أفكار
وأخيرا عادت أنفاس وأصوات وأصداء وفعاليات ومؤثرات سوق عكاظ في مجال الثقافة العربية وعقد مهرجان سوق عكاظ في دورته الثانية في أغسطس2008 في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية. ومن تقاليد السوق أنها تمنح جائزة كبري لشاعر عربي لقاء قصيدته للمهرجان وأعماله الكاملة وجائزة ثانية لقصيدة تستوحي عملا من الفن التشكيلي.وفي الدورة الأولي في العام الماضي نال الجائزة الشاعر الثبيتي السعودي وفي الدورة الثانية التي تقدم إليها عدد كبير من الدول العربية فضلا عن شعراء المملكة نال الجائزة الكبري الشاعر المصري محمد التهامي وقد تبرع الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد للمهرجان بعشرين مليون ريال فقررت الأمانة العامة للمهرجان مضاعفة قيمة الجائزة.ويشاع أن ميلاد مهرجان سوق عكاظ لم يكن يسيرا بسبب تعنت البعض الذين يحاولون عبثا الخروج من عباءة الأمة العربية نهائيا ولكن وقف لهم الذين يتشبثون بجذورهم ويستفزون بالتقدم العالمي الذي ينفعهم ولا يزحزحهم عن جذورهم ولكن ينطلقون بذواتهم المتميزة بهمة وحماسة وشغف إلي الأجواء العالمية المتقدمة فيتأثرون بها ويؤثرون فيها بقدر المستطاع وبعد التي واللتين انتصر أنصار المهرجان, وجاء حافلا بالشعر العمودي الأصيل والأبحاث الناضجة والدراسات المثمرة والجوائز المشجعة.وكان المهرجان ناجحا ورائعا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني وكان من آيات هذا النجاح الذي رأيته وشاركت فيه وقاد زمامه سمو الأمير خالد الفيصل الذي فاجأ الجميع وهو الشاعر المتميز جدا في الشعر النبطي, بإعلانه أنه لا يسمح بأن تقال في المهرجان كلمة واحدة ليست باللغة العربية الفصحى مما أرغم البعض علي إعادة طبع وتصويب أعماله.والأمير بذلك يرسي قاعدة ذهبية في المسيرة الثقافية العربية المعاصرة في جميع الأقطار العربية وهذه القاعدة مؤداها أنه لا تعارض إطلاقا ولا مخاصمة ولا صدام بين اللهجات الدارجة وفنونها وبين العربية الفصحى فهما يسيران متوازنين متوازيين لكل هدفه, وميزة الفصحى أنها تربط بين الأقطار المتجاورة في المنطقة التي تتكلم اللغة العربية وهي تقود إلي تلاحم هذه الأقطار وبناء الكيان الكبير الذي يستطيع البقاء والصمود والفعالية وتحقيق مصالح الجميع ومغالبة التيارات التي تعصف بالصغار مهما تكن إمكاناتهم, وأن الكيان الواحد الذي يعطي الكيان الكبير ترتد إليه من المصالح أكثر مما أعطي أضعافا مضاعفة.فهل يا تري ينجح عطاء سوق عكاظ حتى يقوم في كل قطر عربي عكاظ يعيد للغة العربية الفصحى مكانتها ويعيد كيان العرب الكبير المؤثر في الثقافة والحضارة العالميتين؟[c1] صحيفة «الأهرام»المصرية[/c]