ليست المراجعة تقهقراً في كل الأحوال بل هي محاولة للاستبصار حتى نستطيع وضع أقدامنا في المواقع التي نريد تصحيحها ونحن هنا نريد لفت انتباه الهيئة العامة للآثار إلى الآثار التي نراها تنهب من قبل العابثين بتاريخ حضارتنا اليمنية وكذلك الضرر الذي لحق بالمواقع الأثرية نتيجة البناء العشوائي في المناطق النائية وعدم التخطيط الحضري أثناء البناء المعماري وعدم فرض العقوبة الصارمة على كل من تسول له نفسه سرقة القطع الأثرية وتهريبها إلى الخارج.إن الاهتمام بالمواقع الأثرية وحماية القطع من النهب والسرقة هو الاهتمام بالماضي والحاضر مهما كان في مشابهته وفي مماثلته للماضي لن يكون صورة طبق الأصل له. إن الآثار وجدت هي تاريخ الأجداد الذين رسموا لنا في هذه القطع الأثرية عاداتهم وتقاليدهم قبل الإسلام وان القطع الأثرية من الأدوات المنزلية التي كان يستخدمها الإنسان القديم في اليمن والتي أتقن صنعها من الأدوات الحجرية المنمقة التي استعملها في حياته اليومية واتخذ من الحجر سلاحاً للدفاع عن نفسه وصنع الثياب من جلود الحيوانات المفترسة وان هذه القطع الأثرية والمومياوات تسرق من المدافن في المواقع الأثرية وتهرب إلى الخارج وتباع بالآلاف من الدولارات لدارسة حضارة وتاريخ اليمن بينما نحن لانهتم بآثارنا ولانهتم بدراسة هذه المومياوات التي تدل على حرص الإنسان اليمني القديم على دفن الموتى بعناية فائقة وفق شعائر وطقوس دقيقة وما ذلك إلا لمعتقداته الدينية ولاعتقاده بأن الإنسان لايفنى بالموت وإنما يبعث من جديد ويحيا حياة ثانية وهناك على سبيل المثال القطع الأثرية التي تسرق من مدافن مديرية جهران والتي تعود إلى العصور الحميرية وفي مديرية رضوان عاصمة اليمن في عهد المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم والتي تزخر بموروث حضاري وتاريخي عريق ففيها مسجد الحسن بن القاسم وآثار المدينة القديمة التي جاء عليها الزلزال الذي خرب المنطقة عام 1982.
وهناك العديد من القطع الأثرية في المواقع التي تم اكتشافها مؤخراً في الجوف منها ما تم ترميمه ليعرض في المتحف الوطني وقد بقيت العديد من التحف والقطع الأثرية التي لاتحصى تحت الرمال وهي في أمس الحاجة لإخراجها وترميمها. وفي مدينة شبام التاريخية نجد بعض المباني القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي مع أن المدينة قد تم تدميرها من قبل عدة قوى بعد ذلك إلا أنها كانت تعود إلى الانبعاث من جديد وقد سادها الاستقرار في القرن الثامن عشر ويمكن القول بان هذه البيوت تم تجديدها حسبما كانت عليه قديماً ومع ذلك فإن بعض السكان اخذ يميل إلى العصرية فأخذ يجدد على هواه لذلك فإننا نخشى على هذه المدينة التاريخية من أن تفقد طابعها التاريخي.
إننا ندعو إلى ضرورة حماية المدن التاريخية وحماية الآثار من النهب والسرقة وندعو وزارة الثقافة إلى دعم الباحثين والمختصين في مجال التاريخ والآثار مادياً ومعنوياً حتى يستطيع المختص مواصلة جهوده في البحث والتنقيب والمحافظة على الطابع التراثي للمدن التاريخية.
![](https://14october.com/uploads/content/0908/7SWPTV02-4NWNB6/mzeka.jpg)