إذا كانت أنظار العرب تتجه اليوم الى الرياض لمتابعة أعمال القمة العربية، فان ظروف انعقاد هذه القمة هي التي تجعل من هذه الوجهة مناسبة لتناول إعلامي واسع.ولا يخفى على أي مواطن عربي من المحيط الى الخليج بأن ظروف التشظي العربي ورثت مخاطر لا يمكن القول عنها من موروثات الصراع التقليدي العربي مع الآخر ـ ولاسيما الإسرائيلي ـ طوال أكثر من نصف قرن، وإنما هي من مستجدات المرحلة الحاضرة.ويتداول بين أروقة الاجتماعات التمهيدية لعقد مؤتمر القمة العربي وبالخصوص في اجتماعات وزراء الخارجية العرب ان الخطر أو أن تداعيات الاحداث تعيش هذه المرة بين ظهرانيننا، بعد ان تشظت عدد من مناطق الشرق الأوسط في دائرة الفوضى الخلاقة؟!.. وأصبحت نقاط توتر جديدة على مستويات عالية التوتر والتأثير على المنطقة العربية، بعد ان كان الصراع العربي ـ الإسرائيلي هو محور التأثير في صناعة القرار العربي الذي تطبخه القمم العربية.ولأن بؤر التوتر والصراع والاحتدام تعددت من غزة إلى بغداد ومقديشو وطهران وبيروت ودار فور، فإن هذه الملفات ساخنة بالتأكيد سواءً بسواء دون أي محاولة لابطاء الحديث عن واحدة دون أخرى.وإذا كان الاحتلال الأمريكي للعراق والتشظي الوطني العراقي عبر طوائفه، وتداعيات الشد والجذب في الملف النووي العراقي، وبؤرة دار فور بين محلية الاشكالية السياسية وعالمية المسؤولية الإنسانية، والقول نفسه الأوضاع في مقديشو وعلى التجاذب السياسي في لبنان ـ اذا كانت تلك البؤر المتوترة هي فوهات قاذفة لحمم السؤال السياسي على القمة العربية، فإنها تضاف الى الفوهة الكبرى القاذفة لحمم تداعيات الصراع العربي ـ الإسرائيلي وبشقه الفلسطيني في ظل تطورات سياسية يشهدها البيت الفلسطيني هي التي ستساهم في رفع رصيد تداول وترويج المبادرة العربية للسلام أو خفض سقفه في حال استمرار الانشقاق الفلسطيني.بالمختصر المفيد فان القمة العربية ـ كما استشف من حديث سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ ستضع أمامها ثلاث أجندات رئيسية هي:أولاً الأجندة السياسية، ثانياً الأجندة التنموية، وثالثاً أجندة الإصلاح.فالأجندة السياسية ستتناول تطورات الأوضاع المقلقة في كل من فلسطين والعراق ولبنان والصومال والسودان والملف النووي في المنطقة وبالأخير ترويج المبادرة العربية للسلام باعتبارها المرجعية العربية الموحدة لرؤية العرب حول السلام في المنطقة وللصراع العربي ـ الإسرائيلي.أما الأجندة التنموية فهو أمر استجد على أعمال مؤتمرات القمة وسيتناول موضوعات اقتصادية كالتجارة البينية العربية، والمناطق العربية الحرة، ومشروع متقدم حول الرؤية العربية لمعالجة موضوع التعليم، وبطالة الشباب الى جانب مقترح إقامة قمة عربية قادمة تخص بالجانب الاقتصادي.أما أجندة الإصلاح فهي تتعلق بالإصلاحات المجتمعية والمؤسسية ومنها إصلاح الجامعة العربية حيث ستتبنى القمة هذه المرة موضوعاً مثيراً للأهمية، وهو إنشاء مجلس السلم والأمن العربي، تكون مهمته فض النزاعات العربية ـ العربية، وإرسال قوات عربية الى مناطق عربية تحتاج إليها في أي لحظة.ان الشيء المثير للأهمية في القمة العربية التاسعة عشرة انه سيناقش الى جانب القضايا السياسية الآنية التي تشكل موضوعاً تقليدياً في تداوله على مستوى القمم العربية سيتجه اليوم الى مناقشة قضايا ذات بعد استراتيجي تتصل بالمواطن العربي، وهو أمر جديد في تاريخ اللقاءات العربية على مستوى القمة، لان قصر النظر على الموضوع السياسي الآني يبعدنا كثيراً عن طول النظر على المواضيع الاستراتيجية والحضارية التي تمس المواطن العربي اينما كان.فهل تخرج القمة بقرارات تمس الموضوعات الاستراتيجية والحضارية التي تهم المواطن العربي من خلال العبور الى الدولة القطرية عبر بوابة جامعة الدول العربية بالقدر نفسه الذي تعالج فيه القضايا السياسية التقليدية؟؟
أخبار متعلقة