هاهي ذكرى توحيد شطري الوطن تهل علينا مجدداً بعد ثمانية عشر عاماً من الحدث التاريخي العظيم الذي صنعه اليمنيون في ظل ظروف عالمية بالغة التعقيد والخطورة ، وها نحن اليوم بعد ثمانية عشر عاماً نتذكر ذلك اليوم الأغر الذي ارتفع فيه علم الجمهورية اليمنية معلناً انتهاء عهد التشطير والحواجز وولادة دولة اليمن الموحد ، والذي كان لمحافظة عدن الشرف الكبير في أن يرتفع علم الوحدة في سمائها وعلى أيدي رجال اليمن المخلصين .كم يشعر اليمانيون اليوم بالفرحة بعد مرور ثمانية عشر عاماً على تحقيق الوحدة المباركة ، وكم تتملكهم مشاعر الغبطة السرور وهم ينظرون بأنفسهم إلى عظمة الإنجازات التي تحققت في ظل الوحدة المباركة على كل الأصعدة وفي كل القطاعات ، حيث أن بركة الوحدة عمّت كل شيء في الوطن الحبيب ، واستفاد من خيراتها كل اليمنيين ، وبقيت مصدر فخر واعتزاز لهم يعتزون بها مدى الزمان .إن الوحدة اليمنية المباركة التي تحققت في 22 مايو 1990م كانت وحدة الأرض والإنسان والقوة والخيرات ، وهي اليوم نواة للوحدة العربية القادمة - بإذن الله - وكانت الوحدة اليمنية هي حلم الآباء والأجداد منذ مئات السنين ، ولكم تغنى بها الشعراء والأدباء ، وكانت حلماً تحقق وعملاً أنجز ، ذلك لأن ما كان يجمع شطري اليمن كان أكثر مما يفرقهما بل لا تكاد تكون هناك تفرقة تبدو ، فاليمنيون في شطري اليمن قديماً عانوا من الصراعات والحروب قبل الوحدة حيث كان الجنوب قبل الاستقلال يرزح تحت حكم الاستعمار البريطاني ، بينما كان الشطر الشمالي يرزح تحت حكم الإمامة الظالم ، وكان كل منهما يرغب في الخلاص من ذلك الظلم الجاثم على صدور أبنائه والكاتم لأنفاسهم ، وكانت جميع الخصائص والمميزات متوحدة مثل اللغة والدين والأصل ثم جاء بعده توحيد الأرض والإنسان في الثاني والعشرين من مايو 1990م المجيد .إن الوحدة اليمنية التي حققها الرئيس علي عبدالله صالح بالشراكة مع أخيه الرئيس علي سالم البيض كانت ايذاناً باستعادة الوجه الشرعي لليمن الموحد الذي عانى طويلاً من ويلات التشطير ، وها هي اليوم بعد ثمانية عشر عاماً من تحقيقها قد زادت اليمنيين قوة وتماسكاً وتمسكاً بها وحازوا على إعجاب العالم أجمع لأن منجزاً عظيماً بعظمة الوحدة اليمنية لا يمكن أن يتحقق إلا لشعب عظيم أصر على قهر كل خلافاته وحقق وحدة شطري بلاده في وقت كانت تتجه فيه دول العالم إلى التفكك والشتات ، ليثبت للعالم أجمع أن الشعب اليمني قادر على تحقيق أحلامه مهما كانت الظروف عصيبة . إننا نأمل أن تكون الوحدة اليمنية هي نواة الوحدة العربية ، وكم هو مؤسف ألا يكون هناك اتحاد عربي يجمع كل الدول العربية رغم أن هناك عدة عوامل مشتركة بين الدول العربية ومع ذلك لم يتحقق الاتحاد العربي ، بينما تمكنت دول أوروبا من إنشاء الاتحاد الأوروبي ، رغم الاختلاف الكبير بين بلدانها في اللغة والدين والأصل والعملة والاقتصاد ، ومع كل عوامل الاختلاف انشأوا اتحاداًَ أوروبياً ونحن لم نزل ننتظر قيام الاتحاد العربي الذي بذرته ونواته غرست في اليمن السعيد .لقد أخرجت الوحدة اليمنية الشعب اليمني الأبي من الظلام الدامس إلى النور المبين ، ووضعت أمامه طريق النجاح والمستقبل بعد التشرذم الذي عاناه اليمن طوال قرون مضت ، وارتقت باليمن وطناً وشعباً إلى سماء المعالي فكانت حدثاً إيجابياً عظيماً نال احترام واستعظام الجميع .وعندما تحدث المظالم هنا أو هناك في جنوب اليمن أو شماله أو شرقه أو غربه ، فإنه من السخف أن يتم تحميل الوحدة الوطنية مسؤولية هذه المظالم والمناداة بالانفصال ، ورفع الشعارات المناطقية والجهوية الضيقة ، فالخلاف مع النظام لا يعني خلافاً مع الوحدة ، والدستور والقانون قد كفل لكل مواطن حق انتخاب وترشيح من يراه الأفضل لحكم البلاد ، وكل مطالب حقوقية أو تظلمات ينبغي أن لا تقوم إلا تحت يافطة الوحدة ، التي هي أفضل انجاز في تاريخ العرب المعاصر .إن 22 مايو هو سيد الأيام الوطنية يوم توحد شطرا اليمن الواحد وارتفع علم الجمهورية اليمنية عالياً في سماء الوطن ، معلناً بذلك انتهاء عهد التشطير وقيام دولة الوحدة .. دولة الإنجازات والبناء والنجاح المتواصل وسوف يبقى كل اليمنيين يتذكرون هذا اليوم كلما مرّت ذكراه باعتزاز وفخر كونه يوم الحدث اليمني العظيم ؛ حدث الوحدة المباركة وستبقى الأجيال القادمة تسير على خطى أجدادهم في حماية الوحدة ومبادئها وفي الحفاظ على الوطن الذي يتسع للجميع .