أمين عبدالله إبراهيمفي عالم اليوم الذي نعيشه، وعالم الغد ـ الذي يتحرك الشباب اليوم سريعاً نحوه ـ تواجه الإنسانية تحديات جساماً، لعل أخطرها ثورة المعلومات وتدفقها السريع، وما يصاحب ذلك من تفجر معرفي، وثورة في الاتصالات التي حولت العالم إلى قرية كونية، والتكنولوجيا المتقدمة التي صارت تتحكم في كل عمليات الخدمات والإنتاج، وجعلت التنافس العالمي للأقدر إمتلاكاً للتكنولوجيا المتقدمة، والأكثر جودة والأكثر إنتاجاً.هذه المتغيرات تفرض مسؤوليات متزايدة على النظام التعليمي في أي دولة، خصوصاً فيما يتعلق بأهمية تلبية الاحتياجات الأساسية للشباب ـ الذين يشكلون ثلثين إلى ثلاثة أرباع عدد سكان الوطن العربي ـ لمواجهة تحديات العصر الجديد، تفرض عليه (أي على النظام التعليمي) ـ بادئ ذي بدء ـ أن يوفر التعليم قبل الجامعي لجميع المواطنين في سن التعليم، أي منذ السادسة حتى الثامنة عشرة من العمر، وأن يقدم من خلال هذا التعليم العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، ويوفر للمتعلمين مهارات التعليم الذاتي من خلال الاتصال بمصادر المعرفة وشبكات المعلومات، ويعتبر هذا النوع من التعليم بمثابة التعليم الأساسي والإلزامي للجميع.هذا المبدأ لتطوير التعليم في سياق النهوض بواقع الشباب وتمكينه يعني مد فترة التعليم الأساسي الإلزامي لتضم التعليم الثانوي، يعني ايضاً دمج التعليم الثانوي الفني بالتعليم الثانوي العام، بحيث تهيىء الدراسة في هذه الحد من التعليم للدخول إلى مجال العمل. وهذا كله يعني استيعاب جميع الأطفال في التعليم العام حتى الثانوية العامة، مع توفير نوعية متقدمة من هذا التعليم، ويستتبع ذلك أن مرحلة ما التعليم الثانوي ستشمل العديد من مؤسسات التعليم والتدريب المختلفة من حيث مدة الدراسة ونوعيتها، وبحيث تستجيب لمتطلبات سوق العمل المتغيرة والمتطورة دوماً في ظل فلسفة التعليم والتدريب المستمر مدى الحياة، وفي ظل فلسفة التعليم الذاتي، وفي ظل استخدام تكنولوجيا التعليم المتطورة، مصادر المعرفة المتقدمة، وشبكات المعلومات المتنامية.إن الشباب في حاجة ماسة إلى إتاحة فرص التعليم أمامهم إلى أطول فترة ممكنة من السنوات بعد التعليم الابتدائي والمتوسط، ولم يعد من المقبول للدول العربية تكوين النشء والشباب ـ في هذا العصر ـ ليتحمل أعباء المستقبل بتعليم ينتهي بالنسبة لمعظمهم عند المرحلة المتوسطة (الإعدادية) باعتبارها نهاية التعليم الأساسي، وهي الحد الأدنى من التعليم الذي وفرته دول العالم لأبنائها من قبل، في فترة لم يكن فيها التقدم العلمي والتكنولوجي قد بلغ هذا المدى.ولقد أصبح من الضروري للبلاد العربية ـ حتى تتمكن من بناء نفسها وتمكين شبابها في هذه المرحلة الكونية الصعبة والقلقة ـ أن تحقق إلزامية المرحلة الثانوية، وأن تتيح مزيداً من فرص التعليم الجامعي الذي لا يزيد معدل القيد فيه من الفئة العمرية (18 ـ 23 سنة) على 13 % كمتوسط في الأقطار العربية. هذا مع العلم بأن متوسط نسبة الحاصلين على التعليم الجامعي من مجموع السكان لا يتجاوز 6 %.
الشباب وأهمية تطوير التعليم
أخبار متعلقة