قراءة في كتاب :
عرض/ عبدالواحد الضرابإن هذا العمل الكتابي والذي الفه الدكتور/ مصطفى بهران للمساهمة في إيجاد قاعدة معرفية حول موضوع الطاقة النووية إذ تكثر الأخطاء والخلط بين الأشياء وقد يعود السبب إلى نقص المعرفة التي يهدف هذا العمل الكتابي في طبعته الأولى إلى المساهمة في إصلاحها، وقد تم اخراج هذا العمل بحيث يمكن استخدامه في موضوع قضية الطاقة النووية بكل متعلقاتها، ولهذا فالكتاب ينقسم إلى قسمين القسم الأول يشتمل على أرقام وبيانات وصور وكافة المعلومات الضرورية والقسم الثاني يحتوي على ملاحق. ويقع الكتاب في (245) صفحة واسهاماً منها في نشر المعرفة حول الطاقة النووية قامت صحيفة (14 أكتوبر) بعمل عرض تحليلي لهذا الكتاب.في المدخل الذي كتبه المؤلف تكلم عن الدوافع من نشر هذا الكتاب وهي دوافع معرفية عامة وقد صدرت الطبعة الأولى منه مستعجلة بدوافع وطنية، وتم اخراج هذا العمل بحيث يمكن استخدامه كمرجع لقضية الطاقة النووية بكل متعلقاتها، ولهذا فالكتاب يحتوي على تعريفات وملحقات وأرقام وأشكال وصور وكافة المعلومات الضرورية. وبدأ المؤلف كتابه بموضوع تحت عنوان (الوضع الدولي للطاقة) ذكر فيه مصادر الطاقة المتاحة للإنسان وهي كثيرة كالنفط والغاز والطاقة النووية وغيرها وتنقسم هذه المصادر إلى قسمين هما مصادر عالية القدرة وتتمثل في النفط الذي يسهم بنسبة 7 فقط من انتاج الطاقة في العالم، والغاز الطبيعي الذي يسهم بنسبة 19 من انتاج الكهرباء بالاضافة إلى الفحم الذي يساهم بنسبة 4 وكذا الطاقة النووية التي تسهم بنسبة 16 من انتاج الكهرباء في العالم.والقسم الثاني مصادر ضعيفة القدرة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومساهماتها في انتاج الكهرباء محدودة أو صغيرة جداً ولا يمكن الإعتماد عليها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهذه المصادر لايعول عليها كثيراً في الوقت الراهن. كما أن مصادر الطاقة التقليدية وفي مقدمتها النفط لم تعد كافية في هذة اللحظة من الزمن ولن تكفي البشرية خلال السنوات والعقود القادمة، وان الإعتماد عليها بشكل حصري سيحرم الأجيال القادمة كلياً من هذه المصادر وسيؤدي إلى خراب بيئي غير قابل للإصلاح.[c1]الوضع الدولي للطاقة[/c]يتناول المؤلف من هذا الموضوع المحطات النووية والموجودة في العالم بقوله:يوجد حالياً في العالم (433) محطة كهرباء نووية عاملة موزعة على كافة ارجاء المعمورة منها (104) محطة في الولايات المتحدة الأمريكية و (39) محطة في فرنسا، حيث أنتجت هذه المحطات في عام 2004 قدرة كهربائية قدرها (364.794) ميجاوات من الكهرباء أي حوالي (16) من الانتاج العالمي للكهرباء، ويجري حالياً إنشاء (25) محطة كهرباء نووية جديدة في عشر بلدان من بلدان العالم منها ثماني محطات في الهند وأربع محطات في روسيا الاتحادية وثلاث محطات في الصين، ويخطط لمشاريع أخرى جديدة في أماكن عديدة من العالم في فرنسا والصين بحلول العام 2020 بالإضافة إلى الهند واليابان ويتوقع إنشاء عشرين محطة نووية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية لنفس العام 2020م.واستعرض المؤلف أهم العناصر ذات العلاقة بالطاقة النووية والمتمثلة في الوضع الدولي للوقود النووي ويشمل عنصري اليورانيوم والبلوتونيوم، ويستخدم اليورانيوم في توليد الطاقة الكهربائية في المفاعلات النووية التجارية الكبرى في حين يستخدم البلوتونيوم كمولد للطاقة الكهروحرارية للمستشعرات الفضائية التي تذهب في الفضاء بعيداً عن الشمس.دورة الوقود النووي حيث توجد دورتان للوقود النووي مرتبطتان ببعضهما بعض.الدورة الكبرى وهي دورة الوقود النووي المفتوحة والدورة الأصغر وهي دورة الوقود النووي المقفلة.