أصبح من بديهيات الأمور القول أن كل يوم من حياة الشعب الفلسطيني ، هو بمثابة يوم الأرض ، وأن كان ليوم الثلاثين من آذار 1976م دلالاته الرمزية ، ففي ثلاثين آذار عام 1976م ، تصدت جماهير الشعب الفلسطيني في مدن وقرى الجليل والمثلث والنقب ، شاركتها جماهير غزة والضفة الغربية ، والمظاهرات ، والاعتصامات ، والتحركات الجماهيرية في مواجهة سياسة العدوان الرامية إلى مصادرة الأراضي ، وسرعان ما شارك كل فلسطيني الشتات أهلهم في داخل الوطن المحتل التحرك والاحتجاج . لقد جاءت الانتفاضة بعد أن أعلنت إسرائيل بداية عام 1975م مشروع تطوير الجليل في سياسة كانت ترمي من ورائها إلى تغيير الوضع الديمغرافي في المنطقة بعد أن تصادر الأراضي الفلسطينية وتبني عليها المستوطنات التي يسكنها اليهود ويصبحوا الأغلبية ، وتنقل الفلسطينيين إلى أماكن أخرى ، وإلى جانب المستوطنات كانت تسعى إلى إقامة ثماني قرى صناعية في منطقة الجليل ، ومن هنا جاء الرد الفلسطيني على هذا المخطط في 29 تموز 1975م ، بالرفض والاحتجاج على الإجراءات الصهيونية ، ثم بدأ التحرك في مدينة الناصرة ، حيث عقد في 18 تشرين الأول 1975م مؤتمر شعبي حاشد شكل أكبر تظاهرة شعبية لفلسطيني (48) تقرر فيه الإضراب العام والتظاهر أمام الكنيست ورفض المخطط الصهيوني ، ولكن السلطات الصهيونية وأصلت مخططها ، وفي السادس من آذار 1976م ، عقدت لجنة الجليل الوطنية للدفاع عن الأرض والتي كانت تتألف من (48) رئيس بلدية ومجلس محلي من جميع أنحاء الجليل ، عقدت اجتماعها للتباحث بالرد على السلطات الصهيونية ، وتم الاتفاق على إضراب عام في 30 آذار 1976م . وبعد اتخاذ هذا القرار بثلاثة أيام حصلت مظاهرات وسقط العشرات من الجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني ، ونفذ الفلسطينيون في الضفة الغربية عمليات فدائية ضد إسرائيل أسفرت عن تدمير دبابة إسرائيلية وثمانية مجنزرات وقتل (17) جندياً صهيونياً وجرح 36 آخرين ، وعلى أثر ذلك اعتقلت إسرائيل (105) من المواطنين ونسفت (12) منزلاً . وفي 21 آذار وافق المجلس المحلي بالناصرة على الانضمام إلى إضراب 30 آذار 1976 وفي 30 آذار كانت الجماهير قد وصلت إلى قمة الغليان وعمت الانتفاضات كل مكان ، وتمكنت الجماهير الفلسطينية من وقف المشروع الصهيوني وأجبرته على التراجع ، وقدمت ستة شهداء ومئات الجرحى والمعتقلين . لقد أكدت انتفاضة يوم الأرض على المعاني والدلالات التالية : 1- تحولت الانتفاضة من رفض لمصادرة الأراضي إلى مواجهة ضد كل سياسات العدو ورفضها . 2- جاءت الانتفاضة تتويج لسلسلة من الانتفاضات والهبات الجماهيرية داخل الوطن ، فكانت محطة متميزة .3- تميزت بتصديها لمصادرة الأراضي ، وإقامة المستوطنات مكانها . 4- أكدت على وحدة الشعب بالداخل والخارج ، وعدم قدرة إسرائيل على طمس الهوية الوطنية الفلسطينية .5- أخذت اسم الأرض (30) آذار يوم الانتفاضة للتأكيد على العلاقة بين الأرض والشعب .لقد أصبحت هذه المناسبة معممة على كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ، وأكدت على وحدة الشعب والهوية ، أكدت على المصير المشترك ، أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد لكل الشعب الفلسطيني .كم نحن أحوج وفي هذه الأيام للعودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بناء مؤسساتها ، وإعادة الاعتبار لها ، لأنها تمثل كل الشعب الفلسطيني في أراضي (48) وغزة والضفة الغربية والشتات ، وهذه مسؤولية كل الوطنيين من سلطة ورئاسة ، وتنظيمات ، وأحزاب وشخصيات وطنية .
أخبار متعلقة