عمرعبدربه السبعدرست الأديبة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي الأدبين العربي والانجليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت وحصلت على الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن.فانخرطت في التعليم الجامعي،وكان لها إبداعات شعرية وكتابات نقدية باللغتين العربية والانجليزية منذ خمسينيات القرن الفارط.وصدر لها أول مجموعة شعرية في عام 1960م تحت عنوان: «العودة من النبع الحالم».ومن أشعارها:المرأة (سيرة ذاتية شعرية)"المرأة هي/سين/سين المجذوبة إلى السماء السابعة؟العائمة بين النجوم/الموزعة أبداً بين الولد والوالد/المعلقة من شعرها إلى شجرة الأم/العاشقة صفير الريح/لقد جاءها الفهد مبشراً:/بك توقف الزمن/تعالى..."وقد ترجمت الأديبة الأكاديمية سلمى الجيوسي عدداً من الكتب الانجليزية في الستينات القرن العشرين وقدمتها للقارئ العربي،كما قدمت للغرب بالانكليزية كتاب "الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث" عام 1977م من دار بريل بلندن ثم ترجم إلى اللغة العربية.ومن الترجمات التي قدمتها للمتلقي باللغة العربية الجزء الأول والجزء الثاني من:"رباعية الإسكندرية" للورنس داريل،و"انجازات الشعر الامريكي في نصف قرن" للوزير بوغان،و"إنسانية الإنسان" لرالف بارتون بارتي في عام 1961م و"الشعر والتجربة"وخلال عملها في مجال الترجمة شعرت الأديبة سلمى الخضراء الجيوسي أن عامة الشعب الغربي ومثقفيه على وجه الخصوص لا يجهلون التاريخ العربي فحسب،بل ليس لديهم احتكاك حيوي بالثقافة العربية،وأن عداء الغرب التاريخي للعرب تحصيل حاصل لهذه التعمية،ولأن الإنسان عدو ما يجهل ففي عام 1980م قررت الأديبة الأكاديمية سلمى الجيوسي توظيف طاقاتها الإبداعية في مسار الفكر والأدب عموماً في مجال الشعر والنقد والتاريخ العربي،والتراث والحضارة العربية،وترجمته إلى اللغة الانكليزية عبر مشروع(بروتا)مشروع ترجمة الأداب العربيةthe project of transltion from Arabic المنشأ عام 1980م لتعرف الغرب بالثقافة العربية وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول تاريخ الأدب العربي،وإيضاح أسبقية الأدب العربي في مجال الإبداع القصصي والروائي ومدى تأثر الشعر الرومانسي الغربي بتجربة الشعر العربي الأندلسي /من خلال موسوعتها التالية:الشعر العربي الحديث ،أدب الجزيرة العربية،الأدب الفلسطيني الحديث،المسرح العربي الحديث والقصة العربية الحديثة.وحررت أيضاً كتاب(تراث اسبانيا المسلمة)وأشرفت على تحرير السيرة الشعبية الشهيرة:(سيف بن ذي يزن)،وحررت في عام 1992م كتاب(الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس)وكذا كتاب(حقوق الإنسان في الفكر العربي:دراسات في النصوص)في عام 2002م.وإلى جانب مشروع "بروتا"،أسست الناقدة الأكاديمية "رابطة الشرق والغرب" في عام 1992م لتعزيز دورها الكبير في ترجمة الإبداع العربي قديمه وحديثه إلى الانجليزية،رغم خيبة أملها من كل المؤسسات الثقافية ووزارات الثقافة العربية تبني مشروعها العظيم.إلا أن إيمانها بالحضارة العربية وشغفها الكبير بالأدب والثقافة العربية وانبهارها بهيبة وعظمة وتفرد المبدعين العرب كلما تبحرت في التراث والتاريخ والآداب العربية،كل هذا جعل من الأديبة سلمى الجيوسي مثقفة ملتزمة بتعريف الغرب بالثقافة العربية التي هي كنز بيد العرب.وللجيوسي آراء في شعر ادونيس وفي شعر محمود درويش ومحمد الماغوط،فقد استغربت أو وقفت عند عنوان ديوان ادونيس (أغاني مهيار الدمشقي)،فمهيار هو ذلك الديلمي المشهورة بالشعوبية،إلا أنها لم تتهم ادونيس بالشعوبية ولا بالسريانية النصرانية،ومحمود درويش في رأيها شاعر عالمي وإنه شاعر الهوية الفلسطينية المتميز،وإنه لا متزلف ولا مساوم،وفي شعره نبرات الحزن والتفجع ونبرات الحنين والأمل،وفي شعره الغضب والانفعال ثم السخرية والترفع عن خطايا عالم لا يرحم،وهو الشاعر الغنائي الأكبر..أما محمد الماغوط شاعر حداثي رغم عدم اطلاعه للنظريات الحداثية الرائجة.. تقول سلمى الجيوسي : كل شيء يُعاني استنفاذ الذات، وأنّ ثمة في الفن ما يسمى الإرهاق الجمالي، وهو إرهاق ضروري لحصول التغيير.. ومن آرائها أنّ الفكر والأدب يتسعان لأشكال مختلفة من التعبير دون رفض شكل ما أو اعتباره قديماً فهي تستنكر رفض القصيدة العمودية، وأضافت : أنّ أصحاب الأيديولوجيات الحديثة، كأي منهج ثوري آخر، قد يتحولون لقوى محافظة تمنع التغيير، عندما يرفضون خصومهم ويرفضون الرأي الآخر.. وترى أنّ الحداثة والمعاصرة لا تتوقف، وترفض التعصب لحداثة ما باعتباره الحداثة المطلقة، وترفض أيضاً التنكر للأصول.ولسلمى الجيوسي شعر كثير محتجب عن القراء بإرادتها، فهي ترى أنّ هنالك أولويات تفرض عليها تكريس النهج والمسار الموسوم بموسوعاتها (موسوعات الجيوسي)، كما أنّ الشعر العربي في الزمن الراهن طفق يسير بخلاف مفهومها للشعر الجيد، بل أنّ الثقافة العربية تشهد هبوطاً متلاحقاً.واستطاعت سلمى الخضراء الجيوسي أنْ يكون لها موطئ قدم وبصمة ودور لا يستهان به في نشر الأدب العربي في العالم الأوروبي، إذ قدمت أكثر من أربعين مجلداً وكتاباً ورواية ودواوين شعر ودراسات موسوعية، فكتابها (موسوعة الدب الفلسطيني المعاصر) الذي تُرجم إلى العربية عام 1997م، والمكوّن من جزئين، الجزء الأول خصصته لنماذج شعرية لـ 65 شاعراً وشاعرة، والجزء الآخر لنماذج من القصة القصيرة ومختارات من نصوص روائية ونماذج من السيرة الذاتية والأدب التسجيلي لـ 26 قاصاً وقاصة ومختارات لـ 8 روائيين وروائيات نال استحسان كثيرين من الأدباء والمثقفين في الساحة العربية كإدوارد سعيد، وفاروق مصطفى وفدوى مالطي وآخرين.وسلمى الخضراء الجيوسي اعتادت على التنقل والترحال، وكشفت لها الأسفار مجال الحياة والعلم فهي مواطنة عالمية بامتياز ومؤلفاتها المختلفة في القضايا العربية والإسلامية أثرت المكتبتين العربية والغربية في آنٍ واحد.
|
ثقافة
هل أثرت سلمى الجيوسي المكتبة الغربية بالآداب العربية؟
أخبار متعلقة