الدكتورة/ فاطمة الأكوع لصحيفة( 14 اكتوبر ):
لقاء/ محمد أحمد الدبعيوبعد تدشين حملة التحصين للتخلص من مرض الكزاز الوليدي، تستهدف تطعيم النساء في عمر(45-15 عاماً)، في الفترة من (29-24 يناير 2009م)، خصصنا هذا اللقاء مع الدكتورة/فاطمة إسماعيل الأكوع- اختصاصية أمراض النساء والولادة، لتسلط الضوء على جوانب أساسية هامة حول مرض الكزاز وما يمكن عمله لنضمن حماية النساء والمواليد بدرجة أساسية من أن يقعوا فريسة هذا المرض المشوؤم. [c1]مستودع المرض وبيئتهما وصفكِ لطبيعة وخصائص مرض الكزاز الوليدي؟ وما البيئة الخصبة للجراثيم المسببة لهذا المرض؟[/c]- إننا أمام مرضٍ ضارٍ شديد الخطورة، ومما لا يعرفه الكثيرون أن جراثيم المرض بإمكانها العيش في أي مكان والتكيف مع مختلف الظروف والأجواء.. الباردة أو الحارة ، ولها القدرة على تحمل الجفاف مدة طويلة، ومتى سنحت لها الظروف المناسبة عاودت النشاط والتكاثر مجدداً.مستودع هذه الجراثيم فضلات الحيوانات ومنها تنتشر في البيئة التي تحيط بنا.. في المواد والأشياء وعلى الأسطح الملوثة. كما يمكن أن تعلق بجلد الإنسان، ومن ثم العيش في التشققات والأسطح الميتة منه حتى تجد لها منفذاً تلج منه لتغزو بسمومها الجسم . ويمكن أن تلوث الجروح بما فيها الحبل السري للوليد عند قطعه غير النظيف بأداة غير معقمة أو ربطه بخيط غير معقم، حتى لو صادف أن كان الوليد قد حصل على مناعة مؤقتة من أمه المحصنة سابقاً ضد الكزاز. حيث لا يمكن اعتباره بمأمن من الإصابة بجراثيم الكزاز مع هكذا حال، وذلك عندما تضعف مناعته ضد هذا المرض والتي يفقدها بالتدريج عقب ولادته إلى أن تصير معدومة تماماً في الشهر الثاني من عمره، مما يتيح - بسبب بقاء جراثيم المرض حية كل تلك المدة في النسيج الملوث في موضع القطع- إمكانية معاودة المرض لنشاطه من جديد بانتهاء مدة الحماية من المرض التي حصل عليها من أمه المطعمة ضد داء الكزاز الوليدي. . [c1]مؤشرات عامة ما قراءتك لمؤشرات الخطورة لمرض الكزاز الوليدي على الأمهات والمواليد؟ وأين تكمن المشكلة؟[/c]- المؤشرات كثيرة على تردي الأوضاع الصحية للأمهات والمواليد في الأرياف. حيث التغطية بالخدمات الصحية متدنية وقساوة التضاريس وبعد الكثير من القرى عن المراكز والوحدات الصحية ناهيك عن غياب الخدمات الصحية النوعية والرعاية التوليدية في الكثير من المناطق الريفية. وفي الطرف الآخر تشير تقديرات لمنظمة الصحة العالمية إلى وجود أكثر من حالة إصابة واحدة لكل ألف ولادة حية.ولسنا هنا بصدد النظر إلى عدد حالات الإصابة لافتقارها إلى الدقة، ولكن بتنفيذ الحملات والتحصين الروتيني للنساء في سن الإنجاب سيتسنى - بإذن الله تعالى- منع حدوث الإصابة والحد من الوفيات التي يسببها هذا المرض القاتل.وأؤكد في هذا الاتجاه على ضرورة اهتمام وزارة الصحة بتنشيط الترصد الوبائي لمرض الكزاز الوليدي من خلال تأسيس نظام ترصد يعتمد على المجتمع في الإبلاغ عن حالات الإصابة.