نعمى شريفيقول وليام شكسبير في إحدى مسرحياته: "إن تسلق التلال المنحدرة يتطلب خطوات بطيئة في البداية" ويمكننا القول أن التقدم في مجال حماية البيئة من التلوث وخصوصا في مجتمعاتنا العربية من خلال تأهيل شرائح المجتمع وبشكل خاص المرأة هو من أهم خطوات حماية بيئتنا.إن التوعية البيئية للمرأة هي أولى خطوات وقف التعدي على البيئة من خلال تفعيل الدور الذي يمكن أن تقوم به في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة من التلوث ، وبما أن المرأة تمثل نصف المجتمع ويقع على عاتقها دور أساسي في التربية البيئية السليمة وحماية أفراد الأسرة من تأثير الأضرار المحتملة للعوامل البيئية مما يقلل من معدلات الإصابة بالأمراض الصحية والنفسية، لذلك فإن التركيز على دور المرأة وحثها على المشاركة الفعلية في أنشطة وبرامج التوعية البيئية سيكون له مردود في الحد من التلوث البيئي.يبرز التلوث البيئي كأهم المشاكل التي تعاني منها مجتمعات العالم الثالث والتي يرجع التلوث فيها إلي سوء إدارة الأنظمة البيئية وإغفال عنصر البيئة عند وضع خطط التنمية، ولقد تضافرت عوامل عديدة في إحداث التلوث البيئي منها النمط العمراني التقليدي المتبع ، واختلال التنسيق في توطين السكان والتوسع الصناعي غير الملتزم بوقاية البيئة وإلى تجاهل الاعتبارات البيئية عند تخطيط برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أن غياب الوعي البيئي للسكان والتعدي على الطبيعة وغيرها.. حتى الأرياف نفسها لم تسلم من المساوئ ، لم يعد يمثل في معظم البلدان العربية منطقة تنعم بالهدوء والهواء النقي والطبيعة الخلابة كما كانت عليه من قبل حيث يؤثر نقص الخدمات ونقص الوعي البيئي والصحي في البيئة .. إذ يفتقد مجتمع الريف في معظم البلدان العربية وأجزاء من المدن إلي المرافق الضرورية للحياة وفي مقدمتها الصرف الصحي ،حيث يتم صرف المخلفات على المسيلات المائية والمصارف التي يتم صرفها في التربة.. كما يتعرض الجميع للأمراض. إذ أن الصحة توازن بين العوامل البيئية والعوامل البيولوجية حيث تتحكم البيئة كثيراً في تحديد الأمراض التي تصيب سكانها .. كما تساهم الأمية الثقافية التي تعاني منها المرأة الريفية خاصة في تزايد مشاكل البيئة .. فظروف المرأة في معظم البلدان العربية حالياً التربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية تمنعها من المشاركة عملياً في عملية التنمية بصفة عامة والتنمية بصفة خاصة ، وبالتالي فإن أحوال المرأة تسير عكس عمليات التنمية البشرية والمستدامة ، فهي المسؤولة الأولي عن زيادة عدد السكان .. وعلى الرغم من أن التشريعات واللوائح الرسمية لا تحول بين الفتاة وحصولها على ما يحصل عليه الشاب من حقوق تعليمية الآن .. فإن الظروف المجتمعية من عادات وتقاليد تتحيز ضد الإناث وبالتالي تشكل الأمية عقبة في التنمية المستدامة وحماية البيئة .وللمرأة دور هام في حماية البيئة ، والحد من استنزاف مصادر الثروة الطبيعية ، كما أن لها دور هام جداً في توفير البيئة البيولوجية السليمة لنمو الجنين أثناء فترة الحمل.. فهي المسؤولة عن تهيئة الظروف البيئية المناسبة لنمو قدرات الطفل الجسمية والعقلية والتربوية باعتبارها أول مربية بيئية للطفل ، وهي المسؤولة عن تغيير السلوكيات غير المنضبطة بيئياً .ويتمثل الدور الأساسي للمرأة في المحافظة على البيئة في جوانب عدة: تستخدم المرأة مصادر الطاقة أثناء قيامها بالنشاطات اليومية وتعتبر توجيهها وتعليمها لأطفالها للحد من استهلاك الطاقة لتنشئة أجيال جديدة على دراية بأبعاد مشاكل الطاقة وأثرها على البيئة. المرأة مسئولة عن توعية أطفالها بأهمية المساحات الخضراء وعدم قطع الأشجار وذلك للحد من التصحر وتلوث الهواء. • المرأة مسؤولة في ترشيد استهلاك المياه في المنازليقع على عاتق المرأة الدور الأساسي في توجيه الأطفال إلى الطرق السليمة للاستفادة من المياه وعدم هدرها إضافة إلى مهامها التربوية والاجتماعية الأخرى تجاه أفراد أسرتها وهي المراقب الأهم لاستعمال الأطفال لمياه الصنبور مثلا. إن الصنبور الذي يسرب الماء يهدر 7 غالونات يوميا على الأقل وهذه تشكل 10 % من حصة الفرد من مياه الشرب في اليوم لذلك لا بد من مراقبة أي تسرب للمياه ضمن المنزل وإصلاحه بسرعة استخدام كأس عند• تنظيف الأسنان توفر كميات كبيرة من المياه دون أن تشعر. إذ غالبا ما يترك الصنبور مفتوحا أثناء تنظيف الأسنان وبذلك تهدر كمية لا تقل عن عشرة غالونات بينما يكفي لتنظيف الأسنان نصف غالون. استعمال الدوش عند الاستحمام يستهلك تقريبا (20 لتر) بينما يستهلك البانيو ما يزيد عن (140 لتراً). غسيل أرض منزل بمساحة 100 م2 بواسطة الخرطوم يحتاج إلى 90 لتر على الأقل بينما بواسطة المسح العادي يحتاج إلى 18 ليتر فقط ترك الصنبور مفتوحا والانشغال بعمل آخر يؤدي إلى هدر كمية كبيرة من المياه، زراعة النباتات التي تتحمل الجفاف في حديقة المنزل واختيار نباتات الزينة بعناية كالصبار والنباتات الطبية كالزعتر والشيح والميرمية وغيرها من الأصناف التي تتحمل الجفافمن هنا يبرز دور المرأة جليا في القدرة على الحفاظ على الثروة المائية من الهدر وتلوثها الأمر الذي يؤدي إلى زيادة كمية مياه الصرف والذي يترتب عليها مشاكل بيئية واقتصادية وبالرغم من إحداث وزارة خاصة للبيئة في سورية والإحصائيات المرتفعة عن عدد النساء العاملات فيها وتعدد الأجهزة المناط بها مسؤوليات الاهتمام بشؤون البيئة إلا أن هذه الجهود لم تتبلور بعد على الصعيد العملي مقارنة ببعض الدول وتحتاج لكثير من التنظيم والتفعيل والتدريب ورفع مستوى الوعي بقضايا البيئة.كما يلاحظ الغياب التام للنشاط البيئي من قبل المنظمات غير الحكومية وضياع الجهود الفردية المبذولة بسبب عدم تأطيرها بشكل جيد وهذا العمل ليس مناط فقط بالحكومة وإنما بجمعيات ومنتديات بيئية تضم متطوعين من كافة شرائح المجتمع وعلى مساحة الوطن.وعلى الرغم من التقدم الواضح الذي استطاعت المرأة السورية إحرازه في ميادين متعددة إلا أنها ما تزال غائبة تماما في إبراز دورها كقائد فعال لحماية البيئة من التلوث لماذا لا تكون هناك رابطة بيئية للمرأة السورية تعمل على استقطاب وتشجيع المرأة المختصة والمهتمة بالمجالات البيئية لتلعب دورا أساسيا في توعية الأسرة بغية الوصول إلى بيئة نظيفة ؟. وتكون الأقدر حتما على تثقيف ورفع مستوى الوعي لحماية الطبيعة لدى الأسرة بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة وهي الأقدر أيضا على النهوض بالمرأة الريفية وتوعيتها .هذه الجمعيات البيئية غير الحكومية التي ستهتم بقطاعات مختلفة من النشاطات التنموية يمكن أن تكون قادرة على تنفيذ مشاريع منتجة ومثمرة في إدارة الموارد الطبيعية ودمج نشاطاتها الموجهة لقطاعات تنموية مختلفة مع نشاطات حماية البيئة الطبيعية.إن هذه المشاريع ستكون ممثلة لقدرة المجتمعات النسائية الريفية في سورية على الإبداع وإحداث تغيرات ايجابية كبيرة في البيئة والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إذا ما منحت الفرصة والدعم لتنفيذ مشاريع مستدامة مبنية على الاحتياجات الحقيقية للمجتمعات المحلية وخاصة العنصر النسائي فيها بدلا من سياسات التنمية المركزية التي تتجاهل خصائص المجتمعات المحلية. وأخير إن تحسين أوضاع المرأة السورية في إستراتيجية موحدة وتحديث التشريعات والقوانين بما يتناسب والواقع المتطور باستمرار سيؤدي إلى معالجة العديد من المشكلات ومنها مشكلة تزايد السكان ومكافحة الفقر والقضاء على البطالة وزيادة الإنتاج والتعليم بالإضافة إلى حماية المصادر المائية مما يؤدي بدوره إلى تحقيق التنمية المستدامة.[c1]نقلاً عن موقع ( الحوار المتمدن) الالكتروني [/c]
|
ابوواب
المرأة عنصر فعال في حماية البيئة
أخبار متعلقة