سينمائيات
القاهرة / متابعات : يصور فيلم «كباريه» لسامح عبد العزيز الذي بدأ عرضه قبل يومين حالة كوميدية لازدواجية الشخصية المصرية بين الدنيوي والديني، وان اعتبر النقاد ان استناده الى أفكار تقليدية افقده فرصة ان يكون احد الأفلام الإبداعية الكبيرة. يصور الفيلم «الكباريه» كبطل مطلق تظهر بين جدرانه شخصيات العمل الفني حيث يؤدي عدد كبير من نجوم الصف الثاني في السينما المصرية بطولة جماعية. وهذه ايجابية تحسب لمصلحة الفيلم اذ ان السيناريو الذي الفه احمد عبد الله خضع للفكرة وليس لسطوة النجم. يجمع الشخصيات التي يأتي معظمها من أماكن شعبية فقيرة العمل في الكباريه الذي يحكمه صاحبه الفنان صلاح عبد الله بيد من حديد ولا يراعي أحدا سوى مصلحته الخاصة وتحقيق اكبر قدر من الأرباح. وهذه الشخصية المطلقة تمثل الشكل الأكثر تضخما في خلق التعارض بين الديني والدنيوي. ففي الوقت الذي تسكب فيها كل أنواع الخمور في كؤوس زبائنه وتدور حولهم النساء العاريات، يستمع هو في مكتبه لاغان صوفية ويشرب العصير ولا يقارب الخمر او امرأة ويقوم بأداء العمرة سنويا الى جانب التزامه أداء الصلاة وغيرها من الشعائر الدينية. من جانبها، تقوم المرأة الأكثر فسقا بين العاملات في الكباريه الفنانة السورية جمانة مراد بجمع الأموال كي تمكن والدتها من أداء فريضة الحج فيما يقوم المشرف على العمال بالتوقف عن العمل ساعة الفجر لأداء الصلاة. ويقابل هذه الحالة وجود تنظيم ارهابي يسعى الى تفجير الكباريه كونه بؤرة فسق وفجور، فيرشح احد أعضائه للقيام بعملية انتحارية. واعتبر الناقد السينمائي طارق الشناوي ان «هذا الفيلم أفضل ما قام كاتب السيناريو احمد عبد الله بتقديمه للسينما المصرية»، متمنيا «لو خرج من الطريقة التقليدية في تقديم أفكاره وفرض حلول ساذجة عن مفهوم العلاقة بين الإنسان وربه». وقال «الفيلم كان فرصة لتقديم شيء له قيمة ولكن الأفكار التقليدية عن التعارض بين الدين بالدنيا أفقدته الكثير. وكان يمكن ان يصل الى ذروة إبداعية لو لم يدع الدين والله في مواجهة الدنيا وحياتها المليئة بمختلف الإيقاعات بما في ذلك اللذة». وأشار الشناوي الى ان «فكرة التعارض هذه تشكل خطورة فكرية في الفيلم، لأنه يقدم رؤية ساذجة ان غضب ربنا يحل على الإنسان الذي يسكر ولو لجأ للإيمان لنجا من غضبه». ورأى الناقد السينمائي نادر عدلي ان الفيلم «جيد جدا واثار مسألة شائكة لها علاقة بازدواجية الإنسان المصري في علاقته بالدين. فمعظم الشعب المصري من المتدينين وفي الوقت نفسه يعيشون الحياة كما هي، بحيث تناقض الكثير من مسلكياتهم تدينهم. فجاء هذا الفيلم ليقدم بطريقة كوميدية هذا التناقض وهذه الازدواجية». لكنه لاحظ ان المخرج «لم يذهب الى عمق الحالة التي يصورها، خصوصا ظاهرة الإرهاب المسؤولة عن تدمير الكباريه وقتل اكثر من 120 انسانا». ورغم فشل الانتحاري في تفجير نفسه نتيجة عطل في جهاز التفجير، فانه يعمل خلال فترة انتظاره على اقناع العامل في الكباريه احمد بدير بترك العمل في هذه البؤرة الفاسدة بطريقة ساذجة. او كما يقول عنها الناقد عادل عباس «طريقة هروبية من جانب المؤلف لعدم الغوص في العمق، والاكتفاء بان من يرضى بواقعه يمكنه ان ينجو من خلال مناقشة قضية الحلال والحرام من دون النظر الى الواقع البائس، وخصوصا الواقع الذي تعيشه الطبقات الفقيرة في المجتمع والذي يدفعها الى اي عمل للاستمرار في الحياة». وانتقد عباس تطويل فقرة الغناء في الكباريه «لاظهار المنافسة بين الفنان خالد الصاوي المطرب المشهور والمطرب الناشئ ادورد، وتصوير الثرية العربية وهي تقف وراء شهرة الصاوي ووقوفها في نهاية الفيلم قبل تفجير المكان الى جانب ادورد». الا ان الجميع يتفقون على ان الفيلم حقق انجازين مهمين، أولهما كما يقول الشناوي انه «سيحقق أرباحا كبيرة لأنه مصنوع بطريقة تجارية جيدة الى جانب تحقيقه بطولة جماعية، اذ قام كل ممثل بدوره باحتراف جيد». والانجاز الثاني على قول الجميع ان «الفيلم سيثير حوارا حول ازدواجية الشخصية الدينية والدنيوية وقد يثير بعض الإسلاميين عليه» كما يؤكد عدلي.