كما يوجد ستة أنواع من محطات إنتاج ومعالجة وتجهيز الوقود النووي في أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وكندا والبرازيل وإيران وهذه المحطات هي:محطات تخصيب اليورانيوم، ومحطات تخفيق التركيز الانشطاري، ومحطات تجهيز الوقود (أكسيد اليورانيوم) ومحطات تجهيز وقود الأكسيد المختلط، ومحطات تحويل اليورانيوم إلى سادس فلوريد اليورانيوم، وأخيراً محطات تجهيز وقود مفاعلات الماء الثقيل.[c1]تكنولوجيا مفاعلات الطاقة[/c]تطورت تكنولوجيا مفاعلات الطاقة تطوراً هائلاً إثر نشوئها منذ اكثر من خمسين سنة في مختلف النواحي إلى درجة أن جيل مفاعلات الطاقة الذي بدأ تنفيذه مؤخراً في اماكن قليلة في العالم تختلف عن المفاعلات الاولى من الجيل الأول والتي انشئت في الخمسينات والستينات واعداد كبيرة من نوع الجيل الثاني بنيت في الفترة ما بين الستينات والتسعينات، أما الجيل الثالث فقد تطور تطوراً هاماً هو خاصية التوقف الذاتي لقلب المفاعل من حالة وقوع أي حادث، وقد مرت تكنولوجيا مفاعلات الطاقة بعدد من المراحل في تطور ويذكر المؤلف منها بعض المفاعلات مثل مفاعلات الماء الخفيف ومفاعلات الماء الثقيل والمفاعل فوق الحرج، والمفاعلات البدنية المبردة بالصوديوم ومفاعل الكانرو، ومفاعل الإستيلاد السريع، ومفاعلات درجات الحرارة العالية.كما تطرق الكاتب إلى موضوع الاقتصاد النووي وقال: إن مفهوم الاقتصاد النووي ليس جديداً فهو الأساس في النقاش الجاري حول أهلية الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء وتلبية حاجات البشرية لمستقبل مشرف وسعيد، وعلى وجه الخصوص خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأقل نموا وتتمحور القضية حول تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية نووياً بالمقارنة مع المصادر الأخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية.[c1]قضايا البيئة والتغيير المناخي[/c]تحت هذا العنوان تناول الكاتب قضية التغيرات المناخية والتي أصبحت اليوم أكثر القضايا الكونية الحاحاً وتشكل تحدياً محورياً ليس فقط أمام العلماء والمختصين بل وبكل تأكيد امام الساسة أصحاب القرار، وأن على البشرية أن تحذر حقاً من التدهور الحاصل في البيئة الكونية وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري ومظاهرها الجلية على كل الأصعدة المناخية والبيئية، وفي هذا الشأن يجب التأكيد على أن الملوث الرئيسي والمخرب الأساسي للبيئة والمناخ بين كافة الأنشطة البشرية على الأرض هو عمليات إنتاج الطاقة وإستخدامها ويتم التركيز على الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتي تبعثها مصانعنا وبيوتنا ووسائل نقلنا وكافة أنشطتنا البشرية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري، وهذه الغازات هي ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد البريت وأكاسيد النيتروجين.وتطرق المؤلف إلى تعريف ظاهرة الإحتباس الحراري بانها الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض كنتيجة لزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة منذ بداية الثورة الصناعية وهي غازات طبيعية تلعب دوراً مهماً غب تدفئة سطح الأرض حتى يمكن الحياة عليه، فبدونها قد تصل درجة حرارة سطح الأرض ما بين (19 و15) درجة مئوية تحت الصفر.