صباح الخير
* يوم 7 نوفمبر 1987م أقصي الزعيم التونسي أبو رقيبة من رئاسة الدولة التي تولاها منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1956م، وكان عجزه وشيخوخته من أسباب تباطؤ النمو واختلال الإدارة، حتى آلت الإدارة العليا إلى زوجته كما يقال، وقد أقصي من منصبه من دون أن تسال قطرة دم وعاش بعد ذلك معززاً مكرماً حتى وافاه الأجل، وفي اليوم نفسه أصبح الوزير الأول (رئيس الوزراء) زين العابدين بن علي رئيساً للبلاد، ولا يزال منذ ذلك الوقت يقود البلاد بإرادة قوية للتغيير.. ويطلق التونسيون على 7 نوفمبر يوم التحول، واليوم يحتفلون بالذكرى الثانية والعشرين ليوم التحول. وقد حدث بالفعل تحول حقيقي إلى الأفضل في شتى مناحي الحياة في تونس، فعلى سبيل المثال في عام 1987م كان 7.7 % من السكان فقراء وانخفضت نسبة الفقر إلى 3.8 % بحلول نهاية العام الماضي وصار متوسط عمر الإنسان 74.6 سنة وهو معدل يضاهي متوسط عمر الإنسان في دولة أوروبية.* لقد لفت انتباهي وأنا أقرأ بعض البيانات عن تونس أن عدد السكان عام 1987م كان نحو 7.6 مليون نسمة وارتفع نهاية العام الماضي إلى 10.3 مليون نسمة، أي أن عدد السكان خلال 22 سنة زاد بحدود 2.7 مليون فقط بينما خلال فترة أقصر من هذه تضاعف عدد السكان عندنا، ولهذا النمو الكبير علاقة بكسر ظهورنا، ولذلك النمو المنخفض في تونس علاقة بتقدمها رغم أن نسبة الوفيات هناك متدنية للغاية والخدمات أو الرعاية الصحية عالية حيث هناك طبيب واحد لنحو 900 مواطن.. ولعل كسر الظهر عندنا والعافية في تونس مردها في هذا الجانب إلى ارتفاع الأمية عندنا وارتفاع عدد المتعلمين عندهم حيث إن 97 % من سكان تونس متعلمون، وبالطبع كل مظاهر التقدم تلك هي نتاج سياسات تنموية متقدمة، فعندما تخلق الإنسان القادر على إحداث التغيير يصبح هو نفسه قوة دفع للتغيير والتقدم في كل المجالات.* ووضع المرأة التونسية مدعاة للابتسام، والأرقام المسجلة عام 2008م تقول إن نحو 60 % من طلاب الجامعات إناث، ونسبة 53 % بالتعليم الإعدادي والثانوي، وفي الحياة السياسية والوظيفة العامة حققت المرأة التونسية أعلى مشاركة أو تمثيل في العالمين العربي والإسلامي، فهي ممثلة في الحكومة بنسبة تزيد على 12 % ومجلس النواب 22.7 % ونسبة 15.3 في مجلس المستشارين و 32 في المجالس المحلية أو الجهوية كما يسمونها هناك، وفي مجلس القضاء الأعلى يقترب تمثيل المرأة من 12 %.. وبالنظر إلى وضع تونس فإن تلك الأرقام تدل على أن المرأة التونسية شريكة حقيقية في صناعة ذلك الوضع المتقدم، وهي في أي بلد قادرة على النهوض بوضعها والإسهام في تنمية مجتمعها إذا ما توافرت لها حقوقها في التعليم والتدريب والقيادة والمشاركة الاقتصادية والسياسية وتم إعمال مبدأ المساواة في الحقوق ومبدأ تكافؤ الفرص بين الذكور والإناث.