
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
نجح سلاح الطيران التابع للجيش في تنفيذ عمليات إسقاط جوي ناجحة لإمدادات من المؤن الغذائية للفرقة السادسة - مشاة بمدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، في وقت عاودت قوات "الدعم السريع" عمليات القصف المدفعي العشوائي مستهدفة أحياء المدنية عقب العملية مباشرة.
وللمرة الأولى منذ ما يقارب ستة أشهر حلق الطيران الحربي للجيش في سماء مدينة الفاشر من دون مقاومة أرضية، مما اعتبره مراقبون نجاح مقاتلات ومسيرات الجيش في إسكات منصات الدفاع الجوي التي كانت تنصبها "الدعم السريع" حول المدينة وفي منطقة جقو جقو شرقها خصوصاً. وأوضحت مصادر عسكرية أن الإمدادات التي تم إسقاطها شملت مواد لوجيستية وكميات من المواد الغذائية والأدوية، وأيضاً أموالاً نقدية، وأفاد بيان لإعلام الفرقة بأن الأخيرة تنتصر براً وجواً مشيراً إلى أن عملية الإسقاط الجوي رفعت من الروح المعنوية لقواتهم في "ميدان الكرامة".
وعدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عودة الطيران الحربي للمدينة بعد غياب طويل، ونجاح الإسقاط الجوي، "أول سطور النصر وفك الحصار"، موضحة أن المواطنين استقبلوا عملية الإسقاط بفرح كبير، وعلت الهتافات داخل الأحياء، إلا أن "الدعم السريع" حاولت قمع احتفالات الناس بشن قصف مدفعي عشوائي على الأحياء المدنية. ووصف المتحدث الرسمي باسم المقاومة الشعبية بولاية شمال دارفور أبو بكر أحمد إمام مشهد الإسقاط الجوي للجيش بأنه ولادة جديدة للأمل في نفوس أهالي الفاشر الذين عانوا من وطأة الحصار والتجويع، مضيفاً "مجرد سماع صوت الطائرة كان رسالة واضحة بأن الحصار لم يعد مطلقاً، وأن خطوط الإمداد لم تنقطع والدعم قادم، وللمرة الأولى منذ أشهر يشعر مواطن الفاشر أنه ليس وحيداً في هذه المعركة".
وقال شهود عيان من الفاشر إن طائرة شحن حلقت أكثر من نصف ساعة في سماء عاصمة شمال دارفور قبل أن تفرغ حمولتها من الجو وتغادر أجواء المدينة من دون أن تعترضها مضادات "الدعم السريع".
وكثفت مسيرات الجيش، خلال الأيام الماضية، عملياتها العسكرية التي كانت تستهدف منصات "الدعم السريع" ومواقعها في محيط المدينة ومقر الفرقة السادسة للجيش.
وكانت دفاعات "الدعم السريع" قد أسقطت، في يونيو الماضي، طائرة شحن عسكرية مما تسبب في توقف عمليات الإمداد الجوي.
في المقابل قللت "الدعم السريع" من خطوة الإسقاط المظلي الجوي التي نفذها الجيش، ووصفتها بأنها كانت عملية فاشلة وأن قواتها تمكنت من تسلم معظم التعيينات المسقطة، متوعدة بشن هجوم كاسح على المدينة يقوده في الصفوق الأمامية الفريق عبدالرحيم دقلو قائد ثاني "الدعم السريع" للقضاء على ما تبقى من دفاعات الجيش والقوات المشتركة. أضافت على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي أن طيران الجيش قام بعملية إسقاط جوي موجهة نحو مواقع الفرقة السادسة - مشاة، غير أن قواتها تمكنت من السيطرة على ستة صناديق من مجمل الحمولة، بينما لم يتمكن الجيش والقوات المشتركة من الحصول سوى على صندوق واحد فقط.
في هذا الوقت كشف تقرير حديث لمختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة "ييل" بالولايات المتحدة عن توسيع "الدعم السريع" نطاق الحواجز الترابية التي نصبتها حول مدينة الفاشر، بينما تحاول أعداد كبيرة من المدنيين الفرار سيراً على الأقدام من المدينة المحاصرة. وأشار التقرير، الذي اعتمد على مصادر مفتوحة وصور عبر الأقمار الاصطناعية، إلى أن طول الحواجز الترابية المحيطة بالفاشر يبلغ أكثر من 68 كيلومتراً، كما تمت إضافة ثلاثة كيلومترات أخرى من الحواجز خلال اليومين الماضيين، لتقترب بذلك من إحاطة الجانب الغربي من الفاشر بالكامل، وبقيت فقط ثلاثة إلى أربعة كيلومترات لإحاطة المدينة بالحواج، وكشف التقرير، أيضاً، عن توثيق فريق الجامعة لحقوق الإنسان هجمات حرق متعمدة في مخيم أبو شوك للنازحين، في وقت تتزايد مساحة المقابر في المدينة المنكوبة، إذ حدد المختبر عبر صور التقطت بالأقمار الاصطناعية خلال الفترة بين الـ18 والـ26 من سبتمبر أكثر من 70 تلة دفن جديدة شمال الفاشر خلال أسبوع تقريباً.
ومنذ نحو شهرين تكثف "الدعم السريع" هجماتها وقصفها على مدينة الفاشر ما مكنها من تحقيق بعض التقدم وتضييق الخناق بتوغلها داخل أحيائها، بخاصة معسكر أبو شوك للنازحين واقترابها من مقر الفرقة السادسة للجيش. وظلت هذه القوات تحاصر المدينة وتمنع وصول السلع الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية إليها منذ ما يقارب العامين، ما تسبب في كارثة إنسانية.
اما في محور كردفان تتواصل عمليات التحشيد والتعزيزات باتجاه منطقة جبرة الشيخ المنفتحة على غرب كردفان والهدف المقبل للجيش، وتلاحق مقاتلات الجيش ومسيراته متحركات وقوافل إمدادات "الدعم السريع"، وأوضحت مصادر ميدانية أن الغارات الجوية والهجمات المسيرة للجيش تمكنت من تحييد عشرات العناصر والعربات المقاتلة على هذا المحور. وأكدت المصادر أن غارة جوية نفذتها طائرة مسيرة استراتيجية تابعة للجيش على مدينة أبو زبد بغرب كردفان، تبعد 166 كيلومتراً من مدينة الأبيض عاصمة ﺷﻤﺎﻝ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ، أسفرت عن مقتل عدد من القيادات الميدانية لـ"الدعم السريع" وتدمير عرباتهم القتالية.