أضواء
تشتعل الحياة السياسية في الكويت بشكل يدعو إلى الضجر.. والقلق أحياناً.. حيث إن الصراع الديموقراطي في الحياة السياسية الكويتية أخذ مدى أبعد مما كان يتخيل الجميع بمن فيهم أعضاء المجلس التأسيسي عام 1962 الذين تم في عهدهم وعهدتهم صياغة الدستور الذي تحتكم إليه كافة السلطات والقوى السياسية في الكويت اليوم، والذي منح أعضاء مجلس الأمة سلطات مطلقة وواسعة في محاسبة كافة المسؤولين واستجوابهم بمن فيهم رئيس الوزراء سواء كان شيخاً من أفراد الأسرة الحاكمة أو من عامة الشعب.الأزمة السياسية التي تعيشها الكويت اليوم تكمن في رغبة بعض أعضاء مجلس الأمة في استجواب رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، وهو ذات الموقف الذي تم رفضه مسبقاً من قبل السلطات العليا في الكويت، وأدى مرة إلى حل مجلس الأمة والمرة الأخرى كانت النتيجة قبول استقالة الحكومة بعد أن رفعت إلى سمو الأمير خطاباً بعدم القدرة على التعاون مع مجلس الأمة، مما دفع بسمو الأمير إلى قبول استقالة الحكومة والابقاء على المجلس، وهي الخطوة التي لاقت استحساناً واسعاً لدى الأوساط السياسية في الكويت، إذ ان سمو الأمير انتصر لمجلس الأمة، وقرر الابقاء عليه وتغيير الحكومة التي عادت بنفس رئيسها، لكن هذه الخطوة أيضاً حملت رسالة واضحة بأن المجلس يجب أن يعمل على التعاون مع حكومة الشيخ ناصر المحمد الخامسة، وهو الأمر الذي أوضحه سمو الأمير في أكثر من مناسبة. الأزمة السياسية تعود إلى الواجهة مرة أخرى.. وسريعاً ما اشتعل فتيل الصراع السياسي بعد أن قامت الحركة الدستورية (الإخوان المسلمون) بالاعلان عن عزمها تقديم استجواب لرئيس الوزراء خلال ستة أشهر على خلفية قيام الحكومة بإلغاء الصفقة المعروفة باسم الداو كيمكال وهو المشروع الذي كانت الكويت تعتزم تنفيذه مع شركة الداو العالمية بقيمة استثمارية تتجاوز السبعة مليارات دولار، لكن الحكومة تراجعت عنه بعد ضغط شعبي ونيابي شديد، بالرغم من استماتة وزير النفط السابق، العضو في الحركة الدستورية محمد العليم في الدفاع عن المشروع ولكن دون جدوى. خطوة الحركة الدستورية هذه فتحت الشهية أمام شخصيات وتيارات سياسية أخرى للدخول في سباق الاستجوابات المقدمة إلى رئيس الوزراء، إذ أعلن النائب أحمد المليفي عزمه على تقديم استجواب منفرد على خلفية قضية التجنيس ومصروفات ديوان رئيس الوزراء، كذلك فعل النواب ضيف الله بورمية وأحمد السعدون ومسلم البراك. هذه الانتكاسة الديموقراطية التي تعيشها الكويت اليوم بالتأكيد جاءت بعد تداعيات سياسية أدت إلى تلك النتيجة المحزنة.. لكننا ككويتيين لا نريد أن يكون الحل لتلك الأزمات بأن نقذف الديموقراطية بالسهام الحارقة، ونلعنها كإثم ارتكبناه في جنح الظلام.. نحن نعلم أن الديموقراطية هي المتعة الحقيقية التي تتغنى بها أرواحنا وتنتعش بها أجسادنا وتنتشي بها أنفاسنا.. لذلك يكون الحل بأن نصلح ما أفسده الدهر.. وما أعيته السنين، ونتوقف مع النفس وقفة تأمل ومحاسبة مثلما تفعل أعرق الأمم. لقد تجاوز الطرح السياسي لعدد من الأعضاء وقفة تأمل ومحاسبة مثلما تفعل أعرق الأمم. لقد تجاوز الطرح السياسي لعدد من الأعضاء كل معقول.. وشتت بعضهم الانتباه بكثرة المشاغبات، وانشغلت الدوائر كافة بما يجري في دائرة الصراع النيابي الحكومي، وصار الجميع يدور في دائرة مغلقة.. تعطل معها كل شيء.. حتى أصيب الشارع الشعبي بالضجر والملل.. وصار يداعبه الأمل بأي وسيلة للخلاص. في ظل كل تلك التجاوزات والتصعيد المتعمد وتقصد افقاد الحكومة القدرة على الانجاز وإلهائها بالمعارك الخفيفة والثقيلة عن مشاريع التنمية والتطوير، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.. صار لابد من ضرورة وجود حلول قسرية وقوية وفعالة.. لانقاذ الوضع مما هو فيه من سوء وتردّ.. بالتأكيد ومع كل تلك السنين من الحياة الديموقراطية لا نتمنى ولا نقبل بأن يكون الحل بالتخلي عن الديموقراطية.. فبالرغم من كثير من مساوئها إلا ان ايجابياتها أهم وأكبر.. لكننا نريد أن يكون هناك حلول إصلاحية قادرة على إنقاذنا مما نحن فيه.. للحديث تتمة أخرى.. ودمتم سالمين. [c1]*عن/ صحيفة (الرياض) السعودية)[/c]