أقامت مؤسسة الأميرة الشاعرة، بنت الكويت، سعاد الصباح في دورتها الأخيرة العام 2006م مسابقة للشباب العرب في مجالات متعددة تشمل الجانب الأدبي من شعر وقصة ومسرح والجانب الفكري العلمي، وكان أن حصد الجائزة الأولى في الرواية شاب يمني اسمه فهد آل قاسم عن روايته " الأفق المهاجر" وكان أن حصد الجائزة الأولى أيضاً في جانب البحث العلمي الشاب اليمني هاني أحمد صالح (باسل) عن بحثه تاريخ علم الصيدلة وأبرز علمائه ولقد قامت المؤسسة بطباعة المساهمات الفائزة بالمراكز الأولى في كتب على حسابها، طبقاً لإمكاناتها وسياساتها، وكان أن حظيت رواية " الأفق المهاجر " للقاسمي بهذه الفرصة.شرفني الأخ فهد صاحب الرواية بأن أرسل إلي نسخة من روايته، آمنت بعد قراءتها أن الإبداع الجميل يفرض نفسه، ويطرق أبواب النجاح بقوة، فتنفتح له طواعية وبكل الحب والتقدير.الرواية تقع في (253) صفحة من الحجم المتوسط، وهي وإن خالطتها بعض الأخطاء الطباعية، الناجمة فيما أرى عن سرعة إنجاز طباعتها.إلا أن ترابط أحداثها، وحسن إدارة الراوي لهذه الأحداث ينسيك تلك الأخطاء.ولا أدل على قوة ترابط الرواية من أن أحداثها تبدأ منذ العنوان وتنتهي بما يحمله من معنى.. وذكرني عنوان الرواية بقصيدة للشاعر الجميل الصديق المبدع الراحل محمد حسين هيثم، إذ كتب قصيدة بعنوان " صباح الغراب " وكان ذلك في الثمانينات من القرن الفائت.ألم تستوقفك هذه المفارقة بين الصباح بما يحمله من نور وأنداء وإقبال على الحياة، والغراب بسوداويته التي تبعث في النفس الحزن والتجهم. كذلك كان عنوان رواية القاسمي يحمل في ثناياه المفارقة ذاتها. فالأفق هو ذاك المدى المتاح أمام ناظريك بما يحمل لك من آمال واحلام، هذا الذي يقف منتظراً قدومك إليه ماداً ذراعيه في استقبالك، تغذ الخطى إليه فتزداد منه قرباً، لكن أن يتحول هذا الأفق إلى مهاجر يبتعد عنك كلما حاولت، اقتراباً، فهذه هي المفارقة.لكنها مفارقة واقعية، فحياتنا تموج بمثل هذه المفارقات التي تدفع الشباب للهجرة إلى خارج البلد لتحقيق أحلامهم التي عجزوا عن تحقيقها داخلها. أي واحد منا يمكن أن يكون بطلاً لهذه الرواية ما دام يسعى لتحقيق أحلامه بعيداً عن عالم الفساد والرشوة والانتهازية. إنها رواية تفند الواقع المعاش وتحاول أن تضع المبضع على الجراح، لكنها استسلام للواقع تهاجر مع أفقها وحسبها أنها شخصت الداء وأظهرت مكامن الضعف.والحق أن الرواية مزجت بين أسلوبين للكتابة، فهي تقليدية وحداثية في الوقت ذاته. قرأتها فاستحضرت السبب لا أدريه، نجيب محفوظ الروائي العربي والعالمي، وكانت حاضرة معي أيضاً الروائية الجزائرية أحلام مستغاثي. واقعية نجيب محفوظ وطريقة سرده، وكم الثقافة والمعلومات المنثورة بين أسطر الرواية وحضور الراوي وغيابه كما فعلت أحلام في الثلاثية.لن أذهب معكم في رحلة قصيرة في محاولة لتلخيص هذه الرواية فلست أرى جدوى من فعل ذلك، ولكنني أدعوكم لقراءتها حالما تتوفر لديكم الفرصة، فإذا رأيتم يوماً ما هذه الرواية قابعة فوق رف مكتبة عامة أو خاصة. فلا تترددوا في شرائها أو استعارتها.. اقرأوها وثقوا أنكم ستجدون متعة في قراءتها.وإذا كنت قد قلت لكم قبل نحو عام أو أكثر أن هنداً القاصة والروائية اليمنية ابنة العشرين عاماً وابنة الراحل محمد حسين هيثم، إذا كنت قد قلت لكم " أن هنداً قادمة فأفسحوا لها الطريق"، فها أنذا اليوم أؤكد لكم أن شاباً يمنياً آخر قادم هو أيضاً يسير على الطريق نفسه بخطوات ثابتة، فأفسحوا له الطريق، أيضاً. ولعلنا من خلالها وآخرين معهما نشهد أدباً قصصياً وروائياً يمنياً ينطلق نحو أفق ينتظرنا غير أنه أفق غير مهاجر..[c1]* كمال محمود علي اليماني[/c]
|
ثقافة
الرواية الفائزة بالجائزة الأولى " الأفق المهاجر "
أخبار متعلقة