بعد ان ظننا جميعا ان الربيع الافريقي لن ينثر وروده السمراء فوق سموات المانيا، وان الحلم الافريقي الكروي قد تبخر في اجواء اوروبا الباردة جاء مايكل ايسيان ورفاقه ليقدمون لنا ربيعا بمواصفات افريقية وملامح برازيلية، بهدفين نظيفين تعالت اصوات الافارقة في سماء ملعب كولون "لسه الاماني ممكنة" وذلك بعد ان كاد اليأس يتسرب الى نفوس محبي الكرة السمراء من ضعف عروضها خلال هذا المونديال او بالاحرى ضعف نتائجها.هدفان كاملان هما اول البشائر الغانية في كاس العالم ومعهما ضربة جزاء مهدرة وعشرات من الفرص الضائعة السهلة الى درجة اجبار المشجعين على شد شعورهم مع ضياع كل منها وكانت هذه الفرص بتحويل المباراة الى فضيحة لا يستطيع التشيك المنتشون عالميا ان ينسوها ما بقي من حياتهم وربما تمتد الى اجيال عديدة مقبلة.منذ بداية اللقاء لم يتأخر الغانيون في الدخول الى اجوائه حيث شهدت المباراة تسديدة من خطّ منطقة الجزاء من المهاجم أسامواه سكنت شباك الحارس تشيك. وفي الدقائق التالية لم يكتف المنتخب الغاني بالتمترس لتفادي الاندفاع التشيكي وانما واصل حملاته الهجومية بقيادة ايسيان واسامواه المتألقين في محاولة للوصول مجددا إلى المرمى المقابل.وعلى غير المتوقع نجح لاعبو غانا القادمين الى اول مناسبة عالمية لهم في محو أي شكل او وجود للتشيك بقيادة نيدفيد داخل الملعب وهم الذي ابهروا العالم قبل ايام قليلة بعدما دكوا حصون المنتخب الأمريكي بثلاثة أهداف دون مقابل في الوقت الذي خسر فيه المنتخب الغاني من إيطاليا بهدفين دون مقابل.
وكان أداء الغانيين قويا في الشوط الأول حيث تميّز بالقوة والثبات في الدفاع وبالتركيز في الهجوم وهو ما كان وراء انفرادين من أمواه كاد يضاعف فيهما النتيجة في الدقيقتين 30 و33.وبعدها بست دقائق، سدّد أسامواه مرة ثانية كرة خطيرة مرت محاذية تماما لمرمى الحارس تشيك الذي ظلّ واقفا يتابعها دون أي ردّ فعل.بداية الشوط الثاني لم تختلف كثيرا عن الاول وبينما توقع الكثيرون عودة قوية للتشيك واصل الغانيون الذين كانوا في برج سعدهم سيطرتهم على المباراة بل اتجه لعبهم الى الاستعراض وأهدروا عدة فرص حقيقية للتسجيل عن طريق أسييين وأسامواه.اما نيدفيد فاكتفى بمشاهدة هجمات فريقه الذي حرم من عملاقه كولر وهي تتكسر على ضخرتي الدفاع الغانيين في غياب كوفور عن التشكيلة الاساسية عقب ادائه المتواضع امام ايطاليا.وفي الدقيقة الخامسة والستين، وصلت الكرة إلى أسامواه خلف مدافعي التشيكي فاستلم الكرة وعدل نفسه لكنه قبل ان يسدد عرقله أويفالوسي فطرده الحكم وأعلن عن ركلة جزاء تصدى لها أسامواه نفسه الا ان كرته ارتطمت بالقائم وضاع الهدف الثاني.
ومرة ثالثة وعلى غير المتوقع لم يفت ضياع الهدف في عزيمة الغانيين او يزيد حماس التشيك للعودة الى اللقاء الذين بقوا خارجه تماما طوال هذا الشوط، واستمرت الحملات الغانية بلا هوادة وتألق الحارس تشيك الذي أثبت فعلا أنه أفضل حارس مرمى في العالم في الوقت الحالي بعدما صدّ ما لا يقلّ عن خمسة أهداف بدت محققة للفريق الأفريقي الذي خانه الحظّ.لكن تألق تشيك الحارس وليس الفريق كان له حد اذ مع مطلع الدقيقة الثالثة والثمانين تحقق ما انتظره الجمهور المحتشد والمنتشي لأداء منتخب برازيل أفريقيا، ومن هجمة منسقة استعراضية برازيلية خالصة، سجّل مونتاري بقوة في شباك تشيك مضيفا الهدف الثاني.وفي الدقائق الاخيرة زادت خطورة الغانيين وكادوا يضيفون اكثر من هدف لولا وقوعهم المتكرر في مصيدة التسلل التي نصبها التشيكيون ليضعوا حدا للمهزلة التي ابكت مشاهديهم بمن فيه ذلك الطفل الصغير الذي ظهر على شاشة التلفاز ليفطر قلوب جميع المشاهدين على دموعه وعلى تاريخ الكرة التشيكي العريق الذي اريق على نجيل ملعب كولون.