يوماً بعد آخر يسارع نشطاء ما يسمى بالحراك السلمي في الجنوب للانزلاق صوب دهاليز العنف والفوضى والتخريب، ويقدمون في تطور دراماتيكي بين الفينة والأخرى مشاهد غاية في العدوانية والغل والآثام والشرور، فمن حوادث القتل غيلة وظلماً إلى إحراق المحلات التجارية والاعتداء على مالكيها في وضح النهار. منذ أيام على سبيل المثال تواترت الأنباء عن مقتل مواطن من أبناء منطقة الزريقة مديرية المقاطرة واسمه خالد عبده بهاش، إذ وجد مقتولاً بطور الباحة في محافظة لحج، وأكد مواطنون مسئولية عناصر في الحراك الجنوبي عن مقتله. وفي المحافظة ذاتها ولكن بمديرية الحوطة أقدم عناصر في الحراك أيضاً على إحراق ثلاثة محلات تجارية لمواطنين، كما تم الاعتداء على أحد أفراد شرطة النجدة في المديرية ذاتها. وفي محافظة الضالع أصيب مدير البحث الجنائي الرائد علي الحالمي إثر هجوم مسلح لعناصر في الحراك.. والقائمة تطول. على هذه الشاكلة ينشط الحراك في بعض مناطق الجنوب، وبوتيرة متسارعة، في الوقت الذي لم يزل نشطاؤه يسمونه بالسلمي في مفارقة سافرة يضحك لها ومنها وعليها القاصي والداني، ويبدو أن عناصر الحراك الانفصالي قد أجمعوا أمرهم على تقويض يأسهم من إمكانية تحقيق أطماعهم الانفصالية بالانتقام من المواطنين الذين هم على صلة وثيقة بالوحدة، ومقدار هذا اليأس يتجلى في الوحشية التي يظهر بها هؤلاء الانفصاليون القتلة حالة التشفي بدماء الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ونهبها وإحراقها. إن تلك الجرائم منكرة ومدانة بلا شك، غير أن الأدهى والأمر أنها ليست حوادث فردية ومشاهد طارئة وحالات شاذة، إذ لو كانت كذلك لما أمكن لها أن تثير كل هذه الجلبة واللغط والضجيج، والخوف كل الخوف أن يعمد الحراك الانفصالي إلى جعلها فيما ينشط فيه من مناطق جنوب الوطن حالة دائمة وقاعدة ثابتة وسلوكاً جماعياً، وهنا الكارثة بالتأكيد.وربما يصدق القول إن ما هو عليه الوضع في بعض مناطق المحافظات الجنوبية والشرقية في طريقه للتموضع وفق الأجندة التي يتبناها الحراك الانفصالي، ليس بمعنى إمكانية أن يتحقق الانفصال لهؤلاء فاستحالة حدوثه مما لا يختلف عليه اثنان، وإنما بمعنى أن تسود حالة العنف والقتل والتخريب والفوضى من قبل عناصر الحراك في تلك المناطق، إلى الحدّ الذي يصبح الأمن والسلام والهدوء والاحتكام لسلطة النظام والقانون استثناءات لا يؤبه لها. وفي هذا السياق فإن حسبة سريعة لمختلف الجرائم التي طالت المواطنين وممتلكاتهم وأفراد الشرطة والأمن والبنى الخدمية من قبل عناصر الحراك.. إن هذه الحسبة ستخرج بنتيجة هي ذاتها ما نتخوف منه، فالأحداث الدموية والتخريبية في مجملها تضعنا أمام منحى خطير يريد الحراك الانفصالي للوضع هنالك الانزلاق فيه، وما لم يتم تدارك الحال هنالك سريعاً فإن قادم الأيام سيؤذن بمزيد من إزهاق الأرواح والأنفس والعبث بكل شيء، إذ أن هستيريا القتل ونزعة التخريب وشهوة التدمير ثقافة لن ينفك الحراك يصدر عنها طالما وجد عناصره يتلذذون بالدماء البريئة وصرخات المظلومين.
هكذا يريدها الحراك !!
أخبار متعلقة