لم يزل الاستعداد للقبول بالآخر في منظومتنا السياسية يكتنفه الغموض بل ويذهب بالمتابع إلى طريق مسدود ومليء بالاستفهام والجمل الغوغائية التي لايمكن الاقتراب من تفاصيلها وان حصل الاقتراب من جزئية منها يصاب المرء دون شك بالغثيان من هول المفارقات والاختلافات المصطنعة التي يجسدها بمهنية طرف المعادلة السياسية المتمثل بما يسمى باللقاء المشترك الذي تبرزه تفاصيل العملية الديمقراطية الحوارية الممتد زمنها إلى بداية العقد الأخير من القرن الماضي وتحديداَ مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة التي ارتبطت باختيار النهج الديمقراطي كإطار يحمل اليمن إلى آفاق رحبة من العمل الجاد العقلاني الذي يستجيب لمتطلبات النهوض الشامل بالأرض والإنسان. ولكننا وجدنا العملية الديمقراطية لم تزل عند بعض الأحزاب السياسية مجردة من المضامين الخلاقة والبناءة ،لأسباب الموروث الشمولي الذي ما فتئ يتربع على أجندة وأدوات هذه الأحزاب بهدف الوصول لغايتها دون التقيد بشروط المنهج الديمقراطي والثوابت الوطنية مما فاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في اليمن حتى وصل بنهاية عام 2009م حد الانسداد نتيجة لاختلال التوازن في العملية السياسية التي عٌمقت أكثر بعد حرب الانفصال 1994، حينما خرج بنتيجتها الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة ، وهو الشريك الفعلي مع المؤتمر الشعبي العام في تحقيق الوحدة التي أفضت عام 1990م إلى ذوبان الجمهوريتين الشطريتين في كيان دولة الوحدة. وأيضا رغم ان الجميع يعلم أن المشاركة السياسية في صنع القرار ركيزة أساسية من ركائز الأمن والاستقرار عبر مراحل التاريخ الطويل، وبها تتحقق التنمية الشاملة، ويعم الرخاء ويسود الرضا والقبول، ويستمد الحاكم قوته وشرعية حكمه من المشاركة السياسية الشعبية القادرة على تنفيذ الإرادة الكلية للشعب إلا أن الجانب المقاوم لذلك التوجه ألمطلبي لكافة فئات الشعب لم يزل غير مستوعب لمجمل تلك التوجهات والمتغيرات المؤسسة للمستقبل ورغم أن الاتفاق قبل الحوار بات ضرورة ملحة لتجاوز الصعاب ولا تستقيم الأمور إلا بممارسته بوعي وفي أٌطر حديثة بعيداَ عن عمليات الاحتواء وتهيئة الأرض لخلق الفتن وإذكاء الصراع ألحراكي السلبي المهدد لأمن وسلامة وطن 22مايو, إلا أن الأفق الوطني لا يلوح فيه على مايبدو مخرج للمأزق الذي وضعت نفسها فيه أحزاب اللقاء المشترك نتيجة لعنادها ,ومن ذلك يرى المحللون السياسيون أن تلك المبادرة التي قدمها المؤتمر الشعبي العام من خلال دعوة الأخ رئيس الجمهورية (الأخيرة) إلى الحوار تحت قبة مجلس الشورى لهي دليل قاطع على حرص الرئيس على المشاركة الفاعلة لتلك الأحزاب في تحديث وتطوير العملية الديمقراطية والنظام السياسي..فلا بد من إيجاد حراك توعوي مسئول وإشراك كافة القوى السياسية وفئات المجتمع في هذا الجانب لتبصير الناس بجوهر الحقائق، وعدم ترك الساحة نهبا للشائعات وترديد المقولات المغلوطة الرامية إلى النيل من الوحدة الوطنية أو التأثير على مستوى المشاركة السياسية تحت أي مسمى يقاوم التنوير والتحديث لاعتقادها أن الحداثة تضر بمصالحها. من هنا لابد من إيجاد حراك دعوي بأهمية حماية الوحدة الوطنية في أوساط الجماهير وتعميق مبدأ المشاركة السياسية الفاعلة حتى لا تتجه تلك الدعاوى إلى مآلها المتمصلحة بحياة شعب ومستقبل وطن.
الاتفاق قبل الحوار
أخبار متعلقة