والمعروف أن الإصابة بهذا الداء الوخيم تتسم بخطورة كبيرة، خاصة ً على حديثي الولادة. إذ ليس لديهم مناعة يكتسبونها من أمهات هن أصلاً لم يسبق أن تطعمن ضد هذا المرض حتى يحصلن على مناعة دائمة ضد الكزاز الوليدي لينقلنها إلى مواليدهن أيضاً عند الولادة حتى يظلوا محميين وبمأمن من الإصابة بالمرض بصورة مؤقتة حتى الشهر الثاني من العمر. علاوة على أن التوليد والأدوات التي تستخدم فيه لقطع وربط الحبل السري أساساً المفتقرة إلى النظافة اللازمة الكفيلة إلى جانب التحصين بحماية الأمهات وحماية مواليدهن ضد داء الكزاز الوليدي. [c1]العدوى وسريانها ما مجمل الظروف المساعدة والمهيئة لجراثيم الكزاز للانتقال إلى جسم الإنسان وعلى وجه الخصوص إلى المواليد؟[/c]- سريان عدوى الكزاز مرتبطةً أساساً بالممارسات الخاطئة المتعلقة بعملية الولادة ، كأن لا تتم الولادة على سطح ٍ أو موضع ٍنظيف، وقطع الحبل السري بأداة تفتقر إلى النظافة والتعقيم كالمقص، السكين، موس الحلاقة، الحجر أو أية أداة حادة لم تكن نظيفة بما فيه الكفاية وكذلك عدم ربط الحبل السري بخيط أو قطعة قماش معقمة، أو وضع أية مواد ملوثة، مثل التراب ، الرماد ، الكحل ، الملح، على سرة الوليد. أضف إلى أن إجراء الختان باستخدام الأدوات غير النظيفة التي ذكرناها وسيلة فعالة لإصابة الوليد بالمرض. وبالنسبة للمواليد تنتقل عدوى المرض إليهم- عادةً- عن طريق تلوث الحبل السري بجراثيم الكزاز التي تطلق سمومها في الجسم. حيث تمكث الجراثيم في الجرح ولا تبرح مكانها إلى أي عضو في الجسم على الإطلاق، بل تفرز سموماً تسري في الدم أو الأعصاب لتصل وتصيب الجهاز العصبي المركزي للضحية. [c1]الملامح المرضيةهلا أوضحت ملامح الأعراض المرضية للكزاز وما تشكله من خطورة على الصحة؟[/c]- تبدأ أعراض الإصابة بالظهور عموماً خلال مدة تتراوح بين(28-3يوما) من تلقي العدوى.. وهي مميزة للكزاز الوليدي ينفرد بها عن باقي الأمراض، كتصلب الرقبة وعضلات الجسم، وعجز المصاب بالمرض عن فتح فمه بما في ذلك صعوبة البلع وحدوث نوبات تشنج ٍ لعضلات الجسم.أما علامات المرض عند الأطفال الصغار- تحديداً- فيتراوح ظهورها بين اليوم الثالث والثامن على الولادة، وعلى إثر ظهورها تتصلب عضلات الوجه والفكين ثم الرقبة، ثم باقي الجسم، وترتفع درجة الحرارة أيضاً ويزداد خفقان القلب ويزداد التعرق. كما تنقبض أصابع اليدين لدرجة أنه يصعب فكها، وتكون معها أيضا صعوبة التنفس. بالإضافة إلى توقف الطفل عن البكاء والرضاعة.ولعجز الوليد عن الرضاعة،إلى جانب نوبات التشنج الشاملة للجسم، وصعوبة التنفس الذي يتحول بعد ذلك إلى عجز كامل عن التنفس، فإن أياً ٍ من هذه التداعيات الخطيرة يؤدي إلى الوفاة لا محالة.[c1]مرتكزات الوقاية ما السبيل للوقاية الكاملة للأمهات والمواليد من مرض الكزاز الوليدي على النحو الذي يمكن معه بلوغ القضاء على هذا الداء الوخيم؟