وأشار الكاتب إلى إتفاقية كيوتو والتي تم التوقيع عليها في 16 مارس 1998 في مدينة كيوتو اليابانية ودخلت حيز التنفيذ في 16 فبراير 2005 بعد أن انضمت اليها تدريجياً (55) دولة، وقد انضمت إلى هذه الاتفاقية غالبية دول العالم أي (164) دولة بالتحديد، في حين لم تنضم اليها الولايات المتحدة الامريكية بعد بسبب معارضة إدارة الرئيس بوش، وتمثل هذه المعاهدة ذروة الهم البشري فيما يتعلق بالتغيرات المناخية والخراب البيئي الناتج عن استخدام الوقود الأصفوري، وأقصى ما استطاعت الدول التوصل اليه في الاتفاق هو ضرورة ضبط انبعاث الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي بحيث تصل مستويات هذه الغازات ونسبها إلى مستويات العام 1999 بحلول العام 2012.ولا يكفي أن يتم سن القوانين والقواعد للحد من الغازات الناتجة من المصانع أو وسائل النقل الثقيل ولكنه ينبغي تغيير البيئة الحالية لإنتاج الطاقة في العالم والحد من الاعتماد على الوقود الأصفوري واعتماد مصادر طاقة نظيفة صديقة للبيئة وعلى وجه الخصوص اعتماد الطاقة النووية باعتبارها تعد خياراً مقبولاً بل أصبحت ضرورة مطلقة.[c1]النفايات[/c]إن هذه المسألة هي الوحيدة المتبقية للاخذ بعين الاعتبار عند الحديث عن الطاقة النووية، وللعلم فإن تطوراً معقولاً قد حدث فيما يتعلق بالنفايات النووية والجهود الوطنية والدولية مستمرة لحل هذه القضية وهناك حلول مبشرة وتسير في إتجاهين الأول هو الحد من إنتاج النفايات النووية أثناء توليد الطاقة وذلك من خلال أمرين أولهما زيادة كفاءة مفاعلات الطاقة وبالتالي التقليل من كمية النفايات المنتجة، وثانيهما إعادة معالجة الوقود المستهلك لإستخراج مابه من وقود قابل للاستخدام مما يقلل بشكل جوهري من كمية النفايات التي تحتاج إلى رعاية او دفن.أما الثاني فهو يتعلق بالجهود الدولية لبناء محطات أو مرافق للتخلص التهاني من الوقود المستهلك على أن تكون هذه المدافن ذات صفات أيدلوجية ثابتة وآمنة ويشير المؤلف إلى بعض المشاريع التي تتم من أجل التخلص من النفايات النووية، فهناك مشروع في جبل يوكا في ولأية نيفادا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المتوقع أن يبدأ عملية دفن النفايات فيه مع بداية العام 2010، كما تنوي فنلندا بناء مدفن نهائي للوقود المستهلك من المتوقع أن يبدأ العمل فيه مع العام 2011 ويبدأ استخدامه في العام 2020، كما ان هناك دراسات في أماكن مختلفة من العالم حول مواقع مرشحة لبناء مرافق التخلص النهائي من الوقود المستهلك بشكل آمن.[c1]الأمان النووي[/c]تحت هذا العنوان تحدث المؤلف عن الجهود البشرية التي بذلت في العشرين سنة الماضية ولم تكن جهوداً فردية بل كانت ومازالت جهود دولية مشتركة قادتها مؤسسات دولية عريقة في مقدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أولت الموضوع جل إهتمامها ومنذ الاستخدام البشري للطاقة النووية في نهاية الحرب العالمية الثانية ونتائجه المأساوية في نجازاكي وهيروشيما والحادث المشئوم الذي حدث في محطة تشورنوبل قبل عشرين عاماً وما أنتجه هذا الحادث ومنذ ذلك الحين أحرزت البشرية تقدماً هائلاً في هذا المجال.[c1]الوكالة الدولية والطاقة الذرية[/c]تأسست الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1958 من أجل هدفين رئيسيين هما:نشر الاستخدامات غير السليمة لهذه الطاقة (النووية) بشكل آمن في العالم ومنع انتشار الاستخدامات غير السليمة، وذلك من خلال نظام التحقق الذي تنفذه الوكالة على كل الدول الأطراف في معاهدة حظر الانتشار النووي من خلال بنود اتفاق الضمانات والبروتوكول الإضافي المعقودان بين الدول الأطراف كل على حدة وبين الوكالة ومن أجل تحقيق هذين الهدفين فقد قامت الوكالة بالعديد من الأنشطة منها برامج التعاون التقني، الاجتماعات والمؤتمرات وورشات العمل، الإصدارات للكتب والمجلات والمنشورات وغيرها، وكذا الأمن والأمان النوويين والحماية الإشعاعية وأمن وأمان المصادر المشعة، ومركز الطوارئ النووية الدولي.