مع الأحداث
سارعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يوم الخميس الماضي إلى إطلاق تحذير، خشية ارتفاع أسعار الشاي خلال العام الحالي، نتيجة لانخفاض إنتاجه في كينيا، التي تعد إحدى كبريات دول العالم المنتجة للشاي، بمقدار 10 في المئة، بسبب حال التوتر والاضطرابات التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن.يأتي هذا التحذير «ألأممي» بعد أن رصدت المنظمة أن الاستهلاك العالمي من الشاي ارتفع بنسبة 1 في المئة عام 2006 ليبلغ 3 ملايين و640 ألف طن، متجاوزاً للمرة الأولى استهلاك الصين من الشاي، إذ بلغ زيادة قدرها 13.6 في المئة من حيث الاستهلاك الإجمالي.وعلى رغم أن هناك شحنات متزايدة من الشاي من سيريلانكا والهند وفيتنام، إلا أن ذلك لا يعوّض الانخفاض في إنتاج كل من كينيا وإندونيسيا.كنت أعتقد أن الوضع السياسي المضطرب وأعمال العنف الإثني في كينيا لن تؤثر سوى في الدول الأفريقية المجاورة لها، ولن يلحق من تداعياتها وتأثيراتها في العالم من الأمر شيء، إلا أن الشاي الذي يستهلكه سكان العالم بشكل مضطرد، ربما يخلق أزمة عالمية تتجاوز حدود كينيا وأفريقيا كلها.ففي ظل تحذيرات منظمة «الفاو» من حدوث أزمة جراء ارتفاع أسعار الشاي، أُقدّم باسم المهووسين بشرب الشاي دعوة المجتمع الدولي إلى حض الأحزاب السياسية المختلفة، والجماعات الإثنية الكينية، على لجم النزاع وصوغ حلول «عاجلة» تفضي إلى إنهاء الاضطرابات وأعمال العنف المتصاعدة، قبل أن تتضخم أسعار الشاي عالمياً، ما قد يتسبب مستقبلاً في ما يعرف بـ «حرب أسعار الشاي».هناك جهود جيدة يبذلها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، ورئيس تنزانيا السابق بنجامين مكابا، لإيجاد مداخل ومخارج وحلول للأزمة الكينية قبل أن تطيح بالبلاد، لكنها بحسب المراقبين ما زالت «غير كافية» في ظل عدم تعاون بعض المسؤولين والضباط الكينيين.الأزمة الكينية ستؤثر سلباً - وبشكل مباشر - في اقتصاد دول أفريقية أخرى، ما يستدعي تحركاً جماعياً مدروساً، لإيقاف موجة العنف قبل أن تفلت من عقالها وتصعب السيطرة عليها، وحينها لا يمكن لجم الصراع، ما سيهدد مزارع الشاي وقبلها البن الذي يشكّل ربع الصادرات الكينية.تعتبر كينيا ممراً لصادرات وواردات بلدان أخرى مثل أوغندا ورواندا والكونغو وبوروندي. فمتى تعطّلت حركة النقل، سترتفع أسعار المنتجات والسلع على الإنسان «الفقير» في تلك البلدان، خصوصاً أن هناك جماعات تهاجم الشاحنات وتعرقل خط سيرها، وربما تتوغل وتسيطر على مزارع البن والشاي.أعتقد أن الجهد الأفريقي المبذول حتى الآن «غير كاف»، حتى بعد أن أعلن كوفي انان عن اتفاق طرفي الأزمة، خصوصاً أن ديبلوماسية الاتحاد الأفريقي «شبه جامدة»، أمام تزايد موجة العنف وتصاعد نيرانها في دول عدة في القارة السمراء، مثل الصومال وتشاد وكينيا ونيجيريا.قمع الشعوب يولد الاضطرابات ويخلق الأزمات للحكومات. الشعوب بحاجة إلى حكومات عادلة تؤمّن لها السلام والاستقرار، لا حكومات تؤجج الصراعات وتلهب النفسيات. الشعوب بحاجة إلى وقت «آمن» مستقطع لاحتساء القهوة والشاي بكل هناء. كل هذا يتطلب من رجالات القارة السمراء السرعة في معالجة الأوضاع في دولة أفريقية «مضطربة» تصدّر الشاي الأسود إلى العالم قبل ان تتفرد الدول الآسيوية بتصديره إلى جانب الأخضر، ويسجل التاريخ ما يعرف بعام « أزمة الشاي».[c1]* عن/ الحياة[/c]