[/c]- تحصين الفتيات والنساء في عمر ( -15 45 عاماً) الجرعات ضد الكزاز الوليدي مع تحصين الأطفال دون العام من العمر بجرعات لقاحات التحصين الروتيني المستمر ونهج الطريقة السليمة والنظيفة عند التوليد باستخدام أدوات نظيفة ومعقمة، هو كل ما نرجو أن يلتزم به المجتمع سواءً قامت بالتوليد طبيبة أو قابلة مدربة ماهرة أو حتى مولدة عادية أو جدة.فعند قطع الحبل السري، وكذا عند الختان يجب استخدام أداة نظيفة، مثل الموس الجديد الذي لم يسبق أن استخدم من قبل، أو مقص نظيف بعد غليه بالماء جيداً لتعقيمه. كذلك الإجراء عينه بالنسبة للختان. لا بد أيضاً من تجنب وضع أية مادة لمداواة الجرح الذي يحدثه قطع الحبل السري للوليد أو عند ختانه كالرماد أو التراب أو السمن أو الكحل أو الملح، لأنها مواد ملوثة قد تنتقل جرثومة الكزاز منها إلى الجرح فتبث سمومها في الجسم، ما يُعرض حياة الوليد لخطر ٍمحقق.كما يجب ربط الحبل السري بخيط نظيف معقم بعد غليه بالماء لمدة نصف ساعة على الأقل .أما بالنسبة للتحصين ضد الكزاز الوليدي للفتيات والنساء في سن (45-15عاماً) فلابد من أن تستوفى فيه الجرعات الخمس المضادة لهذا المرض، ليكتسبن منها مناعة مدى الحياة من هذا المرض، وحتى تولد مناعة تنتقل إلى المواليد عند الولادة فيولدون محميين من الكزاز لأسابيع قليلة على ولادتهم. وبعد ذلك عند بلوغ الطفل شهراً ونصف الشهر من عمره، يتم بناء المناعة ضد الكزاز من جديد وجعلها دائمة بتحصينه باللقاح الخماسي الذي يدخل في تركيبته اللقاح المضاد لمرض الكزاز، شرط أن يُعطى جميع الجرعات الروتينية على نحو ما تحدد في كرت التحصين الخاص به. وأعود لأؤكد على أهمية حصول كافة النساء في سن الإنجاب، في عمر (15 - 45 عاماً)على كامل جرعات لقاح الكزاز حتى إذا تباعدت المواعيد الفاصلة بين الجرعة والأخرى، مع أنه من الأفضل حصولهن على جرعات اللقاح بشكلٍ منتظم وفق جدول التطعيم.بقي لنا في الختام أن نؤكد على ضرورة تلبية نداء حملة التحصين للتخلص من مرض الكزاز الوليدي التي تستهدف تطعيم النساء من عمر(45-15عاماً) بمحافظات(صنعاء- تعز- حضرموت الساحل- حضرموت الوادي والصحراء- ذمار- أبين- المحويت- حجة- مأرب- البيضاء- شبوة- عمران- المهرة- صعدة- ريمة)، حيث لن يتجاوز تنفيذ هذه الحملة ستة أيام، خلال الفترة من (29-24 يناير 2009م)، فالفرصة مواتية ولا ينبغي تفويتها، كما إن التحصين ضروري لسائر النساء المتزوجات وغير المتزوجات وكذا الحوامل على اختلاف أشهر الحمل. وعلى الفتيات والنساء في الفئة المستهدفة اللاتي تحصن في المراكز الصحية أو حملات سابقة ولم يستكملن الجرعات الخمس وكذا من لم يتحصن مسبقاً.. أن يسارعن خلال تنفيذ هذه الحملة بالذهاب إلى المرافق الصحية مواقع التحصين والمعلن عنها بالمستشفيات والمراكز والواحدات الصحية وفي مواقع أخرى غير ثابتة كالمدارس والمرافق الحيوية القريبة للمنازل، بل وحتى بيوت المشايخ والعقال التي قد تتخذها بعض فرق التطعيم في الأرياف تقريباً للمسافات، فلا عذر يثني المستهدفات عن التوجه إلى مواقع التحصين ليحصلن على جرعة التحصين اللازمة الكفيلة بحمايتهن من مرض الكزاز الوليدي المشئوم.