفة إلى البلدان الأوروبية الأخرى وتحديداً بريطانيا، على ما تظهره الإحصاءات التي أجراها المعهد الوطني الفرنسي منذ عامين. والحق أن ليتوانيا على الرغم من التعثر في مسألة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فإنها مع ذلك دولة أوروبية حسباً ونسباً. أي أنها جغرافياً وثقافياً تنتمي إلى القارة العجوز، بحسب التسمية الحديثة لأوروبا. وهي ثقافياً ملتصقة، طوال قرون ما قبل انضمامها إلى المنظومة السوفياتية، بالثقافة الأوروبية تحديداً منذ أواسط القرن الرابع عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر. لكنها كالعديد من بلاد الشمال الأوروبي البعيدة عن المركز، كانت تعاني من تهميش طبيعي. وعلى الرغم من بعدها عن هذا المركز، فإن عاصمتها فيلنيوس اختيرت هذا العام من قبل أعضاء البرلمان الأوروبي عاصمة للثقافة الأوروبية. ولمدة عام كامل، ستكون ليتوانيا وثقافتها وجهةَ الثقافة الأوروبية والنشاطات الثقافية للاتحاد الأوروبي، مما يساهم، ربما، في خلق حالة من العودة إلى الجذور الثقافية لهذه الدولة، التي كانت كلما سنحت لها الفرصة بالاقتراب، أتت الأسباب القوية لتبعدها عن عمقها الثقافي والحضاري.فاختيارها عاصمة للثقافة الأوروبية الذي تم إقراره في عام 1985 بناء على اقتراح وزيرة الثقافة اليونانية في ذلك الحين ميلينا ميركوري، تم في العديد من العواصم والمدن طوال كل هذه الفترة. وهو الأمر الذي يرسخ من جهة أهمية الثقافة الأوروبية وتواصلها عبر الأزمنة، وإعادة شمل هذه الثقافة على المستوى السياحي من جهة ثانية. فبالنسبة لليتوانيين سيستعمل هذا الحدث لاستثماره في السياحة أكثر منه في الثقافة وهذا ما يبينه البرنامج السنوي للاحتفالات، حيث يتم التركيز فيه على الموسيقى والفن بمختلف أنواعه. وباستثناء نشاط واحد فقط يتعلق بالأدب هو «ربيع الشعر»، فإن الاحتفالية، وعلى مدار العام، تزخر بالاحتفالات ذات الطابع السياحي، مثل الموسيقى والمهرجانات التقليدية التي تعتبر حافزا إضافيا للسياحة في أي بلد. ذلك أنه حتى ثقافتها تعتبر ثقافة مركبة تجمع بين ثقافة السكان المحلية المتعلقة بالموسيقى الكلاسيكية، وثقافات بلاد الشمال الأوروبي من الجهة الشرقية مثل بولندا وبيلاروسيا الجارتين الأكبر لها. كما تشهد المدينة عودة موسيقى الروك التي كانت ممنوعة إبان الفترة الشيوعية.