لعل المتابعين لمقالاتي في هذا العمود قد لا حظوا أن ثمة خيطا يربط بين بعض القضايا التي كنت أناقشها في مجملها والتي تتمحور حول الانسان وما يتعلق به وبحياته وأمنه واستقراره. ولأن المرأة يقع على عاتقها الدور الاكبرلانها ليست نصف المجتمع كما يقال بل هي الجزء الاكبرلانها الام والزوجة والاخت من حيث الرعاية والاهتمام وادارة أمور بيتها والمحافظة عليه من هزات الضعف الانساني الذي قد يعتريه في مرحلة ما أو مراحل قادمة ، وهي العاملة صاحبة دور فاعل اجتماعيا الى جانب الرجل ، فقد أثرت طرح هذه القضية المهمة جدا خاصة في حياة الازواج .نعلم جيدا تعدد القضايا المرفوعة الى القضاء نتيجة العنف ضد المرأة ونسمع كثيرا اصواتاً نسائية تنادي بمناهضة العنف ضد المرأة ، وهذا ظلم واضح تعاني المرأة منه كثيرا بحكم العادات والتقاليد والتمييز في القوانين ضدها .ربما يكون العنف ضد المرأة مألوفا وواقعا معاشا في كل دول العالم ، وغالبا ما تكون المرأة هي الضحية الاولى في مثل هكذا قضايا على اعتبار أن الرجل مركز القوة وانه هو الغالب وقائد البيت خاصة هنا في الشرق ، لكن هل تبادر للأذهان مسألة العنف ضد الرجل من قبل المرأة ،فهذا يشتكي من زوجته التي تمارس ضده عنفاً لغوياً ، وذاك يقول أن زوجته أعتدت عليه بالضرب ، كما نسمع أكثر من قصة عن امرأة قامت بقتل زوجها ، وبين هذه القصة وتلك يكون الرجل هو الضحية .اذا هناك عنف متبادل بين الرجل والمرأة سواء كان على مستوى العلاقات الزوجية أو أحيانا على المستوى الاجتماعي حين نسمع أو نرى احداهن قامت بضرب احدهم بحذائها و ترفع يدها وتصفعه لتعديه عليها أو تصرخ في وجهه .. ولما كان العنف سلوكا اجتماعيا سيئا ، ً ولغة تعبر عن انفعالات الغضب والكره والحقد المتراكم في اعماق النفس ، فقد أصبح ظاهرة تفشت كثيرا في المجتمعات مع تفاوت نسبها من دولة الى اخرى وباختلاف أشكالها وتعدد مظاهرها ، وفي هذا السياق برزت قضية عنف المرأة ضد الرجل !! قد لا يعجب كلامي البعض وقد لا يستسيغونه ، لكنها حقيقة موجودة وكلنا نعرفها وربما مر بها البعض أو الغالبية نتيجة للظروف الراهنة التي يعيشها الانسان في كل بقعة من بقاع العالم.ولهذا أرتأيت أنه من الاهمية بمكان في هذا الموضوع الاستدلال بتقاريرودراسات تثبت أن ظاهرة العنف ضد الرجال أصبحت واقعا معلنا لا يمكن تجاهله أو التستر عليه .أقول ذلك بعد أن قرأت على شبكة الانترنت تقريرا يفيد بأن قسم الاستماع والفحص الطبي بمركز الطب الشرعي بمدينة الرباط بالمغرب ضبط 200حالة عنف متبادل بين الازواج سنويا من بينها عشرات الحالات لأزواج ضربوا على أيدي زوجاتهم .وفي السياق ذاته أوضح أحد التقارير الصادرة عن دراسة قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر عام 2003م أن 23% من النساء يؤذين أزواجهن بالضرب ، فيما تذكر دراسة أخرى أن الرجال الامريكيين يتعرضون للضرب والاعتداء الجسدي من قبل زوجاتهم الامريكيات لدرجة احداث الجروح وفق صحيفة البيان الإماراتية . دعونا نذهب الى برلين العاصمة الالمانية لنرى العجب العجاب، ففيها تأسس أو ل ملجأ في البلد لايواء الرجال الذين يتعرضون للضرب المبرح والتعذيب على أيدي زوجاتهم حيث يضمن هذا الملجأ ــ الذي تم تمويله من جمعيات اجتماعية وخيرية ومنظمات انسانية غير حكومية ــ لضحايا الزوجات الرعاية النفسية والاجتماعية واعادة التأهيل الاجتماعي بعد المشاعر السلبية التي حلت بهم على أيدي زوجاتهم . واللافت للنظر ان مرشد الملجأ يقول عن الرجال الذين يؤويهم الملجأ أنهم تعرضوا لضرب مبرح من زوجاتهم بدءا بصفع الوجه و مرورا باشهار الادوات الحادة عليهم ثم توجيه الركلات الى مواضع مختلفة من أجسادهم .أجزم بأن هذه ليست سوى النسب المعلن عنها فهناك حالات تكتم من الازواج لا يتم الاعلان عنها نتيجة منطق الرجل خاصة الشرقي وبحكم العادات والتقاليد والاعراف وخوفهم من التعرض للسخرية حيث يرفض الرجل الاعتراف بأن زوجته عنفته أو أنه ضرب من قبل امرأة وأن مصدر جراحه الغائرة أو الكدمات التي تلون جسده سببها امرأة فيختلف الاعذارلتبريركل هذا بالقول أنه وقع من على السلم أو تعرض للشجار وغيرها من الاعذار، ومن الملاحظ أن بلداننا العربية مهملة في الدراسات التي ترصد عنف المرأة ضد الرجل الذي يبدأ بالسب والاهانة والقذف بكلمات جارحة وينتهي بالقتل أحيانا .الثابت أن هناك أسباباً لكراهية وحقد وعنف الزوجات لأزواجهن كالخيانة المتكررة ، والبخل عليهن ماديا ومعنويا من ناحية الحب والحنان والضرب والاهانة المستمرة . فالمرأة شفافة النفس رقيقة المشاعر فان خدشت مشاعرها وأهينت كرامتها تكظم غيظها في قلبها الى أن تنفجر وتستفرغ غضبها وحقدها بسلوك عنيف يختلف باختلاف اشتداد هذه الاسباب أو حدتها .ويجب أن لا نلقي اللوم كله على شماعة الرجل فهناك التربية السلوكية الاساسية في المنزل التي تنعكس على المرأة في بيت زوجها والعكس . ومن بين الحالات المرصودة وما أكثرها وتعدد أشكالها أن تحبس المرأة زوجها العليل في البيت لمدة 8 أيام بعد ان أعطاها كل ما يملك لتنقله الى مستشفى فخرجت وتركت زوجها في البيت وأغلقت الابواب و النوافذ ، ولولا تدخل الجيران ونقله الى المستشفى لهلك من الجوع والعطش .وهناك وسائل حديثة لعنف النساء ضد الرجال خاصة المرأة العربية وهي السحروهجره في المضجع ، فتتخذ الزوجات من هجر أزواجهن سلاحا جديدا ضدهم ، بحسب تقرير نشر في مجلة «سيدتي» اللندنية في العدد رقم 1211 الصادر بتاريخ 28مايو 2006 تناول ملفا عن هجر الزوجات للفراش باعتباره سلاحا ضد أزواجهن وشملت التغطية ثلاث بلدان عربية هي اليمن والامارات ومصر. يجب عدم تجاهل حقيقة أن المرأة بحكم العلاقات غير المتكافئة بينها وبين الرجل بالاضافة الى تراكمات عادات المجتمع الذكوري التي تجعل من الرجل الآمر الناهي لانه هو المسؤول عن البيت وعنها ، فهو الذي يصرف عليها ويعيلها ، فلما أنسلخت المرأة وواكبت التغييرات ودخلت ميدان العمل سعت الى السيطرة على مركز القوة في البيت والعمل بحكم أنها قادرة على قيادة وإعالة نفسها وربما أسرتها حيث يترتب على ذلك أن تكون العاطفة هنا في الغالب على مركز القوة فتنفعل كما تشاء وتضرب كما تشاء .مسكين الرجل ويالسخرية الاقدار التي ساقته الى ميدان المعركة مع المرأة بعد أن أعتاد المعارك مع الرجال ، فليس أقسى على الرجل من كلمات جارحة تنطلق من زوجته وتؤذيه وكلما أستمرت المرأة في إيذاء زوجها ، ضعفت الرابطة الزوجية لذا كان لزاما على المرأة أن تعي أن تراهن على أساليب أخرى غير العنف لتقويم أي ضعف أو اعوجاج في الحياة الزوجيةمثل التفاهم والاحترام والنقاش أحيانا والتوكل على الله وقوة الايمان . وعلى الرجل أيضا أن يعي جيدا أن المرأة كائن رقيق ذو مشاعر حساسة ، كما أنها تركن دائما الى الاستقراروتحتاج الى الحب والعطف والحنان من الرجل فلست أظن أن امرأة ما تؤدي رجلا هكذا الا لاسباب قاهرة .هناك وقفة أخرى لنرى بعضا من أشكال العنف ضد المرأة ولنعرف ونفهم ماهية اشكالية العنف المتبادل بين الازواج وبين الرجل والمرأة بشكل عام ، لما كان من الاهمية بمكان أن نعي أن الرجل والمرأة هما طرفا النوع الانساني وأن العنف المتبادل بينهما يسبب عدم استقراروتفككا أسريا و اجتماعيا ، وكل ذلك ينعكس بصورة سلبيةعلى حياة الانسان نفسه قبل المجتمع .
أخبار متعلقة