مخطئ من يظن أن الإبداع الثقافي ( الأدبي و الفني ) بأنواعه المختلفة الشعر والقصة والرواية والنقد والنثر الفني والبحوث والدراسات الفكرية والأغنية واللوحة والمسرح وغيرها ، قد ضعف تأثيرها في واقع حياة الناس راهناً، خاصة إن تأكيد البعض لضعف تأثير المنتج الثقافي في المجتمع المعاصر أصبح يتعالى بنبرته ، بحجة إن الثقافة البديلة التي أصبح يضخها الإعلام عبر أقنيته المختلفة قد سرق وقت الناس وما عادوا يكترثون كثيراً للمنتج الثقافي الذي يأتي عبر الكتاب أو الكاسيت أو غيرها من الوسائط القديمة . و يستدلون على ذلك بانصراف أغلبية الجيل الناشئ عن القراءة ، واللجوء إلى التثقف بالثقافة السطحية التي تأتي عبر الإعلام المرئي غالباً أو الانترنت.ولعل الخطأ الذي يقع فيه البعض في مثل هذا الحكم يكمن في التعميم الذي ينطوي عليه رأيهم في المشكلة ، والتجاهل إن اقنية الاتصال بقدر ما تبث الثقافة المسطحة والجاهزة فهي تبث أيضاً الثقافة المبدعة و قد يجد النشئ ان وصولهم إلى الإبداع الأصيل بأنواعه عبر هذه الأقنية أسهل من الوصول إلى الكتاب ، وبالتالي يستعيضون عن القراءة من الكتاب مباشرة عبر القراءة للكتاب الالكتروني ، ويتواصلون مع المبدعين عبر نتاجاتهم المنشورة على مواقع الانترنت ، وبالتالي إذا كانت هناك ثمة مشكلة فتعود إلى عدم نشرالنتاج الثقافي عبر هذه الوسائط والاقنية ، ما يستدعى إن يعمل المبدعون على التعاطي مع هذه الوسائط الحديثة ونشر نتاجاتهم عبرها على إن ذلك لا ينتقص بأي حال من الكتاب أو الوسائط القديمة فهي لا زالت ضرورية ويتعاطى معها الكثير من الدارسين في المدارس والجامعات ، وكذا المنتمين في مجالات البحث العلمي في المجال الثقافي الأدبي والفني حيث لا غنى لهم عن الكتاب وعن كل الوسائط القديمة للعثور على مادة بحوثهم كمراجع ومصادر لا غنى عنها .وإذا كانت هناك مشكلة في رأيي تعيق تواصل النشىء مع الكتاب فأن مرجعها غالباً يعود إلى غلاء سعره ورفع الدعم عنه في كثير من البلدان ، و الحال إن الحكومات لو قامت بدعم الكتاب و يسرت الوصول إليه فانه سوف يستعيد الصدارة ليكون الوسيط الثقافي الأول وستتراجع الوسائط التي احتلت الصدارة بدلاً عنه إلى مراتب ثانية و ثالثة ... الخ ، وبالتالي يظل تأثير المنتج الثقافي على حياة الناس قائماً في كل الأحوال ، بل إن ضرورته تزداد إلحاحاً مع كل طفرة تقدم في المعرفة .
|
ثقافة
اقواس
أخبار متعلقة