وتطرق الكاتب إلى ميزانية الوكالة حيث تقوم الوكالة الدولية بتنفيذ مشاريعها وبرامجها من المساهمات المخصصة من الدول الأعضاء ومن مصادر إضافية من صندوق التنمية للأمم المتحدة والمساهمات الإضافية لبعض الدول.[c1]حظر الانتشار النووي[/c]إن منظومة حظر الانتشار النووي الدولية تتكون من شق قانوني دولي ووطني يرتكز في الأساس على معاهدة حظر الانتشار النووي والتي وقعت عليها كافة الدول ماعدا الهند وباكستان وإسرائيل وهي معاهدة مبادئ وليست معاهدة إجرائية وأهم بندين في هذه المعاهدة هما منع إنتشار الأسلحة النووية النزع التدريجي للسلاح النووي ولتأكيد على الحق غير القابل للتصرف.لكل الدول الأطراف في امتلاك تكنولوجيا نووية سلمية، ويعطي إتفاق الضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحق في التحقق من تنفيذ الدولة المعنية التزاماتها تجاه المعاهدة، وذلك من خلال نظام التفتيش الدولي الذي تنفذه الوكالة من خلال قطاع الضمانات فيها، وقد نشأت في أوائل التسعينات الحاجة الدولية لتطوير إتفاقية الضمانات المشار اليها بحيث يصبح من الممكن القيام بعمليات تفتيش مفاجئة وغير معلنة، كما تم التوقيع على البرتوكول الاضافي لاتفاق الضمانات، وهذا البروتوكول الاضافي يسمح للوكالة الدولية بالتفتيش المفاجئ غير المعلن وذلك محاولة من المجتمع الدولي الكشف عن أي أنشطة غير مشروعة في الدولة المعنية.وأشار المؤلف إلى التحديات التي تواجه منظومة حظر الانتشار النووي وبعض هذه التحديات قديم وبعضها جديد وهي كالتالي:- عالمية المعاهدة، ومشكلة الدول الثلاث، التوازن في تطبيق مواد المعاهدة، تقليل القيمة العسكرية والسياسية، الأمن النووي وللاعبون من غير الدول، وكذا امتلاك دورة الوقود النووي وأمن الطاقة.ومن أجل المساهمة الإيجابية في التعامل مع التحديات التي تواجه المعاهدة ومنظومة حظر الانتشار فلابد من الخطوات التالية:- أهمية إخضاع الجميبع بشكل كوني لهذه المعاهدة كأساس للمستقبل لضمان السلام في العالم.- أهمية التنفيذ والالتزام بكافة بنود المعاهدة.- أهمية جعل المعاهدة غير قابلة للنقض من قبل أي طرف من أطرافها بحيث يدخلها الجميع بدون استثناء.- منع وتجريم النقل غير المشروع للتكنولوجيا النووية.- تشجيع ودعم النقل المشروع للتكنولوجيا النووية السلمية في خدمة الإنسان.- الاستمرار في تطوير تكنولوجيا نووية سلمية مناسبة وملائمة للمساهمة في سعادة البشرية ورخاء الشعوب.- أهمية ضمان أمن وأمان المواد النووية من خلال تبني مقاييس حازمة في هذا الشأن.[c1]الأمن الطاقي والتنمية المستدامة[/c]تحت هذا العنوان والذي اختتم به المؤلف القسم الأول من الكتاب تحدث عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية وان وجود طاقة كافية ورخيصة هو القاعدة الاولى لأي نشاط استثماري أياً كان نوعه صناعياً أو زراعياً أو خدمياً او غير ذلك، وأن الاستثمار في مجال الطاقة هو أمراً وطنياً شديد الجاذبية الاقتصادية إذ انه يحل مشكلة الطاقة وبذلك يخدم كل مناحي النشاط الاستثماري في مجال الطاقة لأنه يخدم التنمية الاقتصادية مرتين الأولى من كونه استثماراً والثاني كونه خدمة لبقية الأنشطة الاستثمارية.وأوضح بأن الأمن الطاقي لكل شعب يسبق في تربيته حتى أمنها الغذائي وذلك لأن وجود الطاقة هو الذي سيسمح بإنتاج الغذاء بالنسبة للبلدان الزراعية أو شرائه بالنسبة للبلدان التي لا تستطيع إنتاجه، وعليه فإن الأمن الطاقي يحتل حيزاً كبيراً من الهم الوطني العام باتجاه ضرورات الحاضر وحاجات المستقبل، وان هذا الأمن الطاقي هو الذي يقود السياسات الدولية التي تسعى إلى السيطرة على مصادر الطاقة في العالم, وأن أمة بلا أمن طاقي هي أمة بلا مستقبل .