قراءة ودية
مختار مقطري نبتة عدنية يعشق الحرف ويكتنزه كثروة وهو رأسماله في الحياة الواسعة ... تمكن من كتابة القصة القصيرة فأبدع فيها وتألق وترك لنفسه بصمة واضحة في القصة القصيرة إضافة للرعيل الذي سبقه بهذا المجال وكذا الجيل القادم من عشاق هكذا كتابات، ولم يهدأ له بال حتى كان فارساً في النص المسرحي وقدم أعمالاًً حققت ماكان يصبو اليه في هذا المجال، ولإ حساسه المرهف كان للأغنية نصيب حيث شدت مجموعة من الأصوات بما فاضت بها قريحته، ثم لا ننسى مشاغباته الإعلامية من خلال الصحافة فكان له تواجد جميل هذا الثقل الجميل في معترك الإبداع حيث انتفض واثقاً وأصر على كتابة القصة الطويلة (الرواية ) ليتابع خطه من سبقه من أدبائنا الكبار والذين كتبوا الرواية التي لأقت رواجا واسعاً وانتظمت بعز وافتخار في المكتبات والأسواق ولكن ( مختار ) قد جذب العوم في بحار الأدب كانت هذه التجربة في روايته الموسومة بـ( الحرام في الجنة).. لم يتبع مختار الأسلوب التقليدي في الرواية ولم يكن قد تأثر بالكتاب اليمنيين او العرب بهكذا مجال .. وأستخدم الخيال الواسع ليرسم الواقع أو يعتمد على قصص واقعية سردت له خلال حياته (صغيرا/ شاباً - وفي سن البلوغ ) فهكذا كانت عدن وضواحيها ضواحي المدينة دون تدخل السلطات واستطاع من خلال السرد الشفاف أن يستفيد في إسقاطات الوضع بمختاف قضاياه اثناء الاحتلال وبعد الأستقلال وحتى قيام الوحدة اليمنية وطان الكبت السياسي وألإجتماعي بل والجنس محور لذلك الواقع مع التمسك لرفض هذا الكبت ورفض الواقع نفسه وبعض تلك الأسقاطات قد أعتمدت في الرواية كتوثيق لتاريخ (سييء /جيد) ليست من المهام المناط بها الرواي.. ولكنه وللامانة نقل الواقع بشفافية تجاوزت المسموح به في الأعمال الأدبية . وانتقد كل فصائل المجتمع ( رجل الدين / المناضل / التاجر / وحالة القلق والخوف من الأنظمة التي تعاقبت على البلاد ... تحدث عن ( الثأر ) وآثاره السلبية في المجتمع وأوضح كيفية أن البعض يستخدم الدين والإسلام علناً أمام الناس وفي الخفاء له تصرفاته الشخصية التي تتناقض مع ما يطرح من كلام.. رمز النظام الإشتراكي بـ ( البدلة السفاري ) وكنت أتمنى ايضاً ان يرمز برموز ببعض الألفاظ النابية التي وردت في الرواية وكان عليه أن يعلن صراحة للنظام الاشتراكي فهو ليس عيباً ولكنه تجربة مرت بها بلادنا وأشار إلى الشرفاء من أبناء الوطن الذين عانوا وتكبدوا التعاسة من خلال الأنظمة المتعاقبة على الوطن .. وعن الحروب المختلفة التي عانى منها الوطن والمواطن .. ولكنه كان بخيلاً في طرحها كموضوع وقضية وقلل في المقابل من الشبق الجنسي حتى تكون الرواية سردية وثائقية يستفيد منها القارىء ويتعلم منها الشاب والمثقف ويتعرف عليها القارىء العربي ولا أنسى أن الرواية أوردت عبارات راقية وجميلة كان موفقاً في اختيارها .. مثلما يقول أصابنا الكدر وامتلأت قلوبنا بالكآبة فلذنا بالصمت ) تعبير رائع عن حالة الناس في التناقضات التي مرت عليها من خلال المراهقات السياسية التي عاثت فسادا في الشعب وقوته ومصالحه .. وكان أكثر روعة عندما وصف الشارع والمارة ( كان المطر رذاذاً تعكسه مصابيح السيارات كخيوط حريرية يحركها هواء شاعري رقيق.. لم أجد في وجوه المارة وعيونهم شيئاً جديداً ) وحول الحروب كان جميلاً في تساؤلاته ( ماالذي يحدث؟ وما الذي فعلته بنا الحرب الأخيرة؟ وما الذي انكسرفينا؟ وما الذي لم ينكسر؟) لماذا لم نعد نضحك من قلوبنا ؟ وصارت أحاديثنا بلا معنى وصمتنا بلا معنى؟ لماذا لم نعد نشعر بالأمان... فمن يأتي هذا الخوف الذي يقمع قلوبنا ) ترجمة صادقة لحال المواطن المغلوب على أمره حتى يتحمل هذا البؤس والشقاء في حرب لم يخترها ولم يدخلها ولم يكن له موقف منها واعجبتني عبارة:(أنا خائف اليوم .. منذ يومين ..منذ عشرة أيام.. منذشهر .. منذ عام.. لا أذكر جيداً أن الخوف في نفسي صار ثقيلاً فجأة ) ثم أبرز بعض القضايا الجديدة على مجتمعنا مثل شراء المنازل من السكان الأصليين والتي وصلت حتى إلى أقرب الناس وكان جريئاً في طرحه عندما قال ( نتساوى نحن والملوك ليس فقط في الموت ولكن فوق المرحاض وسرير النوم ) ولكني استغربت كيف ابنة البطل نشوى ( الهبلة المعاقة ) كانت في نهاية الرواية حلوة جميلة رائعة في ثوب الزفاف .. ماعلينا ربما من منطلق المثل ( القرد بعين أمة غزال ) الحقيقة الرواية تتداخل بين تواريخ متباعدة بشكل غير مسلسل وكان يمكن أن يتصرف بها كذكريات لأنه يقفز بين الأحداث بطريقة غير منطقية .. ثم انصحه بالأبتعاد عن الوصف الدقيق لمحتويات المكان ولون ( الدرع) والنقشة.. وعليه أن ينتبه إلى حالة الشبق الجنسي (الأوفر) فالبطل شاذ (أغتصب مرتين) والأم غانية وزوجته لم تسلم من الرذيلة بل وكان البطل (فحلاً ) بطريقة مبالغ فيها حيثضاجع كل نساء الحارة (حتى العواجيز) وكأننا في بلد أباحي مع العلم أنه رغم الفقر لم تكن ظاهرة ( ممارسة البغاء ) في بلادنا بهذا الشكل المزعج وإن لم ننكره ( ومرده الفقر أيام الحكم البريطاني ) وبعد خروجه تلاشت هذه الظاهرة واستغرب إصرار المؤلف علىبقاء هذه الحالة الشاذة حتى اليوم .. تكررت عبارة ( العمارة الجديدة لعبد المولى طوال الرواية والمفروض ان العمارات تزداد عنده منطقياً وفق النهب والبسط حتى يفضح هذه الحالة الجديدة في مجتمعنا ولكنه بتكرار (عمارته الجديدة) بأنهم أناس أبرياء وعندهم قناعة والعكس صحيح ثم لماذا البطل كل أحلامه جنسية مع أنه أكمل دراسته الثانوية وقام بتأدية الخدمة العسكرية .. محال ان لا تكون عنده أحلام إيجابية على الأقل ليلغي الماضي التعيس الذي عاشه وحتى يكون للرواية طعم ومذاق وهدف لخلق إنسان مكتمل عانى ما عانى .. حتى زواج إبنة البطل كان حلماً جميلاً .. عموماً الإجتهاد رائع وليس جديداً على مختار مقطري الذي يمتلك كل أدوات الإبداع .. وعند مانضع رأينا لايعني التقليل ولكننا نشتاق أكثر لنرى العمل بأبهى صوره تحية خاصة له وأتمنى له التوفيق .. رواية رائعة لاتصلح للنشر .[c1]همسة:[/c] صحيح الناس تتخاصم وذا لازم ضروري يصير لأن الحب مش ممكن يعيش على طول بلا تغيير.