أحمد عبدالله الشهاري :الأغنية التراثية بطبيعتها خصوصاً الدينية منها أو ذات المحتوى التوشيحي تكون مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالتصوف حيث لو تتبعنا كلمات الأغنية لوجدناها تحتوي على توسلات بالنبي وآله والصحابة من الأولياء والصالحين والدعاء والنصائح والمديح والتغني بجمال الطبيعة والغزل العفيف والوجدان وحب الأرض والزراعة وغيرها من الجوانب، وأحياناً قد نجد كلمات الاغنية التوشيحية تحتوي على التغزل في الذات وأدلل على ذلك بالمثال التالي:عندما نستمع إلى الأغنية التوشيحية «قف بالخضوع وناد ربك ياهو» وهي من كلمات الشيخ الصوفي عبدالرحيم البرعي وغناها الشيخ علي أبوبكر باشراحيل وغيره، ايضاً يوجد أنماط مختلفة من الأغاني التراثية ولكن معظمها تتفق في بدء الأغنية بذكر الله وانتهائها بذكر الله والصلاة على النبي والآل والصحابة والتابعين وذلك عندما نستمع إلى الموشحة الغنائية «الحمينية» ياجزيل العطا نسألك حسن الختام» «عظيم الشأن»، «يا من عليك التوكل والخلف»، «يا حي ياقيوم»، «يا مقيل العثار»، «يا رب اسألك بالجلالة وصاد»، وغيرها سواءً كانت حمينية من صنعاء أو كوكبان أو تهامة أو من أي مكان آخر وما لاحصر له من النماذج.ومن هذا المنطلق نستطيع إن نقول أن معظم هذه الأغاني التوشيحية والروحية والعاطفية التراثية تحتوي على كلمات تؤثر في السامع تأثيراً إيجابياً خصوصاً عندما تؤدى من فنانين اختلطت أرواحهم وعقولهم بالصفاء الروحي والفني النابع من بيئة أحمد ابن علوان والعيدروس والهاشمي وجابر رزق وأبي بكر أبن شهاب الدين الحضرمي الشافعي ومحمد أبن عقيل الحضرمي الشافي وعبدالرحيم البرعي التهامي وغيرهم من علماء وشعراء الصوفية الأجلاء عندئذ يكون تأثيرها أقوى من أنه لو غنيت بأصوات أخرى ولنا أمثلة كثيرة على ذلك:لو رجعنا مثلاً إلى الفن المصري الشرقي نجد أن معظم نوابغ الموسيقى والغناء الشرقي الكلاسيكي في عصرهم من تلاميذ مدرسة القرآن الكريم والتجويد وتلاوة السيرة النبوية والمدائح والأذكار والتراتيل الدينية بل لانبتعد عن الحقيقة أن قلنا نوابغ الفنون الغنائية والموسيقية العالمية هم ممن لهم ارتباط وثيق بالطقوس والشعائر الدينية وما فيها من أذكار وتراتيل قوية وصعبة تدرب وتعلم ن وتهذب الذوق الغنائي والموسيقي ومثالنا على نوابغ الفن الغنائي العربي في مصر الشيخ سيد درويش، شيخ امام سلامة حجازي، زكريا أحمد، علي محمود والشيخ درويش فجميع هؤلاء المشائخ وغيرهم كثر مروا على مدرسة القرآن الكريم التي تهذب مخارج الألفاظ وتكسب المرء التعامل مع الكلمة والذوق السليم في اختيارها ناهيك عما لتلك الاذكار الصعبة والترتيل المقامي الموسيقي الذي يكسب المغني خبرة في امتلاك ناصية الغناء والتعامل الصحيح والسليم مع مختلف النغمات هذا في غنائنا العربي ومغنينا المسلمين أما فيروز كمثال فهي أصدق نموذج على للدلالة على كلامنا فهي خريجة الكنيسة وما يتخللها من طقوس واذكار موسيقية بحته، ففي الكنيسة والتراتيل الكنسية أصول علم «الصولفيج» علم قراءة وكتابة النوتة الموسيقية وأما ما عدا الفن العربي الاسلامي والمسيحي فلن يكون عدم احاطتنا بالملل والنحل الاخرى وما فيها من طقوس وشعائر مخيفاً لنا للتردد في رأينا هذا، وهذا الكلام حسب ما يراه ويعرف عنه الفنان والأديب الأستاذ عبدالرحمن العمري .وأخيراً هذا النوع من الفنون لن تنسى ولن تمحى من الذاكرة مهما سيطرت تلك الفنون الحديثة على الساحة العالمية وسيبقى الفن الكلاسيكي الراقي هو السائد والمسيطر مهما طغت عليه تلك الفنون الحديثة الاخرى.
أخبار